هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعتمد إيران على رجال دين شيعة بارزين في سوريا، لتنفيذ أجنداتها السياسية والاجتماعية، لإحداث تغييرات ديمغرافية تخدم طموحاتها في البلد الذي تمزقه الحرب.
وتدعم إيران شخصيات ومؤسسات عدة، تستخدم سلطتها الدينية وعلاقاتها بالنظام السوري بقيادة حليفها بشار الأسد، من أجل إحداث تغييرات في البنية السكانية لا سيما في العاصمة دمشق، وتنسق مع رجال أعمال إيرانيين من أجل إحداث التغييرات الديمغرافية التي تتطلع إليها.
ورصدت "عربي21" في هذا التقرير أذرع إيران في سوريا من شخصيات ومؤسسات، وفق ما اطلعت عليه من مصادر مختلفة، من معاهد دراسات وباحثين ومتخصصين معارضين، مثل هيئة التفاوض المعارضة، وآخرين.
"ما من مستبد سياسي إلى الآن، إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله، أو تعطيه مقاما ذي علاقة مع الله. ولا أقل من أن يتخذ بطانة من خدمة الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله، وأقل ما يعينون به الاستبداد، تفريق الأمم إلى مذاهب وشيع متعادية تقاوم بعضها بعضا، فتتهاتر قوة الأمة ويذهب ريحها، فيخلو الجو للاستبداد ليبيض ويُفرّخ".. عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد".
أبرز العمامات الدينية:
عبد الله نظام
عبدالله نظام، صاحب السلطة الدينية، فهو رئيس الجمعية المحسنية في دمشق، ويعد أحد مراجع الشيعة في حي الأمين في العاصمة، والمسؤول عن المتشيعين في سوريا. والراعي للجامعات الشيعية الأهلية في دمشق وإدلب والرقة.
وبحسب مصدر خاص في العاصمة دمشق لـ"عربي21"، فإن نظام يقوم بإعداد صفقات عقارية في دمشق بالتنسيق مع رجال أعمال إيرانيين، من خلال استخدام سلطته الدينية وعلاقاته مع النظام السوري.
وأكد المصدر أن نظام يعمد إلى استغلال موقعه الديني لإقناع سكان العاصمة ببيع ممتلكاتهم لرجال أعمال إيرانيين.
وأضاف أن نظام شاع اسمه قبل الأزمة السورية 2011، إذ كان يعد "وكيلا لخامنئي في سوريا، ومديرا لمجامع دينية متعددة"، مشيرا إلى أنه سبق أن عين مستشارا لوزير الأوقاف للشؤون الدينية.
ووفق ما اطلعت عليه "عربي21"، فإن الجمعية التي يرأسها نظام، تضم عددا من شخصيات دينية من السنة والشيعة في سوريا، بالإضافة إلى "علماء ومفكرين".
وتأسست الجمعية التي يرأسها نظام عام 2006 برئاسة صلاح الدين كفتارو، نجل مفتي سوريا السابق أحمد كفتارو.
وبحسب تقرير لمعهد "حرمون" للدراسات المعاصرة، اطلعت عليه "عربي21"، فإن عبد الله نظام عضو في مجلس الأمناء في "جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية"، التي كانت تعرف باسم "معهد الشام".
وأضاف المعهد أن نظام أسهم في دخول إيران إلى شركات التأمين الإسلامية في سوريا، عندما ورد اسمه في هيئة الرقابة الشرعية لشركة العقيلة للتأمين التكافلي.
وولد عبدالله نظام في دمشق، وأتم دراسته حتى نال شهادة الهندسة وعين في مؤسسة الإسكان العسكري، وتدرج فيها حتى تم تسليمه رئاسة أحد فروعها.
ووفق المعهد ذاته، فإن نظام كان يعد "بابا" لتوظيف عدد من شباب الشيعة والمقربين منه، فضلا عن امتلاكه مكتبا هندسيا خاصا به.
وقام ببناء "مجمع السيدة فاطمة" في حي الأمين في دمشق. وفي تغيير جذري، انتقل الرجل من حقل الهندسة إلى "الدين"، واستعاض عن خوذة المهندس بـ"العمامة"، شاقا طريقه نحو الدراسة "الحوزوية" في إيران.
