هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قضت المحكمة العليا البريطانية بعدم
قانونية قرار رئيس الوزراء بوريس جونسون تعليق البرلمان، ودعت نواب مجلس
العموم للاجتماع "في أقرب الآجال".
وعلق جونسون على هذا القرار خلال حديث له مع
وسيلة اعلامية بريطانية: "عليّ القول إنني أختلف بشدّة مع ما خلص إليه القضاة،
لا أعتقد أنه صحيح، لكننا سنمضي قدمًا وبالتأكيد سيعاود البرلمان عقد
جلساته".
رفض الانتخابات
وفور صدور قرار المحكمة العليا طلب جونسون
تنظيم انتخابات مبكرة في البلاد، ما أثار تساؤلا عن إمكانية تحقيق طلبه، خاصة في ظل
ضبابية موقفه من الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وحول إمكانية قبول المعارضة وبقية الأحزاب
البريطانية إجراء انتخابات مبكرة قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي يجيب الباحث السياسي،
كامل حواش على هذا التساؤل بالقول: "ليست هذه المرة الأولى التي يطلب فيها
جونسون تنظيم انتخابات، فقد فعلها قبل تعطيل البرلمان وتم رفض طلبه".
وأشار حواش في حديث لـ"عربي21" إلى
أن "المعارضة موحدة برفض إجراء انتخابات مبكرة، قبل أن يضمنوا أن لا يكون
هناك إمكانية للتلاعب في الوضع، لتمرير موضوع الخروج من الاتحاد الاوروبي دون
اتفاقية".
وأضاف: "بالإضافة إلى ذلك فهو لا يستطيع
الذهاب إلى انتخابات مبكرة، إلا إذا استطاع أن يحصل على تأيد ثلثي البرلمان لهذا
الطلب".
وحول سبب رفض الأحزاب الأخرى إجراء انتخابات
مبكرة قال حواش: "سبب الرفض هو خوفهم إن وافقوا على طلبه، أن يقوم بتأخيرها
لما بعد 31 أكتوبر، حتى يحدث الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق".
واستدرك بالقول: "الأحزاب الأخرى تريد
أجراء انتخابات، ولكنهم لا يثقون بكلام جونسون، فمثلا لو حدد موعدها في منتصف
أكتوبر قبل اجتماع المجلس الأوروبي، لا يضمنون أن سيلتزم بذلك، بالتالي هم لن
يجازفون بالذهاب لانتخابات مبكرة إلا بعد ضمان عدم الخروج بدون اتفاقية".
اجماع مفقود
من جهته قال المحلل السياسي والخبير في القانون
الدولي، إسماعيل خلف الله: "أعتقد أن موعد إجراء هذه الانتخابات لا يحظى
بالإجماع، لأن جونسون يريد إجراءها قبل موعد البريكست، والشروط التي وضعتها
المعارضة لقبول أجراء الانتخابات هي أن يتم مرور قانون منع خروج بريطانيا بدون
اتفاق، والذي لم يتحقق بعد".
وتابع خلف الله في حديث لـ"عربي21": "أصبح من المعلوم أن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبحت معقدة، فالشعب
البريطاني صوت في 2016 لصالح الخروج، والنواب في البرلمان البريطاني والذين من
المفروض أن يمثلوا هذا الشعب لم يتوصلوا إلى حد الآن إلى آلية هذا الخروج وبقي الأمر
معلقا يعيش تحت التأجيل تلو الآخر".
وأضاف: "ومن هنا أستطيع أن أقول أن نقطة
قوة جونسون تكمن هنا، عندما ذهب إلى اقناع الملكة بتعليق عمل البرلمان لمدة خمسة
أسابيع، والذي ابطلته المحكمة العليا، وتعهد بوريس جونسون باحترام هذا القرار، ومن
هنا جاءت دعوة بوريس جونسون إلى تنظيم انتخابات مبكرة".
