رغم مرور قرن من الزمن على كتابة رواية جورج أورويل الشهيرة 1984 والتي نشرت في العام 1949 وكأن كاتبها مستشرف ومحلق بقلمه في المشهد العربي بل والعالمي ليصف بدقة شديدة وإبداع عبقري واقعنا الصادم وجموح رغبة الإخوة الأعداء في السيطرة المطلقة.
جموح الايجاوية وعنجهيتها ورعونتها والذى يعيد عجلة التاريخ لأزمنة غابرة عبرتها الإنسانية ودفعت أثمانا باهظة لتجاوز تبعاتها المدمرة.
حلم
السلطة المطلقة للأخ الأكبر الذي يسيطر في واقعه الشمولي على كل مصادر المعلومات ولا مجال في فضائه المكبل بالضباب سوى لصوته هو أو للصوت الواحد الذي يردد صدى صوته وما يراه وما يرغبه.
فلا معزوفة تعلو فوق معزوفة الأخ الأكبر وما يفرضه من آراء ومواقف سياسية حتى ولو كانت غير متجانسة،بل و متناقضة ولا تصلح بحال من الأحوال كأساس صلب لبناء رؤية أو إستراتيجية ناجحة في إدارة أزمة أو خوض حرب أو حتى في اختيار عدو وتشكيل خريطة تحالفات.
فحين يتابع الرأي العام العربي المشهد الذي يجمع دولا عربية في اصطفاف إلى جانب حليف لم يكن أبدا حليفا حقيقيا ولديه الكثير من التناقضات الداخلية وعدم انسجام سياساته وخطاباته على مستوى مؤسساته ليظهر مرتبكا وغير قادرا على إدارة ملف أزمة بل تأزيمها بخطابه المزدوج ويجاهر بوجه سافر أن كل ما يريده هو عقود لشركاته بالمليارات ووظائف وظائف وظائف....
ويفرض أجندة التطبيع المجاني والمدفوع الأجر عربيا مع الكيان الإستيطانى بدعوى الاصطفاف الأمني لمحاربة الإرهاب، ذلك المفهوم المطاط وتلك الغابة التي تحجب وحشية نظام الاستيطان وإرهابه وحصاره للفلسطينيين وليدور الجدل حول حركة مقاومة للاحتلال كحركة
حماس؟!.
فحق الشعوب في مقاومة الاحتلال هو حق مشروع ويعترف به القانون الدولي وتحترمه وتجله الشعوب الحرة والتي ناضلت من أجل استقلالها، ولا عجب أن تساند بعض الدول في الغرب ودول امريكا اللاتينية وخاصة تلك التى تجرعت ويلات الاستعمار وتبعاته، هذه الدول تعترف بالحق المشروع فى المقاومة وعدالة القضية
الفلسطينية برغم بعدها الإقليمي واختلاف اللغة وغيرها من العوامل ولكنها تشارك شعوبها في حملات المقاطعة اعترافا منها بالحق الفلسطيني المشروع وحق العودة وحق الفلسطيني العربي في وطن؟!!.
لذلك يتوه المواطن العربي وتصيبه الصدمة ويتساءل عن معاني
الأخوة ومعايير اختيار الصديق، مواصفات العدو وفقا لرؤية ومفاهيم الأخ الأكبر؟!!!.
فات الأخ الأكبر أننا في القرن العشرين وفي فترة تحول تاريخي للعصر التكنولوجي واتساع السماء وتحليق طيور المعلومات في الفضاء الأزرق الذي لا يعترف بحدود ولا مجال فيه لحجب معلومة أو رقابة أو إجحاف ومصادرة للحق الأساسي في الوصول للمعلومات أيا كان نوعها.
يدرك الأخ الأكبر قوة الكلمة وشعاع النور المحمول على نصلها الذي يبدد ظلام الجهل حيث البيئة المناسبة للتضليل والكذب والفبركة الإعلامية.
ومن المخزي حقا وبدون أدنى معايير قانونية أو مهنية أو أخلاقية ما تردد عن تهديدات مروعه وغير مبررة صادرة من مكتب النائب العام الإماراتي بتوقيع عقوبات قاسية وغير معقولة قد تصل إلى السجن 15 عاما وغرامة مالية لا تقل عن 500000 درهم إماراتي.
(163 ألف دولار) على كل من يظهر التعاطف مع دولة قطر نتيجة للإجراءات المجحفة والتعسفية بفرض الحظر الجوي والبري والتي تمثل خرق لكافة القوانين الدولية ومعاهدات التجارة العالمية ومواثيق دول التعاون الخليجي وأيضا تضرب بالحقوق الأساسية إلى كفلها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان كالحق في التنقل عرض الحائط.
تلك التهديدات التي تردد صدورها من مكتب النائب العام الإماراتي والتي تجرم فعليا الحق فى الرأي والتعبير ومصادرة مصادر المعلومات المتعددة والرغبة المطلقة في السيطرة على المجال العام وتلك هي السمة الغالبة على تعاطي الأنظمة الشمولية.
في الوقت الذي تسعى فيه الأطراف الحكيمة لتدارك الأزمة وبجهد مشكور لأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الذي يسعى جاهدا لإخماد نيران الفتنه.
ومن المؤسف والمقلق حقيقة أن تحذو بعض الدول ذات السيادة نفس المسلك وتنطلق برغبة جامحة وبدون معايير وبالمخالفة لكافة القوانين والمعاهدات بل أيضا بالمخالفة لمبادئ التعاقد ولحقوق البث لمصادرة وغلق القنوات والمواقع الإخبارية.
ولقد أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" ما وصفته بــ"هجوم" عدد من الدول العربية على شبكة الجزيرة، وصفتها بضحية للهجمة الدبلوماسية على قطر.
