هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا المستشار الإعلامي لحزب
البناء والتنمية المصري، خالد الشريف، جميع القوى السياسية وأطراف الأزمة المصرية
– وخاصة الإسلاميين – إلى "إجراء مراجعات حقيقية للاستفادة منها، والاعتراف
بالأخطاء، والتحلي بشجاعة الاعتذار عنها"، مشيرا إلى استعدادهم لتجرع السمّ
من أجل إنهاء الأزمة المصرية، التي "استنزفت الكثير من الدماء، وأضاعت الكثير
من الأعمار، وتسبّبت في خسائر لا تعد ولا تحصى".
وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "من المهم
للغاية أن يعلن التيار الإسلامي بشكل جلي أننا لسنا طلاب سلطة، ولا نسعى للحكم، بل
نسعى ونجتهد ونبذل ونضحي من أجل مصلحة الوطن والشعب، ومستعدون لفعل أي شيء يصب في هذا
الاتجاه،. بل إننا مستعدون
الآن لتجرع السمّ من أجل إنقاذ بلادنا وأبناء وطننا الحبيب مما هم فيه، حيث يجب أن
نتعالى فوق الآلام والمرارات والجراحات، والتعاطي
بواقعية مع المشهد الجديد ومعطياته الراهنة".
وكان الكاتب الصحفي المعروف، فهمي هويدي، قد كتب مقالا
يوم 23 أيلول/ سبتمبر 2013، بعنوان: "مَن يتجرع السم لأجل الوطن؟"، طالب
فيه جماعة الإخوان وأنصارها بتجرع السمّ عبر التوقف عن المظاهرات والعودة إلى بيوتهم، مؤكدا أن "الوطن والأمة معا بحاجة إلى طرف شجاع يتقدم لكي يطفئ
الحريق، وينقذ مصر من الرياح المسمومة التي هبت عليها، وأطلقت فيها وحوش الغضب
والثأر والانتقام ودعوات الاقتلاع والإبادة، وهو ما يدعوني إلى طرح السؤال التالي:
من يتجرع السم ليسدي للوطن تلك الخدمة في اللحظة الراهنة؟".
وأضاف هويدي، في مقاله: "إنني لا أتصور عقلا أن أطالب السلطة
القائمة بتلك الخطوة، ليس فقط لأنها معتمدة على الجيش والشرطة، ولكن أيضا نظرا
للتأييد الشعبي الواسع لها، لذلك فإنني أتوجه بالنداء إلى الإخوان وحلفائهم، وتلك
مغامرة شخصية من جانبي لم أستشر فيها أحدا ولا أعبّر فيها عن أحد. في هذا الصدد
فإنني أدرك فداحة الثمن الذي دفعه الإخوان، وقدر الظلم الذي وقع عليهم، كما أنني
أقدر مشاعر قواعدهم، إلا أنني أثق في حكمتهم ووطنية قياداتهم."
وذكر المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية: "لم
يستمع أحد لكلام فهمي هويدي، بل اتهمه البعض بالاعتراف بالانقلاب وترسيخه، ولم يصغ
أحد لكثير من المبادرات والنداءات الصادقة، حرصا على الوطن، وحقنا للدماء".
واستطرد الشريف قائلا: "كانت الكارثة في التعامل مع
الانقلاب بسلاح الاعتصامات والمظاهرات، وضياع فرص التفاوض السياسي والعروض
المبادرات، بداية من عرض السيسي نفسه بحضور سعد الكتاتني لبيان الانقلاب ومشاركة الإخوان
في الحكومة أو المطالبة بفض اعتصام رابعة وخروج المعتقلين".
"اعتصام رابعة"
وقال: "كان يجب عدم تنظيم اعتصام رابعة العدوية أو
النهضة، وإدراك فداحة الخسائر في مواجهة سلطة تشتهي الدماء، وتريد أن تمر على جثث
أبنائنا من أجل حكم مصر. كان يُمكن منع المزيد من المذابح التي وقعت بعد مذبحة
الحرس الجمهوري، ومنها مذبحة المنصة، ومجزرة رابعة والنهضة، ومذبحة رمسيس الأولى
والثانية، ومذبحة 6 أكتوبر، وغيرها الكثير والكثير، خاصة وأن المواجهة غير متكافئة
بين جيش مدجج بالأسلحة والطائرات والدبابات والقذائف، وبين متظاهرين عُزل ومعتصمين
سلميين من رجال ونساء، وبالتالي كان هذا الاعتصام خطأ استراتيجيا".
