ملفات وتقارير

ماذا وراء إعادة افتتاح معبر "عرعر" بين العراق والسعودية؟

سياسيون تساءلوا عن سر توقيت الافتتاح قبل أشهر من الانتخابات التشريعية العراقية- جيتي
سياسيون تساءلوا عن سر توقيت الافتتاح قبل أشهر من الانتخابات التشريعية العراقية- جيتي

جملة من التساؤلات، أثارها إعادة افتتاح العراق والسعودية منفذ عرعر الحدودي بعد إغلاق دام 30 عاما، لا سيما حول توقيت الخطوة، والمكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها بغداد، وهل يعود إلى العمل فعليا أم مجرد استعراض إعلامي؟

وأعلنت هيئة المنافذ الحدودية العراقية، الأربعاء، افتتاح منفذ عرعر الحدودي بشكل رسمي مع السعودية، أمام التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، وذلك بحضور وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، وسفير الرياض في بغداد عبد العزيز الشمري.

منافع متعددة

من جانبه، قال رعد المكصوصي النائب في البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن "معبر عرعر إستراتيجي يربط العراق مع دولة كبيرة مثل السعودية، هذا يمثل انفتاحا بشكل عام على دول الجوار، ويشكل توازنا مع دول الإقليم والمنطقة".

وأضاف المكصوصي في حديث لـ"عربي21" أن "افتتاح معابر مع السعودية وغيرها من دول الجوار يعود على العراق بمنافع عدة، منها: الأمن كونه يتأثر بمثل هذه الأمور، إضافة إلى تحسن الجانب الاقتصادي من خلال ما توفره هذه المعابر من عملة صعