ناقش أندرو إنغلاند في صحيفة "فايننشال تايمز" تداعيات الأزمة الخليجية الحالية، والحصار الذي تفرضه كل من
السعودية والإمارات على دولة
قطر، مشيرا إلى أن أثره يتجاوز التأثيرات المحتملة على الدولة المحاصرة، بل إنه سيطال الخليج العربي كله.
ويشير الكاتب في بداية مقاله إلى ما قاله ولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان، العام الماضي، بأن هناك إمكانية لتحول مجموعة دول
مجلس التعاون الخليجي إلى قوة اقتصادية عالمية، لو قوت الدول الأعضاء فيه عمليات الاندماج، وأضاف: "نريد العمل معا لتحقيق التطور والازدهار".
ويعلق إنغلاند قائلا إنه "بعد سبعة أشهر فإن المجلس، وهو الهيئة الوحيدة الفاعلة في العالم العربي، يواجه خطر التمزق، بعدما قامت السعودية وحلفاؤها بخطوة غير مسبوقة، بفرض حصار على واحدة من الدول الأعضاء، وهي قطر، وقامت مع عدد من الدول العربية، وبينها
الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بقطع علاقاتها مع قطر، في واحدة من الهجمات التي تهدد دعائم الكتلة الخليجية".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "الحصار، وبعيدا عن تأثيره على قطر، التي تعتمد على استيراد البضائع من محلات الجملة ومنتجي الغداء، الذي تقوم الشركات السعودية بنقله عبر البر، وعلى المصارف في دبي، المركز المالي للمنطقة التي يأتي منها المصرفيون لتوقيع صفقات غاز، والشركات الإقليمية التي تشارك في بناء البنية التحتية الضرورية لمباريات كأس العالم لكرة القدم المقرر عقدها في الدوحة عام 2022، فإنه يهدد الجميع".
ويلفت إنغلاند إلى أن مجلس التعاون أنشئ عام 1980 ككتلة خليجية، تضم أيضا عُمان والكويت، من أجل مواجهة التهديد القادم من إيران، أي بعد عامين من الثورة الإسلامية الإيرانية، مشيرا إلى أن التقدم في مجال التعاون كان بطيئا، إلا أن الدخل السنوي لدوله مجتمعة يقدر بـ1.4 تريليون دولار، وبنسبة 36% من احتياطي النفط، ما جعل من كتلة مجلس التعاون الخليجي منبرا نادرا للتعاون في منطقة تعاني من نزاعات وعدم استقرار.
ويذكر الكاتب أنه تم الاتفاق في عام 2003 على توحيد الجمارك، وبعد خمسة أعوام إقامة سوق مشتركة، ما أدى إلى زيادة التعاون التجاري بين دول المجموعة بنسبة 15% كل عام، بحسب تقرير أعدته "إي واي" للاستشارات.
ويبين إنغلاند أنه سمح لسكان الدول الخليجية بحرية الحركة بين الدول الأعضاء، وازدهرت نتيجة لهذا الشركات ومحلات التجزئة الخليجية، وساهمت قطر، التي تعد أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، في مواجهة أزمة نقص الغاز في الإمارات العربية المتحدة، وتحولت منطقة جبل علي إلى أهم منطقة لنقل الغاز القادم من قطر، لافتا إلى أنه حتى آذار/ مارس، فإن المسؤولين كانوا يتحدثون عن شبكة خطوط حديدية تعبر الصحراء، ستكلف 200 مليار دولار.
ويقول الكاتب: "وكما لاحظ محمد بن سلمان، أحد المحرضين على الحصار، فإن منطقة الخليج تواجه رياحا معاكسة، حيث أجبرها تراجع أسعار النفط على تخفيض نفقاتها، والحفر في إيداعاتها من الاحتياطيات الأجنبية، ووقف المشاريع، ويحدث هذا كله في وقت تواجه فيه الملكيات الخليجية ضغوطا اجتماعية، وتحاول فطم مواطنيها عن مساعدات الدولة، وتنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل للسكان الشباب".
وينوه إنغلاند إلى أن الحكومات ردت على التحديات بخطط تنمية طموحة لإقامة صناعات تعتمد على الطاقة، مثل الألمنيوم والبتروكيماويات، ومحاولة خلق مراكز مالية ولوجيستية، وتعزيز قطاع السياحة، مشيرا إلى أنها عادة ما تجد نفسها تتنافس في السوق ذاتها، رغم تحذيرات الاقتصاديين من أن مفتاح النجاح هو زيادة الاندماج.
ويذهب الكاتب إلى أن "الأمر في النهاية يعود إلى دول مجلس التعاون الخليجي لرأب الصدع، وقد قاومت السعودية والإمارات محاولات الولايات المتحدة التدخل، تاركة الكويت للتوسط، ومع أنها نجحت عام 2014، إلا أن الأزمة الحالية هي على مستوى مختلف".
ويختم إنغلاند مقاله بالقول إن "السعودية وحليفاتها أعدت قائمة غريبة من المطالب التي يجب على الدوحة تنفيذها، بما في ذلك دفع تعويضات، وتتهم قطر أعداءها بمحاولة الحد من استقلاليتها، وعليه فإن حلم الاندماج الخليجي يبدو الآن متشرذما أكثر من أي وقت مضى".