وأكد الشريف أن "السيسي نجح في استدراج الثوار لتلك
المذابح بكل سهولة ليصنع نصرا زائفا، ويصدّر للعالم أنه استطاع سحق الإخوان
والتيار الإسلامي. كان يجب أن نواجه الانقلاب بمناورة سياسية وتفاوض إن أمكن أو
على الأقل بالانسحاب الكامل من المشهد السياسي لبعض الوقت حتى لو أدى الأمر
بالإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية إلى الكمون السياسي، حتى تهدأ عاصفة
الانقلاب حفاظا على الأرواح، وحقنا للدماء".
اقرأ أيضا: قيادي إسلامي يدعو المعارضة المصرية لخوض انتخابات البرلمان
وأضاف: "في الوقت ذاته كان يجب على السياسيين أن
يحولوا الصراع الدموي إلى صراع سياسي ونضال سلمي، وهذا أمر كان يمكن أن يتحقق لو
كانت النخبة السياسية على قدر كافٍ من الوعي السياسي والاجتماعي الذي يمكنها من إدارة
الصراع وتحويله إلى سلام من خلال تبني وترسيخ التسامح والتوافق والحوار والمشاركة
والإيمان الكامل بالديمقراطية ونتائجها، واحترام الآخر، والمصالحة، ومحاربة الإقصاء،
وإنجاز العدالة الانتقالية".
"هشاشة النخبة المصرية"
وأشار المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية إلى أن
"هشاشة النخبة السياسية في مصر أثناء وعقب اندلاع ثورة 25 يناير أدى لتوحش
انقلاب السيسي الذي أدار ظهره عقب التنكيل بالإخوان وحلفائهم إلى الفتك والانتقام
من جميع فئات الشعب".
وشدّد على أن "الإشكالية الكبرى تتمثل في أن النخبة
المصرية مصابة بالأنانية الذاتية، حيث تنظر لمصالحها الضيقة فقط دون مصلحة الوطن،
وهي نخبة تربت وترعرعت في حضن الاستبداد؛ فكثير منها استعبدها مبارك وامتطى ظهرها.
لذلك كان أداؤها سيئا للغاية بعد الثورة؛ فهي تناطحت وتعاركت من أجل الحصول على
مكاسب سياسية من مقاعد في البرلمان أو اللجنة التأسيسية للدستور، وبلغت ذروة
الانحطاط السياسي أنها رأت في الانقلاب فرصة ذهبية للتخلص من منافس قوي، وهو الإخوان
المسلمين".
ووصف أداء النخبة المصرية بـ "الكارثة الكبرى التي
أدت لتمكين الانقلاب، فضلا عن هشاشة جدار الثقافة السياسية عند قطاع كبير من
الجماهير. لذلك نقول إن جبهة الإنقاذ - مع حزب النور - تتحمل مسؤولية سياسية عن
الدماء التي سالت عقب الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب. كان يجب أن يدركوا منذ
اللحظة الأولى أن الانقلاب تم على التجربة الديمقراطية الوليدة، وليس على حكم
الإخوان فقط ليتم استباحة مصر بأكملها ويعيش أهلها في سجن كبير".
واستطرد قائلا: "أرى أن من واجبي الوطني أن أنبه
قومي وأهلي لمناطق الخلل من أجل إصلاحها، وتدارك الأخطاء لتصويبها، وإن لم نتمكن
من تصويبها؛ فمن حق الأجيال القادمة أن تعرف الحقيقة كاملة وتقود السفينة لبر
الأمان"، مؤكدا أن ما يطرحه هو رؤية شخصية لا علاقة لها بالجماعة الإسلامية
أو حزب البناء والتنمية، والذين قال إنهم محل تقديره واحترامه.
"مراجعات شفافة ونقية"
وقال: "إنني أطالب بمراجعة شفافة ونقية لكل
مواقفنا السابقة بداية من تصدر المشهد السياسي عقب الثورة، ومرورا بسياسة
الاستحواذ والإقصاء التي اتبعها الإخوان مع انتخابات البرلمان، وهي الكتلة
الأكثر تنظيما محتكرة الأغلبية في البرلمان، وهي ما مثل انقلابا صريحا على فكرة (المشاركة
لا المغالبة) التي ادعتها ودعت إليها الجماعة في أعقاب نجاح الثورة، بل إن الإخوان
مارست انقلابات صغرى وكبرى قبل انقلاب السيسي".
