هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صيحفة "التايمز" مقالا لمحررها الدبلوماسي روجر بويز، يقول فيه إن الرئيس التركي سيستخدم اختفاء جمال خاشقجي لتعزيز نفوذه الجيوسياسي.
ويقول بويز في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية على وشك أن تنشر نصف حقيقة للعالم؛ وهي أن الصحافي الناقد جمال خاشقجي قتل "خطأ" خلال محاولة إقناعه بالعودة إلى السعودية.
ويعلق الكاتب قائلا إن "تركيا تعرف أن هذه ليست القصة كاملة وتواجه مأزقا، فهل تقوم بتحقيق كامل في الجريمة التي وقعت على أراضيها، أم تلفق لتكسب جائزة استراتيجية، فهل تشتري كذبة تبقي على العلاقة الأمريكية السعودية على قيد الحياة؟".
ويشير بويز إلى أن "كل عملية قتل تحتاج إلى جثة، وكل فريق قتل يحتاج إلى تسلسل في إعطاء الأوامر، وخلف كل عنف سياسي هناك حسابات سياسية، وقد رأى مسؤول كبير بعض الأدلة التي جمعت، ويعلم أنه لا خطأ فيما حدث في اسطنبول، والمعلومات الاستخباراتية الحساسة تأتي من اتصالات تم رصدها في تركيا".
ويقول الكاتب: "قال لي ذلك المسؤول: (عندما وصلت الطائرتان، إحداهما من مصر والأخرى من الرياض، استخدم المسافرون فيها هواتف مشفرة للتحدث معا لمناقشة ما قدموا ليفعلوه)".
ويلفت بويز إلى أن "السعوديين حاولوا خلال تلك الفترة كلها شراء الوقت، وقيل لي: (أولا، طالبوا بقائمة الأشخاص والأشياء التي نريد أن نفحصها) وماطلوا عندما علموا أن الأتراك يريدون فحص سيارات القنصلية، و(قال القنصل إنه لا يفهم لماذا لا نكتفي بالحديث معه بينما نتناول الشاي)، وأحد أسباب التلكؤ أصبح واضحا في الأمس: حيث وجدت فرق التحقيق الجنائي في البناية رقعا مطلية حديثا من جدران الغرف".
ويبين الكاتب أن "الافتراض الساخر هو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيضع قريبا قيودا على التحقيق، ولا يسمح له بالذهاب قريبا من توريط ولي العهد محمد بن سلمان، هناك خلافات كثيرة بين تركيا والقيادة السعودية: فالسعوديون لا يحبون دعم أردوغان للإخوان، ولا قرب تركيا من قطر، (التي عرضت استثمار 15 مليار دولار في تركيا، وقدمت طائرة رئاسية بقيمة 500 مليار دولار)".
ويستدرك بويز قائلا: "سيكون متماشيا مع ميل إردوغان لخلق ثقل سياسي لتركيا أن يبقي سيطرة كبيرة على التحقيق لتشجيع جمع الأدلة، لكن دون استنتاج من هو الذي يقف خلف ما حدث، وحقيقة أنه سمح للسعوديين بأن يشاركوا في فرق التحقيق كان بالنسبة للعديد من الناقدين بأنه إيذان بعملية تغطية، فالسعودية هي المشتبه به الرئيسي في القضية، وكان على تركيا طلب مساعدة من مكان آخر".
ويقول الكاتب: "إن انتهى الأمر بالأتراك لأن يقبلوا بالكذبة، فقد تظهر أمريكا شكرها لذلك بإيقاف دعمها للوحدات الكردية في سوريا، وبدأت نغمة العلاقات بالتغير الأسبوع الماضي، بعد أن قامت محكمة تركية بإخلاء سبيل القس الأمريكي، الذي كان مسجونا على مدى عامين بتهم الإرهاب، وكان ذلك هدية لإدارة ترامب، خاصة لنائبه الإنجيلي مايك بنس قبل الانتخابات النصفية الشهر القادم".
ويضيف بويز: "يبدو أن أردوغان يريد أن يقدم نفسه على أنه حليف للناتو يعتمد عليه، أما بالنسبة لمحمد بن سلمان، المعروف في الغرب بالمختصر (أم بي أس)، فبإمكانه مكافأة تركيا بمساعدة اقتصادها إن هي تماشت مع رواية (الموت غير المقصود)، وسيكون الناتو قد ارتاح لأن الجبهة في مواجهة إيران بقيت سليمة، والإمدادات النفطية السعودية يمكن ضمانها، ويمكن لأصحاب سياسة الواقع أن يفرحوا".
ويجد الكاتب أن "ما يدعم فكرة أن تركيا ستوافق في النهاية على دفن الظروف الحقيقية المحيطة بموت خاشقجي هو عدم تقييم أردوغان بشكل صحيح، ففي اجتماع (لحزبه) هذا الأسبوع أعلن مرة أخرى بأن هدفه هو أن تصبح تركيا قائدة للإسلام المعتدل، فهو يستطيع أن يشم رائحة ضعف في العلاقات الأمريكية السعودية، ولا يتعلق الأمر بمبالغة السعوديين في تقديرهم لقوتهم تجاه إدارة ترامب بخصوص النفط والسلاح، أو دورهم الواضح في الوقوف في وجه إيران، إن الأمر ببساطة هو أن: السعودية جزء ضروري من المحور فقط عندما تكون مستقرة، ويستمر استقرارها في العقودة القادمة".
ويؤكد بويز أن "(أم بي أس) بمغامراته، وسوء قيادته لحرب اليمن، وعجزه عن ترضية معارضي خططة التحديثية أو التفوق عليهم، يجعله أكثر عرضة للفشل مما يدعي المتوددون له".
وينوه الكاتب إلى أن "هناك فكرة جيدة عن الخلفية السياسية لاختفاء خاشقجي والمقتل المفترض له لدى من هم حول أردوغان، ويعتقدون أن (أم بي أس) كان قلقا من نية مؤيد للإخوان المسلمين استخدام تركيا قاعدة لتقييم ونقد تصرفات الحكومة السعودية، ولا شيء يخيف (أم بي أس) أكثر مما سماه صمويل هنتنغتون بـ(مأزق الملك)، وهو: الخطر الذي ينتظر الحكام المستبدين الذين يخففون من قبضتهم ويرفعون من توقعات تغيير سريع، وكان الإعدام مصير لويس السادس عشر بسبب إصلاحاته المتواضعة".
ويقول بويز إن "هناك أعداء ومن يتمنون السوء لـ(أم بي أس) من الطبقة الحاكمة، وهذا ما وصل أردوغان الذي يرى أن في عملية اسطنبول إهانة شخصية له".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الرئيس التركي لعب لعبة ذكية خلال تفاوضه على اتفاق هجرة مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، وقد يعتقد أن التحقيق في قضية خاشقجي فرصة لتوسيع نفوذه الجيوسياسي، ويريد أن يفعل ذلك دون توسل إلى (أم بي أس) ولا إلى أمريكا، ولنأمل ألا تصبح الحقيقة حول الصحافي السعودي المأسوف عليه ضحية لتصادم غرور الأوتوقراطيين ولعبهم السياسية".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا