هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن التقرير الذي أصدرته مؤسسة راند للأبحاث والتطوير، الذي كشف عن نقاط الضعف التي تعاني منها روسيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الفكرة الأساسية للتقرير الجديد الذي أعدته مؤسسة راند تتمحور حول إجبار روسيا على توليد اختلالات في قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية. وتعد هذه المؤسسة أحد أكثر خلايا التفكير نفوذا في الولايات المتحدة، التي تدعي النصر على روسيا في الحرب الباردة بفضل التدابير طويلة الأمد التي اتخذتها.
وبينت أن الولايات المتحدة ترى أن هيمنتها قد تراجعت أكثر من أي وقت مضى بعد أن أضعفتها قوى صاعدة مثل الصين من الناحية الاقتصادية، وهو ما دفعها إلى فرض التعريفات الجمركية وأدى إلى بروز قضية هواوي مؤخرا، إلى جانب عدوها الكلاسيكي روسيا المتفوقة عليها عسكريا.
وأوردت أن هذا التقرير يفترض وجود مناورة دفاعية واضحة على المستوى الاستخباراتي. ومنذ أكثر من 70 سنة، كان لخلية التفكير راند تأثير واضح على السياسات الإمبريالية والعسكرية للعملاق الأمريكي، حيث كان لها صلة خاصة بسباق الفضاء والصراع النووي الذي شهدته الحرب الباردة.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: مغامرة روسيا بسوريا تؤتي أكلها.. لكن إلى متى؟
وأضافت أن هذه المؤسسة تُموّل حاليا من قبل الهيئات الرئيسية للحكومة، بما في ذلك وزارة الدفاع ووزارة الصحة وإدارة الأغذية والأدوية الأمريكية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الجامعات والمؤسسات. وتقترح خلية التفكير "راند" تمويل أوكرانيا في صراعها مع الكرملين دون اقحام نفسها في حرب مباشرة، نظرا لأن النصر سيكون دون شك حليف روسيا.
وأشارت إلى أن فكرة "روسيا ليست ضعيفة وليست قوية كما تبدو"، قد وردت في مقدمة هذا التقرير. وقد سلط هذا الجزء الضوء على نقاط الضعف التي عانت منها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، والتي شملت أساسا تراجع أسعار النفط والغاز بشكل كبير مقارنة ببضع سنوات مما أدى إلى تدني مستويات عيش السكان، والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي نتيجة للصراع مع أوكرانيا، إلى جانب المشاكل الاجتماعية والديموغرافية. كما طرح التقرير إمكانية تغيير النظام الروسي على أن يكون أقل استبدادية من نظام فلاديمير بوتين.
وعلى الصعيد العسكري، لا تزال روسيا واحدة من أكبر القوات العسكرية في العالم، وهو أمر تدركه مؤسسة راند جيدا. وتتمثل أبرز أهداف هذا التقرير في قيادة حملة لإثارة مزيد من التوتر بشأن صراع روسيا وأوكرانيا، لكن دون التدخل مباشرة في ذلك، لأنه من الواضح أن ذلك سيؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة، سيكون بوتين المنتصر فيها.
ونوهت الصحيفة إلى أن مؤسسة "راند" وجهت أنظارها نحو سوريا، حيث تستمر الولايات المتحدة في دعم المعارضة ضد نظام بشار الأسد، لكن ليس أكثر من اللازم، نظرا لأنها يمكن أن تعرض الأولويات السياسية الأخرى للخطر على غرار الحرب على الإرهاب. كما تقترح المؤسسة أن دعم الاستقلال السياسي والاقتصادي لروسيا البيضاء لن يكون فكرة جيدة، لأنه يمكن أن يؤدي إلى استجابة عسكرية قوية من الكرملين، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة أمن أوروبا وانتكاسة واضحة لسياسة الولايات المتحدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإنه بالنظر إلى الصعوبات التي يمر بها الهجوم الأمريكي على الجانب العسكري، فإن أضعف نقطة في روسيا هي اقتصادها. وفي هذا الصدد، تقترح خلية التفكير زيادة العقوبات التجارية والمالية، خاصة إذا وافقت عليها بقية حكومات الكتلة الغربية، لتكوين حركة متعددة الأطراف بموافقة قوى مثل الاتحاد الأوروبي. ويقول التقرير إنه "على الرغم من أن العقوبات يمكن أن تكون تكاليفها باهظة، اعتمادا على مدى صرامتها، إلا أنها تنطوي على مخاطر كبيرة".
وأوضحت الصحيفة أن مؤسسة راند تنصح بأن تظهر الدول الأوروبية أنها قادرة على إيجاد بديل للغاز والنفط الروسي من خلال الغاز الطبيعي المسال المستورد عن طريق البحر من دول أخرى. كما يقترح التقرير تشجيع هجرة الأدمغة والعمالة الماهرة والشباب المدربين تدريبا جيدا إلى بلدان أخرى محيطة، أو حتى إلى الولايات المتحدة، على الرغم من أنهم يدركون في الحقيقة أنها عملية معقدة مع إمكانيات قليلة لتحقيقها.
اقرأ أيضا: إندبندنت: كيف تتصارع روسيا وأمريكا على الشرق الأوسط؟
وعلى الصعيد الأيديولوجي، تسعى خلية التفكير "راند" إلى تقويض ثقة الناخبين في النظام الانتخابي الروسي. ومع ذلك، يقر التقرير بأن ذلك يمثل موضوعا شائكا لأن الكرملين يتمتع بالسيطرة الحكومية على معظم وسائل الإعلام، بما في ذلك الإنترنت. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن استياء بوتين سيزيد عن حده، لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الهائلة التي ينطوي عليها هذا الإجراء. ففي المقام الأول، قد يتسبب ذلك في قمع حكومي أكبر للمعارضين، فضلا عن تحويل الانتباه إلى صراع خارجي، على الأرجح في الأراضي الأوروبية، ما يعني أن هذا الخيار ليس آمنا.
وأفادت الصحيفة بأن خلية التفكير تقترح تشويه صورة روسيا في الخارج من خلال العقوبات وحق النقض في المنتديات الدولية، إلى جانب تطوير إجراءات المقاطعة في الأحداث الرياضية أو الثقافية ذات الانتشار العالمي، مثل كأس العالم. ويؤكد التقرير أنه "في حين أن احتمال نجاح هذه التدابير ضئيل، فإنه يمكن لأي منها أن يولد المزيد من القلق في صفوف المواطنين والحكومة، من خلال استخدامها كتهديد رادع لنزع فتيل حملات التضليل والتخريب للنظام الروسي".
ونوهت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى إمكانية نشر الجيش في الأجزاء الشرقية من أوروبا، تعترف مؤسسة "راند" بأن زيادة وجود القوات العسكرية الأمريكية في أوروبا ووحداتها البرية سيكون مخاطرة كبيرة، خاصة في ظل التوتر القائم حاليا في أوكرانيا وروسيا البيضاء والقوقاز. كما أن هناك خططا لتعزيز تعاون القوى المتكاملة في حلف الناتو. ويهدف خروج الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية المتوسطة إلى نشر صواريخ نووية متوسطة المدى جديدة تستهدف روسيا على الأراضي الأوروبية، ما قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد بين البلدين.