"أخطر انقلاب بمصر"
وأضاف: "أيضا القرار الأكثر فداحة من قبل جماعة
الإخوان هو خوض الانتخابات الرئاسية، رغم إعلان الجماعة عدم المنافسة على منصب
الرئاسة، وهو الأمر الذي أراه أخطر انقلاب حدث في
تاريخ مصر الحديث، لتداعياته الكارثية، بل إنه كان أكبر من انقلاب السيسي، لأن الانقلاب
الأول هو الذي أدى بدوره للانقلاب الثاني، بل إن هذا الانقلاب الكارثي كان انقلابا صريحا على كلام نائب المرشد العام المهندس خيرت الشاطر".
واستشهد بالتصريحات التي قالها "الشاطر" خلال في
مقابلته مع صحيفة الشروق المصرية في 28 نيسان/ أبريل 2011، قائلا: "الرجل كان
واضحا وجليا تماما في تلك المسألة، حيث قال نصا إن (البلد واقع جدا، ولا يوجد
فصيل بمفرده سواء الإخوان أو الجيش أو أي فصيل آخر يمكنه بمفرده أن يشيل الشيلة
لوحده، ونحن مع الفكر الائتلافي.. ولا نستطيع أن نغمض أعيننا عن سيناريو الجزائر
أو غزة عندما وصل الإسلاميون للحكم بشكل سريع فانقلبت المؤسسة العسكرية على
الإسلاميين، وانقلب الغرب على الشعب الغزاوي وفرض عليه الحصار بسبب وصول حماس
للسلطة، ولا نريد أن نكون السبب المباشر في قتل الحياة الديمقراطية بمصر)".
وأردف: "كل ما قاله الشاطر وحذّر منه في مقابلته مع
الشروق حدث بالضبط، وللأسف الشديد مضت جماعة الإخوان باستراتيجية مغايرة تماما لكل
ما قاله الشاطر وغيره، حتى لو قال البعض إن الشاطر نفسه انقلب على ذاته، لكن في
نهاية الأمر كانت النتيجة واحدة بغض النظر عن أي مبررات يرددونها، وهو ما يؤكد ضرورة
الدعوة لمراجعات حقيقية، وأن تكون هناك مكاشفة ومصارحة بين الجميع، وحتى لا نصبح
كالنعام نضع رؤوسنا في الرمال كي نتعامى عن رؤية الحقيقة".
ورأى الشريف أن "الإخوان احتكروا السلطة كاملة، وأقصوا
- بعمد أو بجهالة - رفاق الثورة وشركاء النضال والكفاح الوطني، وكانوا السبب الرئيس
في انقلاب الجيش على التجربة الديمقراطية، كما ذكر المهندس خيرت الشاطر. وكي لا يزايد
علينا أحد أدعو الجميع لقراءة هذه المقابلة الهامة قبل أن يقولوا بحقنا أي شيء".
وقال إن "ممارسات الإخوان في الحكم كان فيها
استعداء للكثير من الجهات والأطراف الداخلية والإقليمية والدولية. وهي ممارسات ومواقف
كثيرة أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التراجع عن وعود اتفاق فيرمونت،
والإعلان الدستوري، وغيره الكثير. كلها ممارسة لا تتفق أبدا مع مبدأ المشاركة
والتوافق مع القوى السياسية بعد الثورة، فضلا عن عدم جاهزية الإخوان لتولي حكم
البلاد ورئاسة دولة بحجم مصر".
وأضاف: "لم يكن لدى الإخوان كوادر سياسية كافية
لحكم مصر على الإطلاق، وحتى لو كان لديها كان من المستحيل أن تحكم منفردة، ولذلك
كان من الطبيعي أن تتحكم الدولة العميقة في المشهد بالكامل، وتعرقل أعمال الرئيس
مرسي، ولا تتعاون معه. ويمكن أن أستعير هنا كلمة رئيس المكتب السياسي السابق لحركة
حماس، خالد مشعل، في إحدى المناسبات الخاصة، حيث قال (ذهب الإخوان للحكم بلا أدوات،
فكان تعثرهم شيئا حتميا وطبيعيا)".