وخلال السنوات التي تلت عودته إلى سوريا "معمما"، أظهرت إحدى الوثائق المخابراتية التي سربتها مواقع معارضة، قيام نظام بتشكيل هيئة شيعية سماها "هيئة علماء أهل البيت"، وضع نفسه على رئاستها بوصفه رئيسا للطائفة في دمشق.
أحمد حسون
أحمد بدر الدين حسون، مفتي حلب، وأصبح مفتي سوريا في ما بعد، ولقب بمفتي "البراميل"، ويعد نشاطه في العاصمة دمشق مثيرا للجدل على مستوى علاقته بإيران وتحركاتها الاقتصادية، التي تهدف إلى إحداث تغييرات ديمغرافية ونشر التشيع.
وبحسب ما نشرته شبكة "جيرون الإعلامية" المعارضة، فإنها حصلت وفق مصادرها على ما يوثق أن حسون عمل شريكا مع الملحق الثقافي الإيراني في حلب، آية الله عبد الصاحب الموسوي، في معظم الفعاليات الدينية والاقتصادية.
وأوردت بحسب تقريرها الذي اطلعت عليه "عربي21"، أن حسون سهّل للملحق الثقافي الإيراني نشاطاته، والفعاليات الاقتصادية الإيرانية، التي هدفت إلى إقامة شركات مع شخصيات تجارية في حلب، خاصة من عائلة الجربوع التي تمتلك واحدة من أهم شركات الصرافة والحوالات "إكسبريس"، وكذلك آل بري التي توصف بأنها "المافيا العشائرية الكبيرة"، وفق الشبكة.
وأكدت الشبكة أن حسون ساهم من موقفه الديني ومن خلال تلك الشراكة، في تقوية دور إيران في حلب، حيث سيطرت على المشروعات الوقفية كالمسجد الأموي والمكتبة الوقفية وغيرها، مستغلة المشروعات التي أطلقت، خاصة خلال إعلان حلب عاصمة للثقافة.
وبفضل نشاط حسون، برزت كذلك الفعاليات الدينية المنتظمة في أهم المراقد الشيعية بحلب "المشهد"، الذي صار موقعا لكل الزيارات الشيعية والمناسبات الدينية الشيعية بشكل منتظم، ويحظى بحضور مكثف مع فعاليات إيرانية، لا سيما في حلب ومدينتي نبل والزهراء.
ويعرف أحمد حسون، بقربه من الأسد، وعرف بدفاعه المستميت عن سياساته، وبدفاعه عن إيران التي اعتبرها "صاحبة حق في الأرض"، وذلك في معرض دعمه لنظام الأسد.
وسبق أن اتهمه معارضون بأنه تشيع، إلا أنه رد على ذلك بالقول: "إن الذين يتحدثون عن تشيعي إنما يسوقون اتهامات مضحكة".
ويحمل حسون إجازة في الأدب العربي، ودكتوراه في الفقه الشافعي من جامعة الأزهر، وعين مفتيا لحلب في عام 2002، وهو عضو مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا، وعضو مجلس الشعب للدورتين التشريعيتين السابعة والثامنة الحالية، وخطيب في جامع الروضة في حلب.
أيمن زيتون
يتهم زيتون بأنه قاد حركة تشيع قبل عشر سنوات في محافظة اللاذقية، بعد قدومه من مدينة قم الإيرانية، وعلى رأسه عمامة دينية.
وأيمن زيتون ابن بلدة الفوعة في إدلب، درس في الحوزات الدينية في إيران، وتولى الإمامة والخطابة في "جامع الرسول الأعظم"، المؤسس حديثا من إيران في سوريا، قبل أن يفتح فيها مدرسة وكلية دينية.
وبعد الأزمة السورية، امتد نشاط المجمع برئاسة زيتون إلى معظم ريف اللاذقية وطرطوس، فافتتحت سلسلة جوامع تحمل الاسم ذاته، وكذلك ثانويات شرعية وهيئات نسائية وكشفية وخيرية، تعنى بشؤون عائلات القتلى من قوات نظام الأسد، وتقدم لهم مساعدات مادية وعينية، كان لها الدور الأكبر في اجتذاب الآلاف من المتشيعين الجدد، بحسب ما أكدته مواقع معارضة.