وأكد خلف الله على أن طلب جونسون أجراء
انتخابات مبكرة جاء "لأنه يعلم أنها ستكون لصالحه، خاصة وأن هذه الانتخابات
ستكون حول برنامج انتخابي واسع يشمل كل القطاعات من إقتصاد إلى تربية إلى غير ذلك
وأن البريكست سيكون جزء من هذا البرنامج".
وأردف: "كما قلت أن قرار إجراء الانتخابات
لا يحظى بإجماع، بالتالي الأمور غير واضحة، وسينتظر الجميع ما يقرره البرلمان في
اجتماعه الأول اليوم بعد تعليقه من طرف جونسون، وبعد الغاء المحكمة العليا لقرار
تعطيله".
"بالتالي لا أتوقع أن تحدث انتخابات قبل
31 أكتوبر، بناء على أن جونسون لم يقدم استقالته، وهو يبذل جهده أن يستمر في
محاولته الخروج من الاتحاد الأوروبي".
استفتاء جديد أم خروج بدون اتفاق
وعبرت عدة أحزاب بريطانية وعلى رأسها حزب
الديمقراطيين الأحرار عن رغبتها بإجراء استفتاء أخر على الخروج من الاتحاد
الأوروبي، وأيضا تعهد زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين نهاية الأسبوع الماضي بإجراء
استفتاء جديد في حال فوز حزبه في الانتخابات القادمة.
وتثار تساؤلات قانونية حول احتمالية إجراء
استفتاء آخر في حال فاز حزب مؤيد لذلك في الانتخابات، خاصة أن هناك تململ عند
الأحزاب في ظل عدم اقرار اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
يرد الخبير في القانون الدولي خلف الله على هذا
التساؤل بالقول: "أعتقد أن أجراء استفتاء ثاني قانوني، وذلك في حال حصل على
تأييد اغلبية البرلمان، وربما ذلك سيكون مخرجا جيدا لكل من لندن والاتحاد
الأوروبي، خاصة أن خروج بريطانيا هو خسارة للطرفين".
ويُعد حزب العمال أحد أكبر الأحزاب المعارضة،
وموقفه من إجراء استفتاء ثان سيؤثر على مدى امكانية حدوث ذلك.
وحول موقف حزب العمال من إجراء استفتاء ثان
يقول المحلل السياسي كامل حواش: "بالنسبة لحزب العمال الموقف هو يريد أن تحصل
انتخابات، وأنه في حال فوزه سيذهب للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة أشهر،
ليأتي بأفضل اتفاقية يستطيع الحصول عليها، ومن ثم يذهب لاستفتاء يكون خياراته أما الموافقة
على هذه الاتفاقية، والخيار الثاني البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي".
رأي الناخب
وفي حال قرر الساسة إجراء استفتاء ثان كيف
ستكون ردة فعل الناخب البريطاني، خاصة أن غالبية الناخبين الذين أيدوا الخروج من
الاتحاد الأوروبي يعارضون فكرة استفتاء ثان، ويتهمون الأحزاب بأنها تريد مصادرة
حقهم الديمقراطي.
وعن إمكانية تغيير مؤيدي الخروج لرأيهم في استفتاء ثان، وأيضا رغبة المؤيدين للبقاء،
يرى حواش بأنه "من الصعب التنبؤ بقرار الناخب البريطاني حول إجراء استفتاء
ثان على الخروج من الاتحاد الأوروبي من عدمه"، مضيفا: "فنحن لا نعلم كيف
سيكون رد فعل الناخب البريطاني على الاتفاقية التي يمكن أن يأتي بها مثلا حزب العمال لو فاز، لأنه لا يعلم شيئا إلى
الآن عن هذه الاتفاقية، وأيضا لا نعرف إن كان من أيد الخروج سيقبل فيها".
وخلص بالقول: "التوجه عموما في العمال هو
تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي، وأيضا حزب الأحرار يؤيد ذلك، وأعتقد قد يكون
هناك فرصة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي".