يؤثر السماح للمرأة بقيادة السيارة في
السعودية على
الاقتصاد السعودي، بشكل كبير، وذلك وفق ما رصدته وكالات اقتصادية كبيرة.
ويعزز قرار السلطات السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارات دور النساء في اقتصاد المملكة التي تتوقع جني مليارات الدولارات جراء هذه الخطوة التاريخية، في وقت تستعد فيه البلاد اقتصاديا لمرحلة ما بعد النفط.
وقرار رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارة، إحدى كبرى الخطوات الإصلاحية في تاريخ المملكة، لا ينحصر برمزيته الاجتماعية فقط عبر وضع
المرأة في مقعد السائق، بل يتعدى ذلك إلى جذب ملايين النساء لسوق العمل.
وفور صدور القرار الملكي قبيل منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، توقع كثيرون بأن تؤثر الخطوة بشكل سلبي على أعمال شركات تأجير السيارات والسائقين، وبينها "كريم" التي تتيح استئجار سيارات مع سائق عبر الهاتف.
إلا أن "كريم" أعلنت على حسابها في "تويتر" أنها تخطط لتوظيف 100 ألف امرأة لقيادة سياراتها بدءا من حزيران/ يونيو 2018، موعد دخول القرار الملكي حيز التنفيذ.
اقرأ أيضا: "قيادة السعوديات" ترفع الطلب على السيارات 25 بالمائة
وقال الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس للشركة عبد الله إلياس في الرياض: "تلقيت رسائل مواساة، وكأن أعمالنا ستتوقف عقب صدور القرار التاريخي، لكنني لا أرى سوى أمور إيجابية".
وأضاف أن "هناك العديد من النساء اللواتي لا يستعن بخدماتنا لأنهن يردن أن تقودهن سيدات. وهذا مسار عمل جديد، وسيؤدي إلى خلق وظائف جديدة، والدخول إلى سوق أكبر، وهو ما يدفعنا إلى الأمل".
ويمثل قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة اختبارا رئيسا لمسار الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي يتبعه ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان ضمن خطة "رؤية 2030" التي اطلقها في 2016.
في مقعد السائق
بالنسبة إلى غراهام غريفيث من مؤسسة "كونترول ريسك" الاستشارية، فإن السماح للنساء بقيادة السيارة "يزيل حاجزا كبيرا يعيق قدرتهن على العمل، كما أنه يخفف من الأعباء المالية على العائلات جراء الاستعانة بخدمات سائقين".
وأضاف أن "النساء اللواتي يبحثن عن وظائف متواضعة سيستفدن من القرار، كما أن أصحاب الأعمال سيحصلون على خدمات نساء متعلمات لم يعملن من قبل بسبب الحظر الذي فرض على قيادتهن السيارة".
كما أنه من المتوقع أن تسهم الخطوة في زيادة مبيعات السيارات، خصوصا في الأشهر المقبلة قبيل بدء فرض الضريبة على القيمة المضافة في الاول من كانون الثاني/ يناير المقبل في السعودية ودول الخليج.
وكتبت شركة "فورد" الأمريكية على حسابها في "تويتر": "أهلا بكن في مقعد السائق".
ويرى مازن السديري الخبير المالي في شركة الراجحي الاستشارية في الرياض، أن "الاستدانة ستزداد، وسيشهد قطاع التأمين نموا، وسترتفع معدلات الاستهلاك بفعل التخلي عن السائقين".
قوة عاملة أكبر
في مقابل ذلك، يخشى أن يفقد آلاف السائقين الآتين من جنوب وجنوب شرق آسيا وظائفهم. لكن الحكومة تأمل من خلال ذلك أن توفر العائلات السعودية مئات ملايين الدولارات مع جلوس المرأة في مقعد السائق.
والخميس نشرت صحيفة "عكاظ" تقريرا نقلا عن الهيئة العامة للإحصاء قالت فيه إن الأسر السعودية تنفق "أكثر من 25 مليار ريال (حوالى 6.7 مليارات دولار) رواتب سنوية على السائقين الأجانب العاملين لديها، الذين وصل عددهم إلى نحو 1.38 مليون سائق".
إلا أن السلطات السعودية تفرض على الإناث الحصول على موافقة ولي أمرهن، الوالد أو الأخ أو الزوج، قبل السماح لهن بالسفر أو الزواج او الدراسة.
ويخشى مراقبون أن ينعكس ذلك سلبا على فرص العمل لدى النساء.
وقالت شركة "كابيتال ريسرتش" الاستشارية، إن نظام ولاية الرجل يمنح الرجل "القدرة على اتخاذ قرارات مهمة بالنيابة عن المرأة"، رغم أن النساء لا يحتجن قانونيا إلى موافقة الرجل للعمل.
ورأت كريستين ديوان الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن السماح للنساء بقيادة السيارة قد يؤدي إلى إنهاء هذا النظام.
وأوضحت أن "التمييز الجنسي مكلف جدا، وفيما تقلل السعودية من ارتهانها للنفط، فإنها تحتاج إلى قوة عاملة أكبر وأكثر فاعلية، تشمل النساء".