هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على مساعي الرياض لحشد العالم العربي ليُشكل قوة مناهضة لإيران، خاصة في ظل موجة التوترات الأخيرة بين البلدين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جهود السعودية للحد من قوة طهران المتهمة بزعزعة استقرار الشرق الأوسط، توشك على الاصطدام بالحسابات المتباينة لكل من قطر ومصر.
وسيجتمع العالم العربي والإسلامي في مكة يومي الخميس والجمعة من الأسبوع الحالي في إطار ثلاث قمم متتالية على خلفية التوترات المتزايدة بين المعسكر المؤيد للسعودية وإيران.
وفي مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي، المخطط له منذ فترة طويلة، تمت إضافة اجتماعين استثنائيين بناء على طلب من الملك سلمان، وهما اجتماع جامعة الدول العربية واجتماع مجلس التعاون الخليجي.
وأوردت الصحيفة أنه بفضل هذا الاجتماع الذي سيستمر ليومين، ومن المقرر أن يحضر فيه 57 رئيس دولة وحكومة، تأمل الرياض تشكيل أكبر جبهة ممكنة ضد طهران.
وصرح رئيس المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل، في مقال له نُشر على الموقع الإلكتروني لقناة العربية بأن "هذه القمم تمنح فرصة ذهبية لتوحيد الصفوف وتنسيق جهودنا والحفاظ على رفاهية أمتنا". وأضاف الفيصل أن "عرض الملك سلمان (...) يشكل المحاولة النهائية لتفادي وقوع كارثة".
وبينت الصحيفة أن الخليج العربي يمر بمرحلة اضطرابات منذ أعمال التخريب المتعمد التي جدت يوم 12 أيار/ مايو قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية، التي طالت أربع سفن بما في ذلك ناقلتان سعوديتان.
اقرأ أيضا : الرياض تستعرض بقايا "أسلحة حوثية" أمام قادة عرب (ِشاهد)
وفي الوقت الذي ما زال التحقيق في الحادث مستمرا، اتهم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الذي زار أبو ظبي يوم أمس الأربعاء، إيران بشكل مباشر بالضلوع في هذا الحادث.
وقال ممثل ترامب بسخرية "من الواضح أن إيران تقف وراء هجوم الفجيرة. من قد يقوم بأمر مماثل؟ شخص من نيبال مثلا؟".
عقب هذا التخريب الغامض، جد هجوم على خط أنابيب نفط سعودي بواسطة طائرات مسيّرة محملة بالمتفجرات، ومرسلة من اليمن من طرف الحوثيين المؤيدين لإيران.
وتُقاتل السعودية وحليفتها الإمارات هذه الميليشيا منذ سنة 2015، من خلال قصف جوي وحصار بحري تسبب في مقتل الآلاف من اليمنيين.
كما أعلنت السعودية يوم الاثنين أنها اعترضت صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون باتجاه أراضيها، بما في ذلك صاروخ باتجاه مكة وهو ما نفته جماعة الحوثي.
ونوهت الصحيفة بأن تجدد التوتر في الخليج يندرج في إطار أوسع لحرب اقتصادية تشنها واشنطن ضد طهران، منذ أن انسحب دونالد ترامب قبل سنة من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقّعه سلفه باراك أوباما.
مع ذلك، يشكك المراقبون الخارجيون في قدرة الرياض على تحفيز حلفائها العرب لفرض توازن جديد للقوة على إيران.
ويتوقع إبراهيم فريحات، المختص في العلوم السياسية والأستاذ في معهد الدوحة، أن "السعوديين يريدون الاستفادة من الموارد الدبلوماسية التي يمتلكونها من أجل تغيير الوضع الراهن.
لكن كل هذه الاجتماعات ستكون رسمية للغاية. ومن المرجح أنها ستفضي إلى دعوة إيران إلى التوقف عن التدخل في الشؤون العربية، وهو نوع التصريحات الغامضة والعامة التي عادة ما يتم تداولها في الرياض".
اقرأ أيضا : "علماء المسلمين" يطالب قمة مكة بتجنب حرب "مدمرة"
وذكرت الصحيفة أنه باستثناء الإمارات والبحرين، تبدو العديد من الدول العربية متحفظة بشأن السير على خطى واشنطن في مواجهتها مع طهران.
وبالنسبة للدوحة التي تعيش حالة من الصراع المفتوح مع الرياض وأبو ظبي، فقد وضعت نفسها في موقع الوسيط في ظل الأزمة الحالية على غرار عمان، التي لطالما كانت مقربة من طهران تاريخيا.
وفي خطوة ظاهرية لإعادة الهدوء، أدى وزير الخارجية القطري زيارة إلى طهران مؤخرا. وستكون قطر ممثلة في مكة المكرمة من طرف رئيس وزرائها الشيخ عبد الله آل ثاني، وهو أعلى مستوى تواصل بين قطر وأشقائها الأعداء الخليجيين منذ ما يقارب السنتين.
وأضافت الصحيفة أن مصر والأردن، على الرغم من كونهما حلفين مقربين من الرياض وواشنطن، تبدوان حريصتين على النأي بنفسيهما قليلا عن المحور السعودي الأمريكي.
وقد قامت القاهرة مؤخرًا بتسريب قرارها بالانسحاب من المحادثات المتعلقة بتأسيس حلف ناتو عربي، وهو مشروع تحالف عسكري معد لإيران، تدعمه السعودية لكنه تعثر منذ إطلاقه سنة 2017 من قبل جاريد كوشنر.
ومن جانبها، تنتقد عمان مبادرة أخرى لصهر الرئيس الأمريكي، تتمثل في خطته لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني التي تتعهد بقبر حل الدولتين.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه في المملكة الهاشمية، يثير هذا الاحتمال الخوف من العودة إلى "الخيار الأردني" الذي يتمحور حول نقل الدولة التي يطمح إليها الفلسطينيون إلى الأردن.
ونظرًا لاعتباره تهديدًا للأمن القومي للأردن، دفع هذا السيناريو الملك عبد الله إلى التقرب في الأشهر الأخيرة من تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، المعروف بموقفه القوي من القضية الفلسطينية.