هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ادعو الرموز الوطنية المصرية إلى دعم الحراك المدني السلمي مهما كان حجمه
شاركت في حملة "اطمن انت مش لوحدك" دعما للإعلامي معتز مطر ولأسرته
أطلب من النخب والشخصيات العامة عدم التعفف عن الظهور في الإعلام المصري بالخارج
حملات التشويه الممنهجة جعلتني أكثر إصرارا على الاعتناء بجوهر رسالتي كمعلم
وقعت كغيري في أخطاء كثيرة وأعلنت مرارا اعتذاري الواضح عنها وأحاول تصحيحها
دعا عالم الفضاء المصري والمستشار الرئاسي السابق، عصام حجي، العلماء والباحثين والأكاديميين المصريين في داخل البلاد وخارجها، إلى أن يكونوا جسورا للحوار الوطني المأمول بين الفرقاء السياسيين، وأن يكونوا "الدرع الذي يحمي الوطن من الفتن في اللحظات الفارقة".
وعبّر حجي، في الحلقة الأولى من مقابلته الخاصة مع "عربي21"، عن أمله في المشاركة بوضع أسس الإصلاح بمصر خلال الثلاث سنوات المقبلة، بمشاركة كل قوى الإصلاح والتغيير.
وقال إنه شارك في حملة "اطمن انت مش لوحدك" انطلاقا من دوافع إنسانية ووطنية بحتة، ودعما للإعلامي معتز مطر، خاصة بعد الانتهاكات التي تعرضت لها أسرة الأخير بعد إطلاقه الحملة.
ودعا حجي من وصفهم بالرموز الوطنية والقامات العلمية والأكاديمية إلى دعم حملة "اطمن انت مش لوحدك" والحراك المدني السلمي بشكل عام، الذي قال إنه "يحتاج لكل الأيادي لتوحيد كل المصريين، وبناء حالة إيجابية للحوار الوطني المثمر والبنّاء".
وانتقد بشدة حملات الهجوم على فضائيات المعارضة المصرية التي تبث من تركيا، قائلا: "شيطنة هذه القنوات والعاملين فيها شيء مؤسف ومحزن جدا، وأنا أرفضه تماما. قد نملك جميعا ملاحظات على أسلوب معالجتهم لبعض الأحداث، ولكن لا نملك شجاعة العاملين بها طيلة هذه السنين، في أن يكونوا منبرا صادقا لنبض الشارع المصري".
وأقرّ عالم الفضاء المصري بأنه وقع في أخطاء كثيرة وسوء تقدير، معلنا اعتذاره الواضح والصريح عنها، ومؤكدا أنه يعمل على تصحيح تلك الأخطاء منذ مغادرته رئاسة الجمهورية.
وفي ما يأتي نص المقابلة كاملة:
لماذا أعلنت دعمك لحملة "اطمن انت مش لوحدك"؟
شاركت في حملة "اطمن انت مش لوحدك"، دعما للإعلامي معتز مطر ولأسرته التي تعرضت لانتهاكات كثيرة؛ فلا يزال هناك اثنان من أشقائه مختفيان قسرا حتى الآن، فضلا عن اقتحام منزل والدته وترويعها، وتكرر المشهد ذاته مع عدد متزايد من المطالبين بإصلاح حقيقي في مصر، حيث يتم الانتقام منهم ومن أسرهم عوضا عن التحاور معهم، ما يعكس عدم وجود أي نية صادقة للإصلاح، وإنما الاكتفاء بإرسال صور مغلوطة للمصرين وللعالم بالتسامح ومكافحة الإرهاب.
وأتعجب كثيرا من نظام لا يقبل بأقل خلاف للرأي من مؤيديه، أن يقبل بخلاف الأديان الأكثر جوهرية وعمقا. أتعجب من نظام يحارب الإرهاب، فيرهب الأسر والأبرياء في منازلهم ويُخفي الآلاف قسريا، ويُعذّب الآلاف أيضا.