ووصل زيتون إلى درجة تسلم إدارة الجامعة الإسلامية فيها، وأهلته مكانته الدينية في إيران، إلى التعامل معه بصفته "سفيرا" دينيا، فسافر وتنقّل بين بلدان عديدة، ثم عاد إلى مسقط رأسه في "الفوعة" السورية، ثم بعدها ليصبح رئيسا لمجمّع "الرسول الأعظم" في اللاذقية.
وزاد من شعبية زيتون، ما تعانيه المدارس الرسمية من ضعف مستواها وتمويلها وإدارتها، إذ افتتح فيها ثانويات تابعة للمجمع الممول من إيران.
محمد عبد الستار السيد
وزير الأوقاف في حكومة النظام السوري، محمد عبد الستار، الذي يتهم بأنه من أبرز الأذرع الإيرانية في سوريا التي تنفذ سياساتها.
ويرتبط "معهد الشام العالي للدراسات الدينية"، بوزير الأوقاف السوري عبد الستار.
ويعد المعهد أكبر مؤسسة إسلامية دينية في سوريا بتمويل إيراني في عام 2011، أي بعد انطلاق الثورة السورية.
ومن أبرز المؤسسات التعليمية التابعة لهذا المعهد "مجمع الست رقية"، الذي تصفه المعارضة السورية بحسب المعارض أحمد الطيب، بأنه "أكبر مؤسسة دينية لنشر الفكر الشيعي في دمشق، من خلال مؤسسات تعليمية منتشرة في العاصمة".
وأضاف لـ"عربي21"، أن مجمع الست رقية تم تأسسه بمرسوم من الأسد شخصيا حمل الرقم 48، في عام 2011، أي بعد قيام الثورة السورية.
وفي دير الزور، يتهم وزير الأوقاف بالإشراف على افتتاح مراكز تجنيد للشباب ضمن صفوف لواء الباقر والمليشيات الشيعية للقتال إلى جانب قوات النظام.
نبيل الحلباوي
وهو إمام مسجد السيدة رقية، ويعد من أهم الشخصيات الشيعية البارزة في سوريا، وتربطه مصاهرة بعائلة الأسد.
ويعد الحلباوي، عضوا مهما في الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت، وهي مؤسسة دينية إيرانية، ولها نشاطات في محافظات عدة في نشر المذاهب الشيعية، والتنسيق مع رجال أعمال من أجل إحداث تغييرات ديمغرافية، من خلال إقناع المواطنين ببيع العقارات إلى الإيرانيين.
رجال أعمال مرتبطون بهم
ومن أبرز رجال الأعمال الذين يتم التنسيق بينهم وبين العمامات الإيرانية ومؤسساتها:
رامي مخلوف
رجل الأعمال السوري البارز، وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد. ويعد واحدا من أكثر الرجال نفوذا في المنطقة، وأكبر شخصية اقتصادية في سوريا، والمالك الرئيس لشبكة الهاتف المحمول المسماة بـ"سيريتل".
وينشط رامي مخلوف بـ"إعادة الإعمار"، ويقوم بالتنسيق مع النظام السوري وإيران التي حصلت على امتيازات من أجل الأولوية لها بما يتصل بإعمار سوريا.
وبحسب وكالة "سانا" التابعة للنظام، فقد سبق أن صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على إنشاء شركة "راماك للمشاريع التنموية والإنسانية" المملوكة لمخلوف، ويحقّ لهذه الشركة تأسيس شركات مسموح لها أن تُمارس كافة النشاطات العقارية والتجارية والصناعية والخدمية والاستثمارية والزراعية، وهو ما لم تأخذ ميزاتها أي شركة أخرى.
وبحسب قناة "أورينت" السورية، فتُعد "راماك" خاصة بكافة شركات رامي مخلوف منذ بداية عمله التجاري والاستثماري في سوريا منذ أكثر من عشرين عاما، وتمّ تصديق تأسيس شركات عدة بالاسم نفسه تتبع جميعها لرامي مخلوف رغم اختلاف نشاطها الاقتصادي، كان أهمها وأكثرها نفوذا "راماك" الخاصة بالأسواق الحرة والتي سيطرت على كل ما يدخل إلى سوريا، ويحق لهذه الشركات الاستثمار بكافة المجالات وخاصةً المعنيّة بإعادة الإعمار.
وبحسب ما حصلت عليه "عربي21"، من معلومات، فإن إيران نشطت في المجال العقاري عن طريق مخلوف، الذي أطق علنا وسرا شركات قابضة وهمية من أجل إعمار سوريا، تعمل بغطاء إيراني، لتنفيذ مشاريعها.
