هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر اقتصاديون وسياسيون من التكليف الجديد، الذي أصدره رئيس نظام الانقلاب العسكري بمصر، عبد الفتاح السيسي لوزير الأوقاف، بإعادة دراسة الوضع القانوني والتشريعي والشرعي لأموال الوقف، للاستفادة منها في خدمة الاقتصاد المصري.
وقالوا خلال حديثهم لـ"عربي21" إن هذا التكليف، يمثل التفافا جديدا للسيسي من أجل السيطرة على أموال الأوقاف للاستفادة منها في علاج عجز الموازنة العامة للدولة، وهو ما سبق وأن صرح به رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، بوجود تكليفات رئاسية لحكومته لاستغلال أموال الوقف في علاج عجز الموازنة، وتمويل المشروعات القومية الكبري.
وقد عقد السيسي قبل يومين اجتماعا مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووزير الأوقاف مختار جمعة، دعا فيه الوزارة إلى إجراء المزيد من الدراسة مع الخبراء والمتخصصين في إطار الضوابط الشرعية والقانونية، لتعظيم الاستفادة من أصول الوقف وعائداته الاستثمارية.
اقرأ أيضا: تصريحات وزراء السيسي بعدم وجود مخصصات لوزارتهم تثير جدلا
ودعا السيسي لتفعيل نظام الحوكمة وتنظيم العائدات من أصول وأراضي الوقف، وتحويلها إلى ركيزة اقتصادية، بينما أعلن وزير الأوقاف، بأن هيئة الأوقاف انتقلت من مرحلة الحصر إلى مرحلة الدراسة الاستثمارية لأعيان الوقف.
وتشمل أموال الوقف الإسلامي 250 ألف فدان ووحدات عقارية، ومبان ذات قيمة تاريخية، بمختلف أرجاء مصر، وممتلكات قدرها رئيس هيئة الأوقاف سيد محروس، في تصريحات صحفية بـ "تريليون و37 مليار جنيه، كحد أدنى (61 مليار دولار)، بخلاف ما لم يتم تثمينه ماليا لقيمته التراثية والأثرية، أو الممتلكات التي عليها خلاف مع جهات أخرى، تزيد عن نصف مليون فدان.
تزيد عن القروض
من جانبه يؤكد عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفي لـ "عربي21" أن الحكومات المصرية المتعاقبة كان لديها هدفين أساسيين، لسد عجز الموازنة، أولهما الاستيلاء علي أموال التأمينات والمعاشات، والمضاربة بها في البورصة، وهو ما استطاعت حكومة أحمد نظيف خلال حكم حسني مبارك تنفيذه، بينما فشلت في تنفيذ المخطط الثاني بالسيطرة والاستيلاء على أموال الوقف الإسلامي.
ويشير مصطفى إلى أن نظام السيسي، يعمل منذ استيلائه على الحكم في انقلاب تموز/ يوليو 2013، للسيطرة على أموال الوقف، والتي تزيد عن 1000 مليار جنيه (61 مليار دولار)، وهي نفسها قيمة القروض التي تحاصر الموازنة المصرية من كل اتجاه.
اقرأ أيضا: نظام السيسي يغير أسماء مئات المساجد بينها "رابعة العدوية"
وحسب البرلماني السابق، فإن الأزهر الشريف، سبق وأن تصدي لخطوات نظام الانقلاب السابقة للاستيلاء على أموال الوقف، ولكن لا يدري أحد، هل يمكن أن يصمد الأزهر، في ظل سيطرة السيسي على البرلمان والمحكمة الدستورية العليا، ومختلف الهيئات القضائية التي كان يمكن أن تتصدى لخطته، مثل محكمة مجلس الدولة، بعد التعديلات الدستورية الأخيرة والتي وسعت من قبضته على القضاء؟
ويضيف مصطفى قائلا:" السيسي توسع في تدمير العمل الخيري والأهلي، واستولى على آلاف الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وضم أموالها لخزانة الدولة، وفرض سيطرته على الجمعيات الأهلية، لمصالحه السياسية كما جرى في التعديلات الدستورية، وبالتالي فإن دعوته للاستفادة المثلي لأموال الوقف، لن تكون لصالح الوقف على الإطلاق ، وإنما من أجل الاستفادة من عوائد الوقف التي تزيد عن 100 مليار جنيه سنويا (6 مليارات دولار)".
أين الوقف القبطي
ويؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أيمن النجار لـ "عربي21" أن أموال الأوقاف تمثل كنزا كبيرا، لم تحسن الدولة استغلاله لصالح الأغراض المخصصة له، مشيرا إلى أن محاولات نظام السيسي في الاستيلاء عليه لن تتوقف، لأنه يعتبرها أموالا ليس لها صاحب، باعتبار أن أصحابها الواقفين غير موجودين، وهو أحق بها من غيره.
وحسب النجار فإن وزارة المالية، أعلنت مؤخرا عن حجم الفوائد وأقساط الديون في موازنة 2020/2019، والتي بلغت 971 مليار جنيه (57 مليار دولار)، بزيادة بلغت 154 مليار جنيه (9 مليارات دولار)، عن تقديرات الموازنة الحالية وهي 817 مليار جنيه (48 مليار دولار)، بنسبة زيادة 19%، وهي نفسها قيمة أموال الوقف الإسلامي بمصر، وهو ما يريد السيسي الاستفادة منه للخروج من دوامة الديون التي وضع فيها مصر، لعشرات السنوات المقبلة.
ويطرح الخبير الاقتصادي، تساؤلا آخر عن مصير أوقاف الأقباط، ولماذا لم يضعها السيسي في حساباته، مثل الوقف الإسلامي، مشيرا إلى أن الوقف القبطي رغم أنه أقل من الوقف الإسلامي، إلا أنه يمثل قيمة اقتصادية هامة، ومع ذلك فإن السيسي يستبعده من خططه، باعتبار أن الكنيسة لن تسكت عن أي محاولة للاستيلاء على هذا الوقف الذي يخضع لإشراف البابا تواضروس مباشرة.
ووفق النجار فإن مواقف وزير الأوقاف، متناغمة مع توجهات السيسي في دمج أموال الوقف ضمن خطة الدولة وموازنتها، مستدلا بتصريحات الوزير المتكررة عن عدم استفادة الدولة من أموال الوقف، ومطالبته بإصدار تشريعات جديدة تساعده في استخدامها كركيزة هامة في الاقتصاد المصري، رغم أن الوقف في الأساس عمل أهلي، ليس له علاقة بخطط الدولة أو موازنتها.