وليس لي أي رسالة سياسية لأبلغها لأحد، وإنما شاركت في الحملة من دوافع إنسانية ووطنية بحتة، ولا يمكن أن أتنازل عن دعم إنسان اقتسمت معه خبزا. وإن لم يتدخل رجال العلم والتعليم في إيقاف هذا المشهد العبثي فما قيمة العلم إذا لم يحارب طوفان الجهل والظلم؟
وأنا من عرضت على الإعلامي معتز مطر دعمي للحملة، وهو لم يطلب مني أي شيء، بل فقط رحب بما طرحته، فحينما علمت بما حدث مع والدته وأسرته اتصلت به وقلت له: ما الذي يمكنني فعله للمساعدة في الحملة التي قمت بإطلاقها؟
وكان هدفي هو ضرورة إيصال رسالة كي يدعم كل منا الآخر في آلام بعضهم البعض. وأنا للأسف لا يمكنني دعم كل الناس المقبوض عليهم، لأنني لا أعرف كل الناس، لكن معتز شخص أعرفه، وأكلنا معا وبيننا "عيش وملح"، ولذلك لا يمكنني إلا أن أقف بجواره في محنة يتعرض لها هو وأسرته، ولا يمكن أن تكون صورتي أمام الناس أهم من دوري كمعلم وجامعي أو مما يمليه علي ضميري وشعوري الإنساني.
وأود التأكيد على أن معتز مطر شخص مصري، وكذلك محمد ناصر، وكذلك قناتا الشرق ومكملين قنوات مصرية، ومن يريد أن يجعل عدوي مواطنا مصريا فلن أقبل أو اقتنع بذلك مطلقا، وأقول له إن عدونا الحقيقي هو الفقر والمرض والجهل، وهذا هو الذي يصنع الآراء المتطرفة من كل الأطراف. والخائن في نظري من يرفض الحوار ليغرقنا في نار الفتنة وتراشق الاتهامات، فهو يخون عهد الوحدة الوطنية والتسامح الديني الذي كان أساس حراك ثورة يناير.
وأنا أحيّي معتز وناصر على شجاعتهما واخلاصهما في نقل نبض الشارع المصري ولا تسيئني لهجتهما الحادة في بعض الأحيان، في وصف الظلم والفساد بقدر ما يسيئني الواقع المرير الذي نعيشه كل يوم.
وأدعو من هم أكبر مني قيمة وشأنا، وخاصة الرموز الوطنية والقامات العلمية والأكاديمية والفكرية، أن لا يترددوا في دعم الحراك الوطني الصادق والعفوي الذي يقوده معتز وناصر، كما أدعوهم لدعم الحراك المدني السلمي بشكل عام.
نحن نحتاج لكل الأيادي لتوحيد جميع المصريين، وبناء حالة إيجابية للحوار الوطني المثمر والبنّاء، وكي نغفر لبعضنا البعض، وأن لا نترفع عن بعضنا البعض.
ما هي ردود الفعل على مشاركتك ودعمك لحملة "اطمن انت مش لوحدك"؟
كانت ردود فعل طيبة وإيجابية في معظمها، وسعدت بالتفاعل الذي حدث، إلا أن قيام البعض بالمزايدة والمغالطة والترويج لأكاذيب بشأن فيديو قصير وبسيط شاركت فيه دعما لحملة اطمن انت مش لوحدك، والذي بثته قناتا الشرق ومكملين، ويعتبرون ذلك انضماما لتيارات سياسية من هنا أو هناك، أود القول لهم إنه لا يوجد في حياتي أي عمل سياسي، ولست جزءا من أي حزب أو غيره، وهذا ليس بشيء سيئ أو جيد، وإنما هذا هو واقع حياتي وحياة أغلب المصريين بالخارج، فلا توجد في رسالتي إلا الرسائل الإنسانية والتعليمية وفقط.
وأتمنى أن يعي الناس رسالة مفادها أنه بغض النظر عن حجم ومدى التفاعل مع حملة "اطمن انت مش لوحدك"، سواء كان تفاعلا كبيرا أم صغيرا، إلا أن المواقف الإنسانية ليس بها شيء كبير أو صغير، بل هي مواقف إنسانية مجردة من أي شيء آخر. ودور كل إنسان له رصيد أدبي أن يساعد المبادرات الإنسانية الصغيرة حتى تكبر، وليس أن ينتظر تلك المبادرة بعد أن تكبر حتى يكون آخر الداعمين لها.
والحملة نجحت في قياس حالة الاحتقان السياسي ومدى جاهزية الشارع المصري للتحرك ولإيصال صوته بشكل سلمي وحضاري، وكل ما طالبت به شيء واحد فقط، أن يكون هناك من يستمع لنبض الشارع ورغبته في تغيير الواقع الذي وصلنا إليه. وأثبتت للشارع المصري أن الصوت الوحيد الذي سيسمعك ويهتم بقضيتك هو الذي يقف بجوارك، وليس أي أحد آخر.