وجاء بيان أصدرته المنظمة إنها لا تملك معلومات عن وضع موظفي الجزيرة في الرياض وما إذا كانوا قد تأثروا جراء التعليمات التي أصدرتها السلطات السعودية للمواطنين القطريين بمغادرة المملكة خلال 144 يوما.
وقالت رئيسة قسم الشرق الأوسط في "مراسلون بلا حدود" ألكساندرا الخازن إن إغلاق مكتب الجزيرة يعد قرارا سياسيا يرقى إلى فرض رقابة على المحطة.
واعتبرت الخازن هذا الإجراء انتهاكا لحرية الإعلام يضاف إلى سجل السعودية البالغ السوء في ما يخص حرية التعبير والإعلام، وحثت الرياض على مراجعة قرارها بإغلاق مكتب الجزيرة والسماح للمحطة بالعمل في البلاد.
كما انتقد بيان المنظمة قرار الأردن إغلاق مكتب الجزيرة وقيام السلطات المصرية بحجب موقع الجزيرة ضمن عشرين موقعا إلكترونيا آخر بتهمة الانحياز لجماعة الإخوان المسلمين.
وأعلن كذلك مركز حماية وحرية الصحفيين عن معارضته لقرار الحكومة إلغاءتراخيص مكتب قناة الجزيرة في الأردن، معرباً عن أمله بأن تتراجع عن هذا القرار وتسمح للقناة بممارسة عملها كالمعتاد.
وقال المركز في بيان صادر عنه "قرار الحكومة بإلغاء تراخيص قناة الجزيرة غير معلل ولا يوضح إن كانت قد ارتكبت أية مخالفات، ولذلك نعتبره تضييقاً على حرية عمل وسائل الإعلام".
وأكد مركز حماية وحرية الصحفيين رفضه زج وسائل الإعلام في أتون التجاذبات والصراعات السياسية مشيرا إلى إن إغلاق مكاتب قناة الجزيرة ومنع مراسليها من ممارسة عملهم في التغطية الإعلامية فيه تجاوز على حق الناس في متابعة ومشاهدة المحتوى الإعلامي الذين يريدونه.
وبين المركز في بيانه "إن سحب تراخيص قناة الجزيرة لن ينهي قدرتها على تغطية ما يحدث في الأردن بعد أن أصبح كل الناس في زمن وسائل التواصل الاجتماعي منتجين ومزودين للمحتوى".
ونوه بأن قرار الحكومة بسحب تراخيص قناة الجزيرة يسهم في تراجع الأردن على مؤشرات حرية الصحافة في العالم.
وكما أدانت منظمة العفو الدولية إجراءات الحصار والمقاطعة ضد دولة قطر والتي كما جاء في بيانها أدت إلى انفصال العائلات بعضها عن بعض وتدمير حياة المواطنين والعملية التعليمية للطلاب ووصفت آثارها بالوحشية خاصة مجتمعيا ووضحت أن سلطة الدولة فى تنظيم وتقييد حركة الهجرة مقيدة بالقانون الدولي ولا يمكن تبرير التقسيم التعسفى للأسر كما أن الخلاف السياسي بين الدول يجب أن يعالج بطريقة تحترم حقوق الإنسان ولا يمكن أن يكون مبررا لتفريق الأسر وقمع حق التعبير السلمي وترك العمال المهاجرين مهجورين ومعرضين للخطر.
ونددت بأنه يجب وقف الإجراءات التعسفية فورا كما جاءت تلك الإجراءات التعسفية ضد شبكة الجزيرة الإخبارية ومصادرة وحجب بعض المواقع الإخبارية واستمرار سياسة الترهيب والتخويف لحجب الحق الأساسي والضمانة القانونية التي توافقت عليها الأمم قانونيا وأخلاقيا وأيضا ما يزيد عن قرن في العام 1948 بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 منه والتي تنص (لكل شخص الحق فى حرية الرأي وحرية التعبير يشتمل هذا الحق على حرية اعتناق الآراء دون مضايقة وطلب وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من خلال أي وسيلة دون تقيد بالحدود الجغرافية).
مبدأ حرية الصحافة مبدأ ملزم أمميا وهو ضمانة حقيقية لنمو المجتمعات واستقرارها وازدهارها ومن غير المقبول اتخاذ قرارت تخلط سياسيا الأوراق وتجحف بالحقوق الأساسية وتلك الضمانات القانونية والتي توافقت عليها الأمم منذ عقود.
ويجب تجنيب القنوات الإخبارية والصحفيين والعاملين فيها من أطقم مساعدة وأسرهم كافة الإجراءات المجحفة ويجب اعتبارهم ليسوا طرفا في أي صراع بل هم يؤدون عملهم ويحرصون على حق الناس في المعرفة والوصول للمعلومة.
وكذلك يجب على القنوات الإخبارية التزام الحيادية والمهنية وأخلاقيات ومبادئ العمل الصحفي والإعلامي والكف عن حملات الفبركة الإعلامية وترويج الشائعات وعدم إثارة النعرات الطائفية والتحريض واستخدام خطابات الكراهية فالحق في المعرفة يتطلب المسؤولية المهنية والأخلاقية تجاه الشعوب وهي قادرة على توفير البيئة المناسبة للتصدي للشائعات ودرء الفتن والخروج من الأزمات الطاحنة والتي تعصف بالمجتمعات جميعها.
كما احترام اختيارات الشعوب وكذلك حقها فى المقاومة المشروعة للاحتلال وإقرار الحق الفلسطينى وعودة القضية الفلسطينية كبوصلة للأمة العربية هو صمام الأمان للأمة العربية.
رفقا بنا في زمن الإخوة الأعداء.