فجر اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، أزمة
من بين المسكوت عنها في
مصر، مؤكدا رصد 35 قناة فضائية تبث إعلانات مضللة بالبلاد عن
منتجات مجهولة المصدر من
سلوفينيا.
وتنشر عشرات
الفضائيات مجهولة المصدر إعلانات بشكل
مكثف عن منشطات جنسية تساعد على الفحولة وإطالة فترة الجماع، ووسائل تكبير وتضخيم العضو
الذكري وحجم الثدي، والتخسيس والأجهزة التعويضية والأدوات الرياضية وإعلانات الدجل
والشعوذة؛ ويصاحب ذلك مشاهد جنسية ويتخللها عري ورقص وألفاظ وتعبيرات مسيئة وغير مناسبة
للأسرة وتستخدم المرأة بشكل مسيء.
وتقدم تلك الفضائيات الأفلام والموسيقى والرقص .
فيما تقوم قنوات أخرى بالترويج لأعمال الدجل والشعوذة
مثل رد المطلقة وجلب الحبيب وزيادة الرزق، والقضاء على الترهلات وشد البطن والعضلات،
وعرض مستحضرات التجميل، والتغذية، وعلاج الضغط، والسكر؛ والمثير أن تلك القنوات تضع
صوت أحد القراء المشهورين للقرآن الكريم.
وفي تصريح صحفي سابق أكد المستشار الإعلامي لشركة
"نايل سات" محمد سميح، أن تلك القنوات لا تبث من "نايل سات" ولا
المنطقة الإعلامية الحرة، وإنما عبر القمر الفرنسي "يوتل سات".
وعبر الفضائيات المصرية التي تبث من مدينة الإنتاج
الإعلامي، تظهر من آن لآخر إعلانات جنسية مثل الإعلان الشهير بـ"محمود إيه ده
يا محمود".
وأجرى مدير مركز الرأي العام بجامعة عين شمس الدكتور
فتحي الشرقاوي، دراسة ميدانية حول تأثير الإعلانات الجنسية على الأطفال، وأكدت الدراسة
أن معظم الأطفال لم يفهموا الإعلان وسألوا آباءهم وأصدقاءهم الذين قدموا لهم معلومات
جنسية صريحة تشجع على الانحراف، وحذرت الدراسة من أن تتحول الإعلانات الجنسية للترويج
للانفتاح الجنسي.
وحول الدراسات حول حجم ما تدره هذه الإعلانات من أموال،
أكدت أستاذ العلاقات العامة والإعلان بجامعة القاهرة، الدكتورة حنان جنيد، أنه
"ليس هناك دراسات حول أرباح هذه الإعلانات، ولكنها تقاس بنسب المشاهدة؛ وهي عملية
تعود للشركات المروجة لتلك المنتجات حيث تقوم بالتحكم بها وتضخيمها".
جنيد قالت لـ"
عربي21"، إن "نسب مشاهدة
تلك الإعلانات بين 50 إلى 60 بالمئة، مع تفاوت
الأعمار"، مؤكدة أنها "نسب عالية جدا"، وموضحة أن "كل تلك الإحصائيات
غير موثوقة بل إنها مضللة حيث إن من يقوم بها شركات تابعة للشركات المنتجة وتقوم القنوات
المعلنة ذاتها بتقديم تلك الإحصائيات"، مشيرة إلى أن ذلك يعد تلاعبا بالحقيقة،
ولا توجد دولة بالعالم تتمتع بمصداقية في تلك الإحصائيات، وفي مصر لم تجر دراسة على
95 مليون مشاهد مصري لأنها تحتاج أموال ومؤسسات رسمية".
وأوضحت أنه "للأسف معظم تلك المنتجات مجهولة المصدر، بدليل أن هناك دراسة تمت عن منتج من المنتجات الجنسية الخاصة بالذكورة (مرهم) وبتتبع
وجوده في الأماكن والصيدليات والأرقام المعلن عنها لم نجد له وجودا".
وأشارت إلى أن الدراسات أكدت أن "الكارثة تكمن
بداية في طريقة حصول الشركات على تصريح عرض منتجاتها"، موضحة أنها "تتم عن
طريق موظفي الصحة بطريقة سهلة للغاية، ودون أية إجراءات للمراقبة والمتابعة والفحص، حيث
لا قوانين تطبق ولا تشريعات تراعى ولا هيئة تحكم مصداقية المعلومة ولا تستدل على حقيقة
المنتح"، مضيفة أنهم "بهذا التصريح يعطون تلك الشركات التي وصفتها بمنتجي
(بير السلم) بابا مفتوحا لخداع المشاهدين".
وحول التأثيرات السلبية لتلك الإعلانات، قالت الأكاديمية
المصرية، إنها "تحرك وتهيج مشاعر صغار السن، وتبيع الوهم وتقوم بالغش والتضليل
واستثارة رغبات بغير موضعها، ورفع تطلعات الناس عبر إعلان مضلل يحقق لهم إشباعا زائفا
ويمنع المرضى من العلاج الطبي الموثوق"، مؤكدة أن "الدراسات أثبتت أن معظم
تلك المنتجات تؤدي لإدمانها".
من جانبها، قالت أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتورة
فاطمة الزهراء السيد: "بكل أسف ليس هناك أية دراسات علمية تناولت هذه الظاهرة
المسيئة، برغم كونها خارجة عن كل سياق أخلاقي للمجتمع"، مؤكدة أن "المشكلة
ليست في الدراسات؛ لأنها حتى وإن وجدت فلا أحد يهتم بها من المسؤولين".
الأكاديمية المصرية، أضافت
لـ"
عربي21"، أن "هذه المشكلة رقابية وتشريعية في المقام الأول"،
موضحة أن "القوانين التي تحظر نشر مثل هذه الإعلانات موجودة ولكن لا يتم تفعيلها،
ولا أعتقد أن المسؤولين غافلين عن ذلك"، مؤكدة أنه "بكل أسف نحن نعيش في
حقبة يتعطل فيها القانون عن كل ما يضر المجتمع، بينما يتم الإسراع بسن قوانين تساهم
في خرابه".
وحول دور أجهزة الرقابة في منع تلك الإعلانات، قالت
السيد: "أثبتت التجارب أن مجلس الشعب الحالي لا يعكس احتياجات المواطنين ولا يعد
تمثيلا لآمال وتطلعات الشعب الحقيقية، وعليه فليس متوقعا أن تكون له كلمة تحد من
تأثير هذه الظاهرة الخطيرة".
وفي تعليقه على الظاهرة، قال أستاذ الإعلام بجامعة
حلوان الدكتور عماد جابر، إن الدراسات الإعلامية الأكاديمية حول هذا الوباء المسرطن
دراسات لا حصر لها، المشكلة أن هذه الدراسات عشعشت عليها العناكب على أرفف المكتبات.
وأشار إلى دور تقارير جمعية حماية المشاهدين والمستمعين
ربع السنوية عن الإعلام، منتقدا عدم الاهتمام بتلك التقارير، ومؤكدا "لو أن هناك
جهات رشيدة تقرأ وتحلل هذه التقارير، لكان إعلامنا بحال ووضعية غير هذه الردة الحضارية
التي سقط واستكان إليها".