كيف تنظر للهجوم المتكرر من النظام ومؤيديه على القنوات المصرية التي تبث من الخارج مثل الشرق ومكملين؟
شيطنة هذه القنوات المصرية التي اضطرت للبث من خارج مصر وشيطنة العاملين فيها شيء مؤسف ومحزن جدا، وأنا أرفضه تماما، فمن أقسى الأمور على مشاعري الإنسانية أن أرى المصري يرى خصمه وعدوه اللدود هو أخاه المصري، وهذه ليست روحا وطنية، بل إنها ليست روحا إنسانية من الأساس. ونملك جميعا ملاحظات على أسلوب معالجتهم لبعض الأحداث، ولكن لا نملك شجاعة العاملين بها طيلة هذه السنين في أن يكونوا منبرا صادقا لنبض الشارع المصري.
من دواعي الاستغراب أيضا أن أغلب القنوات والصحف المصرية، بل والمذيعين المصريين بالداخل تم بيعهم لرؤوس أموال أجنبية أصبحت تتحكم بالكامل بكل ما يدور في الساحة الإعلامية تحت أعين ورعاية الدولة، فكيف لها أن تتهم من رفضوا بيع ضمائرهم وآثروا الهجرة بالخيانة؟ والمُحزن ليس ما تقوله هذه الفضائيات، ولكن هو الواقع المؤسف الذي يعيشه الشارع المصري.
وأعتقد أن قناتي الشرق ومكملين قد لا تتفقان مع الكثير مما أطرحه، وظهوري فيهما لا يعني اتفاقي مع كل ما يُعرض عليهما. لكن فلنذكر لهم أنهم تجاوزوا هذا الخلاف ووضعوه جانبا، وقدّمنا معا دعوة للحوار الحضاري والسلمي من خلال الحملة.
ولك أن تتخيل أن بعض العاملين في تلك القنوات من الشباب الذين صدرت بحقهم أحكام ظالمة وقاسية أثناء فترة وجودي كمستشار في الرئاسة، ومع ذلك قبلوا بوجودي، ووضعنا الماضي خلفنا، وقدمنا بالإمكانيات البسيطة والمتواضعة للغاية، كي لا أقول البدائية، رسالة الحملة.
ولذلك، أرفض تماما نظرة البعض للمصريين المتواجدين في المنفى بتركيا على أنهم أعداء للوطن. أنا أنحني تحية لكل منهم، فبكل آلامهم وصعوبة حياتهم اليومية، هم يقاتلون من أجل قضية تعفف عنها الكثيرون من المصريين بالخارج، الذين يعيشون رغد الحياة في أمريكا، وكندا، وأوروبا، وأستراليا، وغيرها.
وأدعو جميع وسائل الإعلام المصرية في الداخل والخارج، إلى الابتعاد عن لغة التخوين وإساءة الألفاظ، فمهما كان حجم وعمق الخلاف الفكري فإنه لا يجب تزكيته بأي صورة من الصور، والحل لأي خلاف يكون بلغة الحوار الراقي والمتحضر؛ فالكل يمكنهم أن يصبحوا قدوة لمستمعيهم، وأنا أدعوهم لذلك، فيجب أن يرتقي خطاب الإعلام المؤيد والمعارض إلى مستوى الطموح الأخلاقي للأسرة المصرية.
أعلم أن هناك أشخاصا كُثرا لديهم آلام كبيرة للغاية، وهؤلاء قد يحتاجون لصرخات بصوت عال، وكلام شديد لتصف به الفظائع التي مروا بها، وتحتاج لكلام شديد لوصف الفظائع التي عاشوها، لكني أتمنى من الكل اتباع لغة خلوقة، حتى نستطيع بناء أساس للحوار، وأي حوار بدون أخلاق لا معنى له، ولن يؤدي إلى أي شيء.
وأطلب من النخب والشخصيات العامة عدم التعفف عن الظهور في القنوات ووسائل الإعلام المصرية التي تنادي بالإصلاح أيا كانت الإمكانيات الفنية والتقنية والظروف التي تعمل وفقها تلك الوسائل الإعلامية، والابتعاد عن الصور النمطية المعلبة بأن هذه القناة محسوبة على هذا أو ذاك، فإذا كان هناك معسكر محسوب عليه الجميع حاليا فهو معسكر الفشل. فلنكسر هذه الصور النمطية السخيفة.
وأرى أيضا عفوية هذه القنوات في تقديم النقد والحلول بالمقارنة بالقنوات التي لها إمكانيات أكبر، ولكن هذه المحطات والعاملين فيها والمسؤولين عنها لهم رسالة ونية صادقة في التغيير والإصلاح، بينما هناك بعض القنوات الأجنبية، التي لها بريق أكثر وإمكانيات أكبر ولغة أكثر اتزانا، وتخصص برامج باللغة العربية، تتعامل مع مصر والشرق الأوسط على أنها مجرد أحداث تملأ بها ساعات بثها على الهواء.
