نشرت شبكة التلفزة الأمريكية "CNN"
تفاصيل مقابلة مع مسؤول رفيع وشخصية شكلت الهيكل العظمي لتنظيم الدولة بالعراق، بحسب وصفها.
وقالت الشبكة إن "الوزير السابق"
بتنظيم الدولة، وهو
طبيب بالأصل يدعى كفاح بشير حسين، كان شخصية "ذكية تختبئ في
الظلمة، وساعد في إنعاش داعش وتحوله خلال السنوات الأخيرة".
ويقبع حسين، وهو عراقي من
تلعفر، في سجن تركي، بعد قيام السلطات بإلقاء
القبض عليه بانتظار بدء محاكمته في تهم لم تعلن بعد.
ولفتت الشبكة إلى أن حسين "الوزير السابق" عمل سابقا طبيبا
متدربا لعلاج الروماتيزم، وخدم لدى
تنظيم الدولة وتشكيلاته قرابة عقد ونصف، وكان
معظم الوقت مخفيا عن أعين الاستخبارات والجيش الأمريكي والحكومة
العراقية.
وأشارت إلى أن أصدقاء حسين السابقين
في تلعفر، الذين أخفوا هوياتهم؛ خوفا على حياتهم من أتباعه غير المعروفين، يصفونه بأنه كان
"ذكيا" و"طموحا" خلال فترة مراهقته.
وكان عائلة حسين تعتنق المذهب الشيعي، لكنها
تحولت إلى السني في السبعينيات وبعد غزو العراق عام 2003 من قبل الأمريكان، وقبلها
احتلال أفغانستان، فبدأت عملية التحول، وازداد غضبه.
ونقلت الشبكة عن أحد جيرانه أن "العائلة
بأسرها كان لها رد فعل عنيف"، مضيفا أنه "وعند قدومهم إلى تلعفر، كان
كفاح جزءا من أول مجموعة حاربت الأمريكيين، منزلهم كان من أول المنازل التي
استخدمت للتخطيط للعمليات ضد الأمريكيين".
ويقول حسين إنه انضم إلى مجموعة "التوحيد
والجهاد" عام 2004، المجموعة التي قادها أبو مصعب الزرقاوي، التي سبقت
بأيدولوجيتها تنظيم القاعدة في العراق، وتبنّى حسين الأيدولوجية التي مثّلها
الزرقاوي.
ويروي حسين: "لقد شهدنا العديد من الأمور
التي حصلت أمام أعيننا، عمليات الاغتصاب والقتل والفساد وسرقة الأمريكيين للأموال".
ويقول إنه ساعد المجموعة الجهادية من خلال
إدارة خدماتها الطبية، وكان دورا سيحمل أهمية أفضل على مر عقد قادم من الزمن في
العراق وسوريا، في وقت تحولت فيه حركة "التوحيد والجهاد" تدريجيا إلى
ما يسمى "الدولة الإسلامية".
وخلال فترة قتال العشائر الموالية للحكومة مع
تنظيم القاعدة بالعراق بين 2007-2008، قال حسين إنها كانت المرة الأولى التي واجه
بها السلطات، حيث احتجز بالموصل، واتهم بارتباطه بتنظيم القاعدة، لكن أفرج عنه بعد
حكم قصير بالسجن، ولم يلتق معاملة سيئة.
وأضاف: "في ذلك الوقت، كانت لدي مشاكل أمنية، لكنهم لم يعلموا أي شيء عنّي، كما أني غيرت عنواني،" وعندما سئل فيما لو احتجز
من قبل السلطات الأمريكية، أجاب قائلا: "هذا ممكن".
ودفع تصاعد بوجود القوات الأمريكية لارتفاع
نشاط المقاتلين إلى نزول "داعش" إلى العالم السفلي، وواصل حسين عمله طبيبا في مستشفى "ابن سينا" بالموصل، ووصفه أحد الأطباء الذين عملوا معه
بأنه كان شخصية "غريبة" و"منعزلا".
وأوضح حسين أنه خرج من الظلام عام 2014 في أحداث الموصل، وقال: "لم نكن خلايا نائمة، لكننا لن نشارك في المعارك؛ لأسباب أمنية".
ورى أحد الأطباء الذين عملوا مع حسين في مستشفى
الموصل قوله إن هروب أي طبيب يعني إعدامه.
ويقول أحد الأطباء إن حسين أشرف على واحدة من
أكثر عمليات التنظيم رعبا، ومنها رفع مخزون بنك الدم عبر سحبه من الأشخاص الذين
يعدمهم التنظيم، وفي بعض الحالات كانت تؤخذ الكلى، وهي شهادات رواها أشخاص وقعوا تحت
قبضة التنظيم.
وأشار إلى أن سحب الدم من المعتقلين كان يتم
على مدى أسابيع قبل الإعدام؛ لإضعافهم، وتقليل عصيانهم. أما الكلى، فكانت تباع.
وتنقل الشبكة شهادات عن مقربين من حسين بشأن
هروب زوجته الأولى بعد سقوط الموصل إلى بغداد، وتهديدها عبر رسائل متواصلة، أوصلها
أحد معارفه، ثم ارتباطه بزوجة ثانية كانت ابنة مسؤول في التنظيم، وكانت طبيبة بسلطة
واسعة وبارزة بين كوادر "الدولة".
وأشاروا إلى أن زوجة حسين الثانية كانت من
بين المجموعة الرئيسية التي أحيلت إليها مهمة معالجة قائد التنظيم أبي بكر البغدادي
بعد إصابته عام 2015.
ورغم تأكيد حسين لزواجه ولإنجابه أطفالا، إلا
أنه رفض التعليق حول أي أسئلة مفصّلة تتعلق بعائلته، مجيبا فقط: "إنهم
موجودون".
ويقول هشام الهاشمي، وهو خبير في التنظيم، إن
حسين لم يملك رابطا مباشرا مع البغدادي، إلا أن زوجته الثانية كانت تملك ذلك،
مضيفا: "لكن الأشخاص مثله، أطلق عليهم لقب الصندوق الأسود لداعش؛ لأنهم
يملكون روابط للرابط الرئيسي وللقائد الأعلى، قد لا يملكون رابطا مباشرا، لكنه
يملك معلومات مهمة، وهم متدربون على القتل مقابل عدم الاعتراف بكل ما يعرفونه".
وأضاف الهاشمي قوله: "هؤلاء الأفراد
أساسيون لثلاثة أسباب: هم ليسوا مدرجين على أي قائمة لمراقبة الإرهابيين، يملكون
كاريزما وقدرة على اجتذاب الناس، ولديهم إخلاص كامل لمبادئ الخلافة".
ويقول طبيب من دير الزور إنه التقى بحسين في
أواخر ربيع عام 2016، إن حسينا ترأس لجنة اختيرت من قبل البغدادي، كانت مسؤولة عن
بناء مستشفى في قرية صغيرة في منطقة كسرة السورية بين الرقة، التي تمركز فيها
التنظيم، ودير الزور، مضيفا: "أعتقد بأنهم اختاروا الكسرة لأنهم أرادوا
الحصول على القدرة الاستيعابية لتلقي الأعضاء البارزين بتنظيم "داعش"
لعلاجهم".
ولفتت "سي أن أن" إلى أن حسين وخلال المقابلة كان حذرا في الإجابات، ولم
يرغب في كشف معلومات، لكنه أراد الظهور بشكل متعاون، واعتذر عن بعض الأسئلة، وقال: "كما تعلمون، يجب أن أخضع لمحاكمة".
وتولى حسين منصب وزير الصحة بالتنظيم بعد مقتل الوزير السابق في تفجير
بالموصل، وقام بتغيير مركز عملياته إلى سوريا بعد خسارة الموصل، وتنقل بين الرقة
ودير الزور، وقال: "لم نخدم العناصر وحدهم، بل قدمنا
خدمات للمدنيين أيضا، ولأولئك الفقراء في تلك المناطق".
ولم يبد أسفه على إيمانه بمعتقدات الزرقاوي أو النسخة العنيفة للتنظيم، لكنه أكد أنه خرج من التنظيم لانحرافه عن الدرب الصحيح، وأضاف: "إنها الطريقة الصحيحة لطلب الناس الالتزام بالشريعة، وبالطبع
أؤمن بها، حصلت العديد من الأمور التي غيّرت مسار الخليفة عن الدرب الصحيح".
وقال حسين إنه وبعد شهر من بقائه بسوريا، حصّل
هوية لاجئ سوري، لكنه أوقف في نقطة تفتيش بطريقه إلى إسطنبول، وإلى جانبه كان
هنالك عراقي آخر تعرّفت إليه السلطات التركية بأنه كان تحت سلطته، وفي اليوم ذاته،
تعرّفت السلطات التركية على أكثر من ستة أعضاء من تنظيم "داعش"، من بينهم
هولندي وبريطانيين كانا على لائحة الإنذار الأحمر، التي يطلب على أساسها إصدار
مذكرة اعتقال دولية.
ويقول حسين إنه لم يتوقع أن يخسر التنظيم
"خلافته"، مضيفا: "لقد هزمنا عسكريا، لكن هذا يعني أنه لا وجود
لأعلام أو مبان يمكنهم المطالبة بها لأنفسهم.. لكن نحن في كل أرجاء العراق
وسوريا".