هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشهد الملف الليبي الآن حراكا واسعا، داخليا ودوليا للبحث عن بديل للواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، بعد أنباء عن تدهور صحة الأخير واستحالة عودته لمهامه العسكرية.
ومنذ غياب حفتر، طُرحت عدة أسماء من قيادات قواته كبديل له، ومن بين هذه الأسماء، اللواء عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليات "الكرامة"، واليد اليمنى لحفتر، والذي رافقه خلال رحلة مرضه إلى باريس.
مدعوم دوليا وإقليميا
ونقلت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، عن مصدر فرنسي قريب من الملف الليبي لم تسمه، أن "الحاسي من الشخصيات الأكثر تفضيلا، وأنه يحظى بموافقة عدة أطراف داخلية وإقليمية، باعتباره الذراع اليمنى لحفتر، وكونه شريك فاعل في مكافحة الإرهاب"، كما ذكرت.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: هل انتهى حفتر وبدأ التصدع بجيشه الوطني؟
وذكرت "إذاعة فرنسا الدولية"، أن "باريس تسعى للتأثير في عملية خلافة حفتر عبر تعيين شخصية مقربة منه، فيما ترغب الإمارات بزيادة نفوذها في ليبيا بعد استثمارات ضخمة في دعم "حفتر"، أما مصر فهي تسعى إلى تأمين نفوذها هناك وتتصرف وفقا لذلك"، بحسب الإذاعة.
والسؤال: هل يستطيع "الحاسي" خلافة حفتر في قيادة قواته وإرضاء حلفائه؟
"مرشح مصري"
من جهته، قال مدير منظمة "تبادل" الليبية المستقلة، إبراهيم الأصيفر، إن "اللواء الحاسي قريب جدا من القيادة السياسية والعسكرية في مصر، وتربطه علاقة قوية بالقاهرة حتى قبل الثورة الليبية بل كان هو حلقة الوصل بين "حفتر" ومصر"، حسب قوله.
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "مصر ستضغط ليكون الحاسي بديلا لحفتر بعد تأكد إصابة الأخير بسرطان الرئة، كونه عسكريا غير "مؤدلج" فكريا وليس له عداء مع الإخوان كما يشاع، بالعكس كان يوما قريبا منهم، ويظل هو البديل الأفضل لمصر"، وفق تقديراته.
"عدو الإخوان"
لكن الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة، أشار من جهته إلى أن "ترشيح الحاسي لخلافة حفتر له عدة أسباب، منها: العداء مع الإخوان، وقبول الغرب به وكونه حلا وسطا بين القبائل الليبية".
وأضاف خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الغرب الليبي لن يمانع أيضا التعاون والتواصل مع الحاسي، باعتباره حلا مقبولا لإزاحة "حفتر" الذي يعاني من مشاكل صحية معقدة تمنعه من ممارسه مهامه ولو كان علي كرسي متحرك مثل "بوتفليقة"، حسب تعبيره.
"حفتر سيعود"
الكاتب والأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، أكد أن "الجيش" الحالي أظهر انضباطا واضحا حتى في ظل غياب "المشير" للعلاج وبالتالي أصبح مؤسسة يمكن الاعتماد عليها، بفضل الله ثم "المشير حفتر"، حسب كلامه.
وأشار إلى أن "موضوع ورثة "المشير" وهو لا يزال حيا أمر غير أخلاقي تروج له جماعات الإسلام السياسي التي أقامت جنازة للمشير حيا في تصرف لا يعبر إلا عن شماتة وفجور في الخصومة".
وتابع: "وبخصوص اللواء الحاسي فهو رجل عسكري متميز ويعتبر شخصية قيادية يمكن التعويل عليها، ولا علاقة للأمر بدرجة العداوة أو الحب لتنظيم الإخوان"، كما قال.
"قائد عام توافقي"
وقال المدون والناشط الليبي، فرج فركاش، إنه "بحكم معطيات استحالة رجوع "حفتر" إلى القيادة العامة، فهذه فرصة للقادة السياسيين لتوحيد المؤسسات السياسية والأمنية، وأن يكون القائد العام القادم توافقيا يحظى برضا معظم الأطراف السياسية وضباط المؤسسة العسكرية".
وتابع: "نتمنى أن يصب لقاء رئيس البرلمان ورئيس مجلس الدولة، في هذا الاتجاه، وأن يخرجوا برؤية موحدة ترفض أي إملاءات خارجية سواء كانت إقليمية أو غربية"، وفق قوله لـ"عربي21".
"صراع قبلي"
ورأى المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "حفتر انتهى هو ومشروعه العسكري، وأن الصراع القبلي سيهدد مشروع "الكرامة"، ولا أرى مخرجا لهم من شدة وطأة التركة التي خلفها "حفتر" من استعباد للقبائل وقتل مشايخهم وأبنائهم"، وفق وصفه.
وبخصوص شخصية الحاسي كبديل لحفتر، قال كعبار لـ"عربي21": "عبد السلام الحاسي عسكري مخضرم وسهل الانقياد، وعليه فإن إصرار مصر عليه واضح، ولكنه ليس بقوة شخصية "حفتر" ولن تسمح باقي القبائل بأن تحكم من قِبله وخاصة قبيلة "الفرجان"، كما ذكر.
اقرأ أيضا: "ميدل إيست آي" تكشف طبيعة ما يعانيه دماغ حفتر صحيا
من هو الحاسي؟
ضابط من مواليد الشرق الليبي، عام 1943، ومن المنشقين عن نظام القذافي خلال اندلاع ثورة شباط/ فبراير 2011، وساهم في العمليات العسكرية ضد القذافي.
وهو من أهم القيادات العسكرية المقربة من الجنرال حفتر، والذي شاركه في إطلاق عملية "الكرامة" في 16 مايو/أيار 2014، وكُلف وقتها آمرا لغرفة عمليات "عمر المختار" في الجبل الأخضر، ثم رقاه حفتر لرتبة "لواء" وعينه قائد غرفة عمليات الكرامة بنغازي.
وبعد تشكيل حكومة الوفاق الليبية، رفض الحاسي تولي منصب وزير الدفاع في الحكومة كما طلب منه ذلك المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا برناندينو ليون، وذلك لتأكيد وفائه لحفتر.
ويحظى الحاسي بقبول وتوافق بين عسكري الشرق الليبي وكذلك القبائل الكبرى هناك، ومعروف بعلاقاته القوية مع مصر وفرنسا، وهو الضابط الليبي الوحيد الذي استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التاسع من أبريل/نيسان 2018 في قصر الإليزيه.