ولكل هذه الأسباب تعمدت مشاركة معتز وناصر في هذه الرسالة، حتى أبدأ بنفسي أولا، وأنا شاكر لهما قبولي معهما، وسعيد بوقع وصدق ما قدمناه.
ماذا عن هجوم إعلام النظام على محطة "بي بي سي" على خلفية تقرير نشرته مؤخرا عن حملة "اطمن انت مش لوحدك"؟
للأسف أصبح كل شيء في مصر متوقعا، ورأينا بعد حملة الهجوم على "بي بي سي" كيف تتم شيطنة وأخونة (الاتهام بالانضمام لجماعة الإخوان) كل وسائل الإعلام التي تحاول أن تنقل حراك الشارع المصري، مثلما يتم تخوين كل من له أي رأي يختلف -ولو نسبيا– مع النظام الذي يعتبر نفسه في حالة حرب، ولا صوت يعلو فوق صوته.
واللغط الذي حدث في إعلام النظام وامتد للإعلام الدولي مثل "بي بي سي" بشأن التعاطي مع الحملة، يعكس مدى التخبط واسع النطاق في التعامل مع صوت الشارع المصري، حيث يقوم إعلام السلطة بتشويه وشيطنة وتخوين الحملة التي إن دعت لشيء فهي تدعو لسماع صوت الشعب وآلامه، وللحوار بين مختلف الفئات الطامحة بإصلاح حقيقي، ولم تدع أبدا لأي عنف أو لفوضى أو حتى للتجمهر.
أما أغلب القنوات الدولية، فهي تتعمد تجاهل الحراك الشعبي حتى لا تقع في المصير ذاته الذي وقعت فيه "بي بي سي"، حيث تفضل أغلبها أن تكون متواجدة في مصر لنقل المتغيرات في قمة هرم السلطة أكثر من التعبير عن أي حراك على المستوى الشعبي، ولا يجب أن نلومهم في ذلك، ولكن الأمر يجعلنا ندرك أهمية دور القنوات المصرية المُغتربة.
ولذلك، فلا عجب اليوم أن تكون منصات مثل الشرق ومكملين هي المنصات التي يلجأ إليها الشارع المصري لمعرفة ومناقشة شؤونه الداخلية التي اتضح بالدليل القاطع أنها خارج نطاق اهتمام المجتمع الدولي في أغلب الأحيان.
وبالتأكيد أن ما قامت به "بي بي سي" بتغيير عنوان تقرير رئيس لها من "#اطمن_انت_مش_لوحدك: انتفاضة في وجه السيسي" إلى "حملة #اطمن_انت_مش_لوحدك تجدد دعوتها للتظاهر ضد السيسي"، ما يعني تغير الموقف تجاه الشارع المصري. لو كان حدث الأمر في بريطانيا، لأحدث ضجة على مستوى مصداقية ومهنية القناة العريقة.
كيف ترى حملات التشويه والانتقاد التي تتعرض لها من وقت لآخر من نظام السيسي وإعلامه؟
علينا التفرقة بين حملات التشويه وحملات الانتقاد. فأي إنسان في العمل الأكاديمي يقبل بكل نقد موضوعي وذلك يمكنه من تطوير عمله، وبالتأكيد أخطاؤنا كثيرة في الحياة، لأننا نتعلم جميعا من مواقف ودروس الحياة التي لا تتوقف، وبالطبع سنظل نتعلم حتى النهاية.
أما حملات التشويه، فأنا لست ضحية لها، لأن أمري ليس بيدهم، بل سيكون أول من يعاني من تلك الحملات هم الأجيال الصغيرة القادمة، فحينما تقوم الدولة بتشويه كل فئة المتعلمين والباحثين والأكاديميين والعلماء المصريين سواء في الداخل أو الخارج، وتزعم أن الحل ليس في التعليم والبحث العلمي، بل في العنف، والواسطة، والرشاوى، وتدني المستوى الأخلاقي، وأشياء أخرى، فماذا تنتظر من المستقبل؟
وحينما يصبح حلم الشباب المصري أن يشبه مطربا في أغنية ما، أو ممثلا بعينه في أحد الأفلام التي تتسم بالعنف والإسفاف، هنا تتضح أزمة التشويه، حيث تطيح بالحلم في التعليم والأسرة المصرية السويّة، لأنك تسفه جهود الأسر وما تنفقه من آلاف الجنيهات شهريا على تعليم أولادهم حتى يصلوا لمستوى الأشخاص الذين يقومون بسبهم وإهانتهم ليل نهار، بل ويحاولون النيل منهم والتنكيل بهم أحيانا.
