(1)
تعطلت العربة، كان لزاما على أحدهم أن يخرج منها ليدفعها، بينما الآخر في الداخل يحاول استثمار الدفعة في إشعال الموتور.
(2)
هذه محدداتي لضرورات الخروج من الوطن.. ليس انفصالا، لكنه تكامل مع محاولات الإصلاح في الداخل، لا تعارض بين الداخل والخارج ما دامت المهمة معروفة، والتواصل مستمر، والهدف متفق عليه، ولا فرق بين من يخرج مضطرا للحصول على رزق يحفظ كرامة بيته، ومن يخرج للقيام بمهمة أو وظيفة عامة، ومن يخرج لاستجلاب خبرة جديدة أو الاطلاع على شأن خارجي، ومن يخرج ليفضح حاكما ظالما قامعا، ويقاوم نظاما فاسداً من دون أن يسقط فريسة سهلة بين أنيابه الباطشة.
(3)
ماذا لو بقينا في زاوية واحدة، ولم نوزع المهام والمسؤوليات والمواقع؟ وماذا لو جهلنا المهمة، وفقدنا التواصل، واختلفنا على الهدف؟
(4)
أعتقد أننا سنكون أمام حلين: إما أن نبقى ساكنين داخل العربة المعطلة.. نستغرق في النصح النظري، ونتبادل الاتهامات، ونفتي في الميكانيكا بغير علم، فتتحول العربة إلى "سفينة حمقى برية"، وإما أن نأخذ طريقنا نحو الانقراض بعد أن تتحول العربة المعطلة إلى تابوت من الصفيح يضم كائنات غاضبة حتى درجة الإحمرار، أو جثث مختنقة قادرة على الكلام.. تطارد كل مظاهر الحياة كمسوخ الزومبي المقرفة.
(5)
لماذا إذن لا نفهم ذلك؟
لأن المجتمع المستلب فقد عقله بعد أن شرب من نهر الجهل المصطنع، لأن المجتمع المستلب صار ضحية مصابة عن عمد بفيروسات الشحن الإعلامي المضَلِّل، لأن المجتمع المستلب نسي هوية أعدائه فبدأ في محاربة نفسه بنفسه، حتى تلذذ الآخ بأكل لحم أخيه حيا وميتاً.
(6)
هل هذا هو قدرنا النهائي؟
وهل هذه الأعراض سرمدية ولن تشفى؟
(7)
بالقطع لا
فقط انظروا للجميل الموجود في ماضيكم، ثم انظروا للجميل المنشود في مستقبلكم، لتدركوا بدون معجزات ولا تضحيات كبيرة، أننا قادرون على الخروج من "سفينة الحمقى" والوصول إلى بر الأمان.
(8)
لن أتوسع في النصائح، لأنني ممن يؤمنون بأن التغيير الحقيقي لا يأتي من علاقة الفم بالأذن، لذلك لا أميل إلى إلقاء المواعظ، ولا أحب ادعاء الحكمة، لكنني أدرك أن الحكمة داخل كل واحد فيكم، والموعظة تعرف صاحبها ولا تأتيه من آخر.
ابحثوا داخلكم عن الحل، وسوف نلتقي على الطريق دون ترتيب، وعندما تضبطني في حالة اختلاف معك، لا ترجمني بحجارتك ولا بكلماتك الغاضبة أو الهازئة، اصمت لحظة، واسأل نفسك عن التكامل لا التشابه..
حينها يمكن أن تستفيد من المختلف عنك، وساعتها يمكن أن تدرك مدى احتياجك له، لأن يملك شيئا آخر يختلف عما لديك.
(9)
أنت لست أنا، وهو ليس هي، ونحن لسنا هم، وهذا سر عظمة الحياة.. سر ثراء الشعوب وقوتها، فلا تمتهنوا التنوع، ولا تحتقروا الاختلاف، فكروا في التكامل وسوف نصير شعبا قادرا على فعل المعجزات، وليس انتظارها من الدجالين وباعة الأوهام.