هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور، يقول فيه إن عيني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجهتان على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكثر من الرئيس دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن روسيا وإيران لديهما قوات في سوريا، وستجدان فرصة من داخل الفوضى التي أحدثتها القرارات الأمريكية المتهورة.
ويقول وينتور إن قرار الرئيس ترامب، الذي منح الضوء الأخضر للجيش التركي للتوغل داخل الأراضي السورية، أدى إلى فيضان من النقد من العواصم الأوروبية ومن الكونغرس، خاصة من الجمهوريين، وكلهم قالوا إن التدخل التركي سيؤدي إلى عودة تنظيم الدولة ومقتل المدنيين، وسيعطي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سمعة غير جيدة، باعتبارها حليفا لا يؤتمن.
وتستدرك الصحيفة بأن الغرب فقد خلال العامين الماضيين البوصلة في سوريا، مشيرة إلى أن ما يهم أردوغان هو الطريقة التي سترد فيها إيران وروسيا، وكلاهما لديهما قوات عسكرية في سوريا.
ويجد التقرير أن الرد سيكشف عن مستقبل الحرب الاهلية، التي مضى عليها ثمانية أعوام، لافتا إلى أنه في الوقت الذي ناشدت فيه موسكو وطهران أردوغان بضبط النفس، إلا أنهما ستحاولان استغلال الفرصة التي أحدثها قرار ترامب المتهور.
ويبين الكاتب أنه على المستوى البسيط فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الطامح إلى تعميق الوجود الروسي في الشرق الأوسط، سيحاول الاستفادة مما ينظر إليها على أنها خيانة أمريكية للأكراد، الذين استخدموا كالثور الهائج في الحرب ضد تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن الدرس من هذا كله واضح، كما سيقول بوتين: عندما تحين ساعة الجد فأمريكا لن تحمي ظهوركم، وهو ما ستلاحظه الرياض.
وتذهب الصحيفة إلى أن "بوتين راغب في رؤية نهاية للحرب الأهلية السورية، وعندما ستغادر الولايات المتحدة، فإنه قد يحاول عقد (صفقة القرن) بين أردوغان والنظام السوري والأكراد".
ويلفت التقرير إلى أن موسكو كانت منذ التدخل الروسي في سوريا عام 2015 لدعم بشار الأسد، تحاول جر العملية السياسية من يد الغرب، وأجبرت المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا للقبول بعملية الأستانة، وهي عملية اقترحها بوتين لمنافسة العملية السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة في جنيف، ما مكن الأسد بمساعدة الروس من التقدم في الميدان العسكري ضد المعارضة.
ويستدرك وينتور بأن عملية أستانة قادت بشكل بطيء إلى اللجنة الدستورية السورية التي تدعمها الأمم المتحدة، التي اقترحها بوتين أول مرة في كانون الثاني/ يناير 2018، مشيرا إلى أن الهدف هو كتابة دستور جديد لسوريا والتحضير للانتخابات.
وتذكر الصحيفة أن المبعوث الأممي غير بيردسون أعلن عن اللجنة بشكل رسمي في 23 أيلول/ سبتمبر، زاعما أنها "أول اتفاق سياسي متماسك" يتم توقيعه بين النظام والمعارضة، وهو ما يعني "قبول كل طرف للآخر"، مشيرة إلى أن اللجنة تشمل على 150 عضوا موزعا بالتساوي بين حكومة الأسد والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني، فيما يتوقع عقد اللجنة أول جلسة لها في 30 تشرين الأول/ أكتوبر في جنيف.
ويقول التقرير إن المحادثات قد تنهار، فإن هناك أفرادا من الأكراد مرتبطون باللجنة مع أن الهيئة السياسية حزب الاتحاد الديمقراطي ليست ممثلة فيها، لافتا إلى قول الأسد إنه ليس مستعدا لقبول مشاركة جماعة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني في اللجنة، خاصة أنه يعدهم تهديدا على سوريا.
وينوه الكاتب إلى أنه كون اللجنة الدستورية هي فكرة بوتين، فإنه سيحاول منع تأثرها بالقتال الحالي في شمال شرق سوريا، بل على العكس ستكون مناسبة ليعقد مصالحة بين النظام والأكراد، مشيرا إلى أن بعض الأكراد الذين كانوا يراقبون الإشارات من ترامب، وبأنه قد يتخلى عنهم، اعتقدوا أن مستقبلهم يكمن في التصالح مع دمشق بناء على سوريا فيدرالية.
وتنقل الصحيفة عن قائد قوات سوريا الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية، مظلوم كوبان، قوله: "نفكر في التشارك مع الرئيس الأسد لمحاربة القوات التركية".
ويستدرك التقرير بأن بوتين حاول التصدي لأكثر من قضية، فاتصل مع أردوغان، وطلب منه التفكير بعناية؛ لئلا يدمر الجهود التي بذلت لحل الأزمة السورية، لافتا إلى أن بوتين لا يريد في الوقت ذاته إغضاب أردوغان، أو الإشارة إلى أن المخاوف التركية النابعة من الإرهاب الكردي على الحدود الجنوبية لا أساس لها، خاصة أنه حاول إبعاد تركيا عن الناتو، وأقنع أردوغان بشراء منظومة دفاع روسية.
ويشير وينتور إلى أن اقتراح بوتين، المدعوم من الرئيس الإيراني حسن روحاني، هو إحياء اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا عام 1998، وفيها اعتراف بمظاهر القلق التركية من نشاطات حزب العمال الكردستاني، إلا أن الحل ليس منطقة آمنة تديرها تركيا، بل ضمانات أمنية تقدمها الحكومة السورية، لافتا إلى أنه في السياق ذاته فإن حل أزمة اللاجئين السوريين لا تكون من خلال إجبارهم على العودة إلى المنطقة الآمنة، لكن بوقف الحرب الأهلية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إنه "في قلب هذا اللغز كله هناك اتفاق بين الأسد والأكراد وتركيا، ولو استطاع بوتين عمل هذا، فإنه سيكون بالتأكيد (صفقة القرن)، ولو لم يستطع فقد ينتهي للنتيجة التي توصل إليها ترامب ذاتها، وهي أن الشرق الأوسط لا يجلب إلا (الرمال والموت)".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)