ومن بين هذه الشركات القابضة "دمشق الشام القابضة"، وشركة "أمان دمشق" وشركة "روافد" والعديد من الشركات الأخرى، وكلها معنيّة بإعادة الإعمار، وتتبع مخلوف وشركائه.
ويبينت قناة "أورينت" المعارضة، أنه وبعد العقوبات الأمريكية والأوروبية التي فُرضت على مخلوف وشركاته الاستثمارية، فقد خلق الأخير شخصيات تابعة له ماليا واستثماريا للاستيلاء على تجارة واقتصاد سوريا.
وسبق أن أصدر الأسد مرسوما يحمل رقم 66 لعام 2012، الذي قام بتقسيم غرب وجنوب دمشق لمنطقتين تنظيميتين، الأولى تمتد على بساتين الرازي والمزة، والثانية تمتد من المزة حتى كفرسوسة والقدم، حيث حصلت شركتا دمشق وأمان القابضتين التابعتين لمخلوف على أحقية الاستثمار في المنطقة الأولى، وبعض الشركات الإيرانية على الاستثمار في المنطقة الثانية.
وعمل رامي مخلوف على التشارك مع الشركات الإيرانية التي حصلت على حقوق استثمار المنطقة الثانية من المخطط التنظيمي الذي أقرّه مرسوم الأسد.
وقدّم مخلوف عبر شركاته وأذرعه الاقتصادية والحكومية كافة التسهيلات للشركات الإيرانية مقابل مساهمته معهم في الأرباح والاستثمار، عدا عن أحقيته باستثمار المنطقة الأولى المتمثلة ببساتين الرازي والمزة، والتي استولى على عقاراتها بعد هجرة أصحابها كوْن أغلبهم محسوبا على المعارضة السورية، بحسب أورينت.
سامر الفوز
سامر الفوز، يعد أحد المقربين لمخلوف، وهو رجل أربعيني، قام مؤخرا بشراء كامل شركات عماد غريواتي في سوريا، وشركة حديد حميشو في المدينة الصناعية في حسياء، بالإضافة إلى عدد كبير من شركات ومصانع رجال الأعمال الذين غادروا البلد.
ويقول معارضون إن سامر الفوز أخذ يتردد كثيرا في الآونة الأخيرة على إيران، وعقد هناك صفقات عدة لمواد غذائية وقام بإدخالها إلى سوريا وبيعها في الأسواق، مشيرين إلى أن أغلب العقارات والأراضي التي يشتريها هي لصالح إيران نظرا لقيمتها العالية والتي لا يمكن لرجل أعمال وحده أن يقوم بشرائها.
ويوصف الفوز لدى المعارضة السورية، بأنه بات ذراع إيران الاقتصادية في سوريا، وبأنه "رامي مخلوف إيران" في سوريا.
المؤسسات الدينية
وعملت العمامات الدينية الموالية لإيران في سوريا، على تأسيس مؤسسات دينية عدة في البلاد، بما يخدم طموحات طهران في سوريا، ورصدت "عربي21" أبرزها:
جمعية المرتضى
أنشأ هذه الجمعية جميل الأسد، عم رئيس النظام بشار، 1981، في محافظة دير الزور، لنشر الأفكار العلوية "ملبسة بثوب شيعي محدث"، وفق ما وصفه المعارض أحمد الطيب.
وقال لـ"عربي21": "لعبت جمعية المرتضى، دورا رئيسا في خلق موجة التشيع السياسي في الساحل ومناطق أخرى، من خلال إنشاء عشرات الحسينيات".
وسبق أن أغلق النظام الجمعية بقرار رئاسي عام 1983، وتم اعتقال مشايعيها، ما تسبب بتوتر بعد إحراق عدد من المزارات العلوية، وانطفأ حينها مشروع المرتضى، وعاود الظهور في عهد بشار الأسد بعد التدخل الإيراني إلى جانبه في الأزمة السورية.
وعادت الجمعية من خلال الشيخ فضل غزال وأولاده، وامتداداتهم من رجال أعمال وأصحاب نفوذ، ونشطت في مشروعات الإسكان، حيث قام وزير الإسكان الإيراني بالإشراف بنفسه على توزيع 300 شقة سكنية على المتشيعين الجدد.
وجددت إيران الحسينيات التي كان رفعت الأسد قد أسسها عن طريق جمعية المرتضى.
ومن حينها ظهر ما يعرف بـ"البعث الشيعي"، بعد اختراق إيران للعلويين، والتأثير فيهم، والعمل من خلالهم على نشر التشيع، وإحداث تغييرات ديمغرافية أساسية في دمشق ودير الزور.
شركة دمشق الشام القابضة
وتعد "دمشق الشام القابضة"، من الشركات المحسوبة على مخلوف، وهي شركة خاصة مملوكة من "مجلس محافظة دمشق"، وتأسست في نهاية عام 2016.
ولكن ما أثار الشبهات حولها، عملها على إدارة واستثمار أملاك وخدمات دمشق، من خلال تأسيس شركات تابعة أو مساهم بها والقيام بالمشاريع التجارية والاقتصادية والاستثمارية في مختلف القطاعات المسموح بها.
وسبق أن استولت على حي الحمراوي بين الجامع الأموي وقصر العظم، الذي يضم 74 منزلا و56 محلا تجاريا.
وللشركة ارتباطات مع الشركات الإيرانية بشكل علني، لا سيما مع إعطاء النظام السوري أولوية لها لأجل "إعمار سوريا".
منظمة جهاد البناء
وهي منظمة إسكانية إيرانية، تواصل مشاريعها تحت غطاء "إعادة الإعمار"، في حين أنها تستولي على أراض وأحياء كاملة، وتعمل للمصالح الإيرانية، من خلال توزيع المساعدات والإغاثات.
وأسس المنظمة حزب الله، ويديرها، وقام بإنشاء مقرها في لبنان، ويحصل على تمويلها مباشرة من إيران، وفق ما أكدته وزارة الخزينة الأمريكية.
والمنظمة مضافة على قائمة المنظمات الإرهابية العالمية.
وأكد الناشط محمد البيك من الغوطة الشرقية، لـ"عربي21"، أن المؤسسة تابعة للحرس الثوري الإيراني، ويديرها حزب الله اللبناني في سوريا.
وقال إن رجال دين موالين لإيران، يعملون في هذه المنظمة، بدعم من الحرس الثوري الإيراني مباشرة، وبتمويل إيراني، ما يجعل من النظام السوري مديونا لطهران، مؤكدا أن الأخيرة ستطالبه بثمن ذلك كله مستقبلا.
وقال البيك إن "مؤسسة جهاد البناء تعمل من خلال بعض المؤسسات الإغاثية السورية، حتى تستطيع التنقل والتوغل في المناطق السورية بحرية".
اقرأ أيضا: ناشطون: أموال إيرانية لشراء منازل بمدينة الميادين السورية
وسبق أن افتتحت منظمة "جهاد البناء" الإيرانية، مكتبا لها في مدينة البوكمال في ريف ديرالزور الشرقي، وأظهرت مساعيها لشراء ما أسمتها "العقارات المدمرة، وإعادة إعمارها".
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط، فإن إيران تُظهر اهتماما خاصا بالبوكمال المحاذية للحدود العراقية، وتعمل على فتح معبر البوكمال، وتأهيل الخط البري الذي يصل طهران بدمشق.
بدورها ذكرت صفحة "انتهاكات المليشيات الإيرانية في سوريا"، على "فيسبوك"، أن المنظمة المذكورة تواصل مشاريع إعادة الإعمار التي استولت عليها في مدينة البوكمال من عمليات تنظيف الأحياء وإعادة تأهيل بعض المدارس.
وأضافت الصفحة التي يقوم عليها نشطاء معارضون، أن منظمة "جهاد البناء" بدأت بتوزيع إعانات مادية وإغاثية للأهالي، حيث قدمت سللا غذائية كتب عليها "مساعدات الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الشعب السوري"، وتقوم بإقناع المواطنين ببيع بيوتهم المهدمة جراء الحرب للشركات الإيرانية.
وسبق أن افتتحت منظمة "جهاد البناء" الإيرانية، مشفى ميدانيا في حي القصور في مدينة دير الزور، ورافقتها قوات النظام ومليشيات إيرانية منها الحرس الثوري الإيراني، و"لواء فاطميون"، لتنفيذ التغييرات الديمغرافية المراد القيام بها.
مجمع الرسول الأعظم
من العمامات الدينية التي قامت بافتتاح "مجمع الرسول الأعظم"، يذكر "الشيخ جواد عادل أمين" المولود في دمشق، وقد تلقّى تعليمه الديني في "قم". وتلقى أكثر من شهادة تكريم إيرانية على جهوده وتحصيله الديني.
وقام المجمع بتمكين إيران من التغلغل في الساحل السوري، وأجزاء من سوريا، وبتعاون وثيق مع نظام الأسد مباشرة، وعبر مراسيم جمهورية سمحت لها بإنشاء ثانويات تعليمية في قرى الساحل السوري.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "عربي21" من نشطاء، فإن المجمّع ينشط في بانياس وطرطوس جنوبا، ومحافظة إدلب شمالا.
وبات نشاطه يتزايد من أقصى الشمال والشمال الغربي، إلى أقصى الجنوب، متجاوزا محافظات الساحل وصولا الى البرّ الحمصي في وسط البلاد.
ويمتلك "مجمع الرسول الأعظم" ومقره الرئيسي في محافظة اللاذقية، ثانويات رسمية ومعاهد شرعية ومكتبات، وصولاً إلى امتلاكه إذاعة تبث عبر الإنترنت وعبر أثير المحافظة، من خلال نشاط المعمم أيمن زيتون الذي سبق ذكره في التقرير.
وزاد نشاط المجمع من خلال امتلاكه لما يعرف بـ"هيئة كفالة أبناء الشهداء" و"هيئات نسائية عليا" وامتلاكه معهدا "للتطوير والتأهيل" وكشّافة خاصة به تدعى "كشافة الولاء" ثم مكتبًا للطوارئ والجرحى، ومكتبات حملت اسم المجمّع ذاته، ورابطة للخريجين، ومكتبا إعلاميا مستقلا، ومكتبا إداريا وماليا وقسما خاصا بالمعلوماتية ورابطة خاصة تدعى "المهدي".
وتنتسب إلى المجمع ذاته ما تعرف بـ"دار المحجّة للثقافة والتنمية" في محافظة طرطوس.
وبشكل علني، نشر المجمّع، على موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، أن هدفه "نشر العلوم الشرعية على مذهب آهل البيت".
جامعات وكليات إيرانية برسائل دينية
وقامت إيران، بتأسيس جامعات وكليات برسائل دينية، يقوم عليها أصحاب عمائم إيرانية، للانتشار في المجتمع السوري.
وفي كانون الأول/ يناير 2018، أعلن النظام السوري تأسيس "جامعة آزاد الإسلامية" في جميع المدن السورية.
وتعد هي آخر الجامعات التي أقامتها إيران في سوريا. والجامعة المذكورة امتداد لـ"الجامعة الحرة الإسلامية" في إيران.
وبذلك تنضم الجامعة إلى جامعتي "المصطفى" و"الفارابي" اللتين تتبعان للمؤسسة التعليمية في إيران بشكل مباشر.
وقامت إيران بتأسيس جامعة شرعية في اللاذقية، باسم الجامعة الإسلامية، وبنت فيها المجمع ذاته "مجمع الرسول الأعظم" على مساحة أربعة آلاف متر مربع من الوقف السني، في حي الأزهر في اللاذقية، الذي يرأسه زيتون.
وكل هذه الجامعات تتبع جامعة "آزاد الإسلامية" التي تأسست في عام 1982 في إيران، وتعد ثاني أكبر جامعة بعد جامعة طهران، وهي جامعة غير حكومية، تأسست من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الإيرانية
وينشط في سوريا، بدعم من إيران، وبشكل علني، وقام بإغراق العاصمة دمشق بالمؤسسات التعليمية الإيرانية.
وأنشأت طهران "مكتب تنسيق" خاص بـ"المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية" في دمشق، وذلك بهدف "تحديد مسار الخطاب الديني في سوريا".
وقام المجمع بإنشاء مدارس وكليات، كان آخرها كلية "المذاهب الإسلامية" في العاصمة دمشق، بحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وأوردت وكالة "تسنيم" أن تأسيس كلية المذاهب جاء بعد لقاء وزير الأوقاف في حكومة الأسد، محمد عبد الستار السيّد، مع رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، كمال خرازي.
