بتصويت
الكنيست الإسرائيلي، الثلاثاء، على
"قانون
القدس موحدة"، يكون قد أغلق الباب أمام أي
مفاوضات مستقبلية على
القدس المحتلة، مخترقا بذلك القانون الدولي، الذي ما زال يعتبر القدس الشرقية أرضا
محتلة.
ونص القانون الذي تبناه حزبا الليكود والبيت
اليهودي على أن "أي تنازل عن جزء من أراضي القدس الموحدة، لأي جهة كانت، ولأي
سبب، يحتاج إلى موافقة 80 عضو كنيست إسرائيلي من أصل 120 عضوا"، على عكس
القانون السابق، الذي عرف بأساس القدس، والذي نص على موافقة 61 عضوا على الأقل".
وتعود أصول هذا القانون إلى عام 2007،
عندما طرحه عضو الكنيست في حينه، جدعون ساعر، من حزب الليكود، ووقع عليه العديد من أعضاء
الكنيست من الحزب نفسه، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو، ليعود بدعم من حزب البيت
اليهودي المتطرف.
بينما يدعو رئيس الوزراء الأردني الأسبق،
طاهر المصري، إلى "العودة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى محكمة العدل
الدولية ومنظمة اليونسكو، ورفع قضايا على إسرائيل من خلال عمل عربي مشترك، انطلاقا
من كون القدس تخص كل ديانات العالم".
ويصف المصري هذا القانون
بالخطير، قائلا لـ"
عربي21": "هذا القانون يحيل الأراضي المحتلة إلى
سيادة إسرائيل، إلى جانب ضم أراضٍ جديدة إلى الحدود الرابع من حزيران، إضافة إلى أن
هذا القانون يعني أن إسرائيل غير آبهة في أي وضع دولي وقانوني، وماضية بإلغاء مفهوم
حل الدولتين، وبالتالي ضم الأراضي الفلسطينية المقدسة المحتلة إلى إسرائيل".
ويرى المصري أن هذا القانون يعني أيضا
"التآمر على الأردن بشكل أكثر جدية، خصوصا بعد عقد مؤتمر في إسرائيل مؤخرا
بحضور رسميين ونواب من الأحزاب الحاكمة يقول بأن الأردن هو فلسطين".
الصحفي المقدسي خليل العسلي، يؤكد لـ"
عربي21"، أن هذا
القانون يأتي "لتقييد أي حكومة إسرائيلية بخصوص العملية السلمية، وعلى أرض
الواقع قد يكون بداية لتسريع "أسرلة" القدس، والتي حققت نتائج
كبيرة".
ويرى أن إقرار القانون يأتي أيضا
"لتعزيز تنافس حزبي الليكود وحزب البيت اليهودي على الصوت اليميني في
الانتخابات".
موضحا أن "القانون لا يشمل الأحياء
العربية التي تم استثناؤها، بعد أن رفضت أحزاب اليمين الإسرائيلي اقتراح وزير شؤون
القدس بأن تكون الأحياء العربية جزءا من الفصل عن إسرائيل، وتم الاكتفاء بأنه لن يتم
التنازل عن أي جزء من القدس، ومن بينها الأحياء العربية، إلا إذا حصلوا على أغلبية
في إسرائيل، وهذا غير ممكن".
ويصف العسلي واقع المواطن المقدسي أمام جملة
التضييقات والتشريعات الإسرائيلية، ويقول: "المقدسي أمام قرارات يجب أن يتخذها
بنفسه؛ من أجل البقاء والصمود، في ظل غياب قيادة مقدسية وقيادة فلسطينية واعية، من أبرزها
الخيار الأصعب، وهو التقدم بطلبات الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وأصبح التقدم
بطلب الحصول على الجنسية الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة أمرا مستحيلا، إذ يبدو أن
إسرائيل اكتفت بطلبات التقدم بالحصول على الجنسية".
أما بخصوص المقدسيين من حملة الجوازات
الأردنية المؤقتة، فيبين العسلي أنهم في وضع أصعب، يقبعون بين المطرقة والسندان،
يقول: "حملة الجوازات الأردنية يعاملون كالغرباء من طرف الاحتلال والأردن، ويقعون
تحت المطرقة والسندان، على الأردن تعزيز بقائهم في القدس؛ من خلال خطوات بسيطة جدا،
أهمها استثناء سكان القدس من قرار فك الارتباط، هذا سيعزز صمودهم، ويضع إسرائيل
أمام دوامة قانونية كبيرة؛ كون هنالك اتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل، التي عليها
أن تحترم مواطني الدولة الأخرى".
وقامت الحكومة الأردنية عام 1988 بإقرار
تعليمات فك الارتباط القانوني والإداري عن مدينة القدس، التي كانت جزءا من الأراضي الأردنية قبل احتلالها عام 1967، لتبقى
المقدسات الإسلامية والمسيحية تابعة قانونيا للمملكة، ومنصوص على ذلك في المادة
التاسعة من اتفاقية السلام.
من جهته، يعتبر النائب في البرلمان الأردني،
خليل عطية، في حديث لـ"عربي21"، أن "هذا القانون يأتي امتدادا
لقرار الرئيس الأمريكي ترامب، المنحاز للعدو الصهيوني".
قائلا إن "إسرائيل لا تملك أي صلاحية
قانونية لسن أي تشريع يتعلق بالقدس أو أي منطقة أخرى محتلة، كون الأراضي المحتلة
تخضع للقانون الدولي وليس القانون المحلي لدولة الاحتلال، إذ يخالف هذا التشريع
القرارات الدولية للأمم المتحدة، التي تعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة".
ويخالف هذا القانون جملة من القرارات
للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اعتبرت القدس الشرقية منطقة محتلة، ومن أبرز
القرارات التي يخالفها قانون "القدس الموحدة" قرار الجمعية العامة لعام 1980، التي رفضت قرار
إسرائيل بضم القدس، وإعلانها عاصمة لها، وتغيير طابعها المادي وتكوينها الديمغرافي
وهيكلها المؤسسي ومركزها، واعتبرت كل هذه التدابير والآثار المترتبة عليها باطلة
أصلا، وطلبت إلغاءها فورا".
وحول تأثير القانون على الوصاية الهاشمية
على المقدسات، يرى رئيس ملتقى القدس الثقافي، د.إسحاق الفرحان، أن "الوصاية
الهاشمية يجب ألّا تتزعزع، حتى لو أدى ذلك لقطع العلاقات مع الولايات المتحدة، كون
هذه القرارات تتخذ بحق دولة تقع تحت الاحتلال".
داعيا في حديث لـ"
عربي21"،
"لإبقاء شعلة الاحتجاجات في الشارع الأردني والعربي متقدة".
بدورها، أدانت الحكومة الأردنية، الثلاثاء،
إقرار الكنيست لقانون "القدس الموحدة"، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام
الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، إن "القدس الشرقية هي جزء من الأراضي
المحتلة عام 1967، كما أن القدس هي إحدى قضايا الوضع النهائي، التي يُحسم مصيرها عن
طريق المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ووفقا للقوانين الدولية ذات
الصلة".
مشددا أن "جميع الخطوات الأحادية
الجانب التي تهدف لفرض حقائق جديدة أو لتغيير وضع القدس باطلة ولاغية بموجب القانون
الدولي، بما فيها ما يُسمى "قانون أساس القدس" الذي تم التصويت لصالح
تعديله".