إذا لم يتم العبث في إرادة
المحامين، فإن إعلان سقوط النقيب الحالي
سامح عاشور، هو قرار كاشف؛ ذلك بأن المتابعة الدقيقة منذ بدء عملية الفرز في الليلة الماضية، تؤكد فوز منافسه رجائي عطية بنسبة كبيرة، تحتاج إلى تدخل رأس السلطة لتغيير النتيجة، لكن الفارق كبير في كل الصناديق وعلى مستوى
جميع النقابات الفرعية في طول القطر
المصري وعرضه!
وهناك من يبدون تخوفهم من تدخل السلطة لتغيير النتيجة لصالح سامح عاشور. وقبل كتابة هذه السطور كتب المحامي منتصر الزيات عن تحركات وصفها بـ"المريبة"؛ تحدث. وظني أنه حتى لو تم التدخل بتزوير
الانتخابات، فيسهل للأسباب سالفة الذكر الطعن في النتيجة أمام القضاء فيصبح
سقوط عاشور هو مسألة وقت لا أكثر.
فسامح عاشور قد سقط ولم يبق سوى إعلان النتيجة، سواء من اللجنة المشرف على الانتخابات، أو من القضاء إذا تم العبث بأصوات الناخبين، ليكشف هذا عن أن اللعنة التي يعرفها المصريون جيداً قد حلت به، وهي الخاصة بلعنة القوانين وتعديلها بغرض البقاء في السلطة، وفي كل مرة تحل اللعنة بمن يستحقها، فهل من مدكر؟!
في عهد المخلوع:
إن قانون نقابة المحامين ينص على أنه لا يجوز الترشح لموقع النقيب لمن بقي لدورتين متصلتين في الموقع. وفي عهد الرئيس المخلوع تم النظر لسامح عاشور على أنه "فرخة بكشك"، رغم أن منافسه في الانتخابات لدورتين هو "رجائي عطية" المقرب من مبارك، ومحامي نجليه في القضية المرفوعة منهما ضد مجلة "المجلة" السعودية. فقد كان مطلوبا استمراره في الموقع من قبل من بيدهم ملف النقابة في السلطة، فتم تعديل القانون بما يسمح له بالترشح للمرة الثالثة في سنة 2009، لكن لعنة التمديد أصابته، فسقط، وكانت المفاجأة أن من أسقطه ليس هو المنافس التقليدي له. فلو كان هذا لهان الأمر، فرجائي عطية محام كبير ومعروف، وهو فقيه في مجاله، ومن رموز المهنة الآن، لكنهما سقطا معاً، ليفوز نقيب النقابة الفرعية بمحافظة الجيزة، كنوع من التصويت العقابي ضده، وهو تصويت ينصرف دائما لمن لم يكن متوقعاً له النجاح ولمن هو أقل شأنا من بين المرشحين، وشاهدناه كثيراً في الانتخابات البرلمانية والنقابية!
ولم يكن التعديل الجديد على القانون قد ألغى شرط الدورتين المتصلتين، لكنه بدأ حساب الدورتين من تاريخ التعديل، وهو ما يعني أن دورته الأولى كأن لم تكن، وهي التجربة التي استلهما السيسي بعد ذلك، كما أنه نفسه استفاد من تجربة السيسي في التعديل لقانون المحاماة الذي تم في سنة 2008!
المدة المفتوحة:
لقد ألغى التعديل الأخير شرط عدم جواز الترشح لمنصب نقيب المحامين بعد الدورتين المتصلين، فصارت المدة مفتوحة، وعليه خاض عاشور الانتخابات الحالية. وقد تمثلت الاستفادة من تجربة السيسي في أنه تم المد له في الولاية الثانية، حتى يتمكن من تنقية الجداول وإعداد الكشوف. فالسيسي وإن كان لم يفتح المدة إلى مدد، فإنه قد أسقط ولايته الأولى من الحسبان، ليبدأ الحساب من تاريخ تعديل الدستور، على أن يتم المد في دورته الحالية من أربع إلى ست سنوات!
وإذ حلت
اللعنة على سامح عاشور، فقد حلت من قبل على السادات الذي قام بتعديل الدستور، بأن فتح مدة ولايته من مدتين إلى مدد، فلم يستفد من ذلك، حيث تم اغتياله قبل انتهاء دورته الثانية، ليستفيد مبارك من تعديل هذه المادة، ويظل في الحكم لثلاثين سنة، فلما قام بتعديل الدستور، وصنع أطول مادة في تاريخ الدساتير، حتى اشتملت على النص الدستوري، والنص القانوني، والنص اللائحة، ليحدد منافسه ومنافس ذريته من بعده، سقط حكمه، ولم يستفد من هذه المادة!
وهي تجارب ماثلة في أذهان المصريين، لكن الدنيا حلوة خضرة، وكل من يقدم على تجربة تعديل النصوص القانونية أو الدستورية، ليبقى في مركزه يظن أنه ناج من اللعنة، لكنها حلت بالجميع!
وإذ تلقيت الآن اتصالا من محام صديق يتابع انتخابات المحامين عن كثب، فقد أكد لي أنه من الصعب التلاعب في نتيجة النقيب، الأمر الذي يؤكد أن اللعنة قد نزلت بعاشور فعلا، كما شملت من قبل السادات ومبارك!
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.