وكل ذلك يركز على تعزز إيران من نفوذها الثقافي في سوريا إلى جانب النفوذ العسكري الذي توسع بعد اندلاع الثورة عام 2011، جراء دعمها لنظام الأسد ضد المعارضة.
جمعية البستان
افتتحت جمعية البستان الخيرية عام 1999، ممولة من رامي مخلوف، وزاد نشاطها خلال الأزمة السورية، لا سيما بعد التدخل الإيراني لصالح الأسد.
وللجمعية ثانويتان شرعيتان للبنين والبنات، في كلٍّ من ناحية البهلولية وقرية الدالية في ريف اللاذقية.
وعلى الرغم من الانتماء الطائفي العلوي للمعلمين والإداريين في مدرستي البستان الدينيتين، إلا أن ذلك لم يشكل ضمانة كافية للأهالي بأن يحافظ الطلاب على هويتهم. بل إن انتماء المشايخ المسؤولين عن هاتين المدرستين صار موضع تساؤل، فهم لا يفوتون فرصة للقاء أي زائر إيراني إلى اللاذقية.
وبحسب ما نشره معارضون، فإن الكادر التعليمي، لا يضيع الاحتفالات الدينية الإيرانية في الحوزة الرئيسية في اللاذقية، "مجمع الرسول الأعظم".
مدارس فقهية
وسبق أن اعترفت وزارة الأوقاف السورية، رسميا، بإنشاء مدارس فقهية تدرس رسميا فقه المذهب الجعفري، وغطت الساحل السوري ريفا ومدنا، مثل: كرسانا، القرداحة، جبلة، طرطوس، الدريكيش، بانياس، رأس العين-جبلة، والبهلولية آخرها، ويقدر عدد طلابها بحدود 10 آلاف طالب وطالبة.
وفي درعا، دخلت إيران إلى ما يُعرف بمتاولة الجنوب السوري، من خلال زيدان غزالة، رجل الدين قريب رستم غزالة، رجل الأمن القوي، الذي قتل في ظروف غامضة.
ويتولى زيدان حاليا منصب إمام وخطيب مسجد علي بن أبي طالب في حي الزاهرة في مدينة درعا.
وينشط زيدان وعائلته، في تأسيس كثير من المجمعات والمساجد والوقفيات والحسينيات.
التشيع مكان العلوية.. والحاج بدل الشيخ
ونشر المعهد الدولي للدراسات السورية، دراسة اطلعت عليها "عربي21"، تناول فيها التأثير الإيراني على الطائفة العلوية في سوريا.
ورأت الدراسة أنه "لم يعد لرجال الدين العلويين سلطة مؤثرة على مجتمعهم كما كانت سابقا، مع اختفاء سلطة العوائل التقليدية، فأقصيت العائلات الكبرى والشخصيات النافذة دينيا (الخيرّ، الأحمد، مخلوف، وغيرها) وحلّ محلها طاقم جديد من المشايخ، من متقاعدي الجيش والأجهزة الأمنية، لا يعتد بدورهم الديني كثيرا، إلا أن إيران تعتمد عليهم".
وأضافت أن "الجسم المشيخي المؤيد للتشيّع، قامت إيران بدعمه، فاستضافتهم لديها وقدّمت لهم أموالا وبعثات ودورات دراسية، وتقسو هذه الدورات والمحاضرات على المذهب العلوي، وتجعله منافيا للإسلام الصحيح، ولا بأس من إعادة ترتيب أفكار هؤلاء الشيوخ".
وتابعت: "افتتحت إيران مراكز للتطويع في الساحل، تولى أمرها ضباط سابقون (متشيعون غالبا) ويفضلون العمل مع المليشيات الشيعية لأسباب عقائدية ومالية (تتراوح الرواتب بين 100 إلى 300 دولار) وهو ما لا يحصل عليه العسكري النظامي".
وأضافت أنه "خضع مقاتلو هذه المليشيات إلى دورات تدريبية في إيران، شكلت اصطداما أولا مع الثقافة الشيعة واقعيا، خاصة أنّ غالبيتهم ينتمون إلى القاع الاجتماعي العلوي (غير متعلمين وعاطلين عن العمل) وليس لديهم أي حصانة دينية، هذا الأمر غذّى بعد عودتهم انتشار الظواهر الشيعية في الجبل مثل العصائب التي توضع على الرأس وصور القادة الإيرانيين ومنهم الخميني".
وتوصلت إلى أن "الطائفة العلوية كثر فيها انتشار ثقافة شيعية داخل أوساطها، فلفظ (الحاج) بات منتشرا كما ينتشر مصطلح "آية الله" لدى الإيرانيين، والأغاني الشيعية متداولة على الأجهزة الخليوية وفي وسائل النقل العام، وفي التعازي أيضا.
ومن أهم الجمعيات والهيئات الإيرانية في سوريا:
- جمعية "بيت النجمة المحمدية" 1995، إذ أقامت عددا من الندوات الخاصة بالشيعة.
- هيئة خدمة أهل البيت عام 2001 كمؤسسة تبشيرية بإشراف الشيخ عبد الحميد المهاجر.
- هيئة علي الأصفر لشباب كربلاء عام 2004.
- هيئة المختار الثقفي.
- هيئة شباب جعفر الطيار.
- هيئة خيام الإمام الحسين.
- هيئة شباب أهل البيت.
- جمعية "كشافة الإمام المهدي"، تصدر مجلة دورية بعنوان "نور المهدي".
أهم الحوزات في سوريا، بحسب مركز "حرمون" للدراسات:
- "الحوزة الزينبية" أسست عام 1979
- حوزة الإمام الخميني أنشئت عام 1981
- حوزة المرتضى 1995، أسسها محمد حسين فضل الله (لبناني)
- حوزة المصطفى للعلوم القرآنية، أسسها الشيخ جمال الوكيل (عراقي) الأمين العام لحركة الوفاق الإسلامي عام 1995
- حوزة أهل البيت، أسسها السيد محمد الموسوي (إيراني) عام 1996
- حوزة "الإمام السيستاني"، أسسها بالنيابة عنه الشيخ حليم البهبهائي (وكلاهما إيرانيان) 1996
- حوزة "المهدي العلمية للدراسات الإسلامية" لـ "علي باقر قصور" الشيعي الهندي 2002
- حوزة " الإمام علي" بإشراف الشيخ عبد المنعم الحكيم "عراقي" 2001
- حوزة "فقه الأئمة الأطهار" (آية الله محمد فاضل اللتكراتي) 2006
- حوزة الإمام علي أو الحوزة الحيدرية – السيد فضل الله
- حوزة الإمام جواد التبريزي – عباس النزاع
- حوزة الإمام الصادق
- حوزة الرسول الأعظم
- حوزة الإمام المجتبى "هندي الجنسية"
- حوزة الإمام الحسين
- حوزة إمام الزمان التعليمية
- حوزة الشهيدين الصديقين
- حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية
- حوزة الإمام الأعظم في اللاذقية
- حوزة في تل أبيض
يشار إلى أن النظام السوري، سبق أن أعلن في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2018، أنه يعطي الشركات الإيرانية الأولوية في إعمار سوريا، رغم الاتهامات لإيران بأنها تقوم بتغييرات ديمغرافية في سوريا.
جاء ذلك وفق ما أكدته وكالة أنباء النظام السوري الرسمية "سانا"، بأن "الحكومة السورية قررت أن الشركات الإيرانية ستتمتع بالأولوية في إعادة إعمار سوريا خلال المرحلة ما بعد انتهاء الأزمة في هذه البلاد".
اقرأ أيضا: نظام الأسد يعطي الشركات الإيرانية الأولوية في إعمار سوريا
ولا يمكن الرصد بالإحصائيات الدقيقة، التغييرات الديمغرافية التي أحدثتها إيران في المحافظات السورية، منذ تدخلها عسكريا إلى جانب النظام السوري بعد اندلاع الأزمة في 2011 إلى اليوم، بسبب عدم التمكن من رصد ذلك ميدانيا لا سيما أن الأزمة مستمرة، مع صعوبة الحديث مع المصادر لأسباب أمنية.
من جهتها، قالت ربا حبوش، العضو في الهيئة العليا للتفاوض السورية، لـ"عربي21"، إن الهيئة قامت بالفعل بتأسيس مكتب لرصد سلوك إيران في سوريا، إلا أن نتائج دراساته خاصة فيها، بما يخص عملية التفاوض وليست للنشر العلني".
ولكنها أوضحت أن الهيئة بالفعل تقوم بدراساتها برصد السلوك الإيراني في سوريا، وأن هناك نتائج توصلت إليها بما يخدم عملية التفاوض.
مصادر: