هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"الأسوأ لم يأت بعد"، هكذا وصفت وزارة الري المصرية واقع موسم الفيضان والسيول مع إعلان حالات الطوارئ والاستعدادات القصوى من السد العالي بجنوب مصر، وحتى مصب نهر النيل في دمياط ورشيد على البحر الأبيض المتوسط، بعد غرق أجزاء واسعة من السودان.
وغمرت مياه النيل بالفعل عشرات الأفدنة على ضفاف نهر النيل خلال الأيام الماضية في عدد من محافظات الدلتا (شمال القاهرة) مثل محافظة البحيرة، وهي أراض مبسوطة، وغير مرتفعة عن سطح البحر، وسط مخاوف من إمكانية غرق أماكن شاسعة في دلتا وصعيد مصر.
ووفق وزارة الري المصرية؛ بدأ موسم فيضان نهر النيل في آب/ أغسطس الماضي ويستمر لثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن موسم السيول أوشك على البدء بالتزامن مع شهور الشتاء حيث تتكاثر كميات سقوط الأمطار في بعض الأماكن لعدة أيام.
وقللت وزارة الري من أثر أي فيضان محتمل، وقالت في بيان، الثلاثاء، إن هناك تنسيقا دائما ومستمرا مع المحافظين والجهات المحلية، لاتخاذ كافة الإجراءات الاحتياطية للتعامل مع ارتفاع مناسيب المياه بما لا يؤثر على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة.
طوارئ محطات المياه
لكن الوزارة استغلت غرق بعض الأراضي طرح النهر (بمحاذاة النهر) لتحميل المزارعين السبب في غرق أراضيهم وممتلكاتهم، مشيرة إلى قيام كافة أجهزة الوزارة بالتصدي للتعديات والمخالفات، وخصوصاً مجرى نهر النيل بفرعيه وإرسال قرارات الإزالة للنيابات العسكرية لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها.
اقرأ أيضا: حماية حقوق مصر المائية في النيل وفق القانون الدولي (2من2)
وأضاف البيان أنه تم التأكيد على قيام مصلحة الميكانيكا والكهرباء بتشغيل محطات الرفع بكامل طاقتها وزيادة ساعات التشغيل للوصول بمناسيب المصارف إلى أقل منسوب ممكن وتشغيل محطات الطوارئ إذا لزم الأمر.
وسادت مخاوف حقيقية بين المواطنين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي من تعرض أجزاء واسعة للغرق في مصر على غرار غرق مناطق شاسعة في السودان؛ نتيجة السيول الناجمة عن فيضان نهر النيل، والأمطار الغزيرة التي تساقطت بغزارة.
الفيضان أعلى من المتوسط
وقال مصدر مسؤول في وزارة الري والموارد المائية إن "موسم الفيضان يبدأ في آب/ أغسطس بسبب زيادة سقوط مياه الأمطار على أعالي نهر النيل"، لكنه أشار إلى أن "مؤشرات الفيضان أعلى من المتوسط هذا العام، وهو ما بدأ يظهر في امتلاء النهر وفيضان بعض جوانبه في بعض الأماكن".
وكشف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ"عربي21": "أن الوزارة تعمل على الاستفادة من تلك المياه الزائدة سواء بغسل النهر أو تحسين نوعية المياه وغسيل الشبكة"، لافتا إلى "وجود غرف أزمات من أسوان إلى البحيرة، وأن كل من هم خارج طرح النهر لن يتأثروا لأن الوزارة تقوم بصرف كميات المياه بشكل مدروس ولا تشكل ضررا لأحد".
وعن أماكن احتجاز تلك المياه وسبب تضرر بعض الأراضي الزراعية، أكد أنه "يتم احتجازها (المياه) أمام السد العالي (بحيرة ناصر) ثم إدارتها بشكل جيد من خلال صرف كميات من المياه في المناطق المناسبة، وهناك 13 محافظة يمر بها نهر النيل، والأضرار خاصة بأراضي طرح النهر نتيجة التعديات لأنه جزء لا يتجزأ من نهر النيل".
من المبكر الحديث عن حجم الخسائر
إلا أن خبير المياه والسدود، الدكتور محمد حافظ، اعتبر أن الحديث عن احتواء آثار الفيضان "سابق لأوانه ومبكرا جدا"، ولم يستبعد تأثر المناطق القريبة من ضفتي النهر بشكل كبير، قائلا: "المناطق المحاذية والمنخفضة سوف تغمرها المياه، وتغرق المحاصيل".
اقرأ أيضا: امتداد فيضانات السودان.. وأكثر من نصف مليون متضرر (شاهد)
وأوضح لـ"عربي21" أن "تقييم الآثار الناجمة عن الفيضان، أمر غير معروف حتى اللحظة، وسيتم تحديد الخسائر نهاية أكتوبر المقبل، أي بعد نهاية موسم الفيضان"، مشيرا إلى أن أكثر الأماكن تضررا هي "مزارع السمك النيلي، والأراضي المشاطئة للنيل، وقد يهدد أساسات البيوت البسيطة في حال ارتفعت المياه بقدر 1.2 متر؛ بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية".
وحذر خبير السدود والمياه من أنه "في حال استمر هذا الارتفاع لأكثر من أسبوعين سيؤدي لتشبع جوانب الترع مما ينتج عنه انهيارات لجوانب الترع وخاصة ذات الجوانب الطينية والطرق الملتصقة معها، وفي نهاية الفيضان لابد من إعادة صيانة كل القناطر والكباري الواقعة على النيل لضمان عدم حدوث أي نحر دائري حول أساسات الكباري، بمعنى زيادة ميزانية الصيانة لأكثر من 200%".
السد العالي .. حائط منيع
وفي ما يتعلق بقدر السد الحالي على احتمال احتجاز كميات أكبر من المياه، استبعد رئيس سابق لهيئة السد العالي أن يتأثر السد بأي كمية مياه من الفيضان بسبب قوة ومتانة السد.
وأضاف لـ"عربي21": "ما حدث في السودان لا ينعكس على مصر؛ بسبب قدرة السد على استيعاب أي كميات فائضة من خلال مفيض (توشكى)، حيث نقوم بتصريف المياه في حال ارتفاع المنسوب بشكل متناسب رغم توقعات بزيادتها أكثر من المعتاد".
وأكد الرئيس السابق، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول له بالحديث عن السد العالي، أن "مفيض توشكى قادر على استيعاب تصريف أي كمية مياه، وستكون مفيدة للمنخفضات التي تمر بها المياه، وستعود بالنفع على القرى أو المناطق التي تمر بها المياه في الصحراء الغربية حتى منطقة الواحات سواء في الري أو الزراعة".