وهل حملات النقد أو التشويه التي تتعرض لها قد تدفعك للتخلي عن القيم والمبادئ التي تؤمن بها؟
اعتدت على هذه الحملات المغرضة والممنهجة منذ اعتراضي على "جهاز الكفتة"، وأصبحت أشد إصرارا وعزيمة وتشبثا بقناعاتي، وحتى في حياتي المهنية جعلتني أكثر عزما على النجاح. وأشكر كل من شوّه صورتي، فقد جعلني أكثر إصرارا على الاعتناء بجوهري ورسالتي.
وطالت هذه الحملات من هم أكثر مني قدرا وأرفع مني مقاما، فليس بالجديد أن تعادي الأنظمة المستبدة العلم والمتعلمين، ولكن الزمن تغير، وفقدت هذه الحملات مصداقية صانعيها قبل من طالتهم.
ألا تعترف أن عصام حجي وقع في أخطاء سابقة؟ وهل تعتذر عن هذه الأخطاء؟
بكل تأكيد وقعت في أخطاء كثيرة، مثل كل البشر، فكل ابن آدم خطاء، وقد أكون أيضا أخطأت أكثر من الكثيرين، ولذلك تعلمت أيضا الكثير، وأنا أعلنت مرارا اعتذاري الواضح والصريح عن هذه الأخطاء، وقد قلت ذلك مرارا منذ عام 2016.
نحن موجودون في مشهد مأزوم ومُعقد منذ عقود؛ فلا يوجد فيه أي عمل سياسي أو إنساني أو اجتماعي، ولا توجد أي مشاركة للمواطن العادي في أي عمل من الأعمال السياسية أو المجتمعية. ولذلك تكثر الأخطاء وسوء التقدير. ولا تلوم أحدا على أخطائه أو سوء تقديره، لأنه لا يوجد مجال للعمل في هذه المجالات من الأساس، بالتالي فكلها اجتهادات تفتقر للأرقام والحقائق، ولكنها لا تفتقر للرؤية وللنية الصادقة في النهوض بمصر.
لذا، لا ينبغي أن نُحاسب بعضنا البعض على الأخطاء بكل هذه القسوة والحدة في الاختلاف، علينا أن يتقبل كل منا الآخر، وأن تكون هناك سعة صدر في قبول الآخر. ويجب ألا نعتقد أننا نملك الحقيقة المطلقة، حتى لا نكون أقسى على أنفسنا من واقعنا المعاصر والمرير، وأرجو أن نحاول المضي قدما للأمام بكثير من الرحمة بيننا جميعا.
والمستوى التعليمي لأي منا لا يمنع من الخطأ أو سوء تقدير الأمور، بل يجعلك قادرا -بكل شجاعة- على الاعتذار عن الأخطاء ثم محاولة تصحيح هذه الأخطاء، وأنا أحاول تصحيح تلك الأخطاء بالفعل منذ مغادرتي رئاسة الجمهورية. وأي إنسان من الطبيعي أن يقع في أخطاء ويُنتقد، وهذا النقد أستقبله بشكل بنّاء وأسعد به أحيانا، سواء كان هذا النقد من الأصدقاء أو حتى ممن لا يعتبرونني صديقا لهم.
من وجهة نظرك: ما هو الدور المنوط بالباحثين والعلماء المصريين فعله تجاه التطورات التي تحدث؟
هناك مشكلة جوهرية في التعامل مع الأحداث، وهذا ما أتمنى إصلاحه خلال الثلاث سنوات المقبلة، وكلي أمل أن أساهم في وضع أسس الإصلاح بمصر بمشاركة كل قوى الإصلاح والتغيير والباحثين والعلماء والأكاديميين المصريين في الداخل والخارج، الذين ينبغي عليهم ألا يتغافلوا أو يتقاعسوا عن مد يد العون لقوى الإصلاح ليكون العلماء والباحثون والأكاديميون هم الجسور للحوار الوطني المأمول بين الفرقاء السياسيين، والذي ينبغي أن يتم في أقرب وقت، وألا يغلقوا الباب على أنفسهم..
بل إن عليهم أن يكونوا الدرع الذي يحمي الوطن من الفتن في اللحظات الفارقة، وأن لا يعتقدوا أن الإبداع العلمي مشروط بعدم مساعدة أمة فقيرة وحزينة كبلدنا مصر التي هي اليوم في أمس الحاجة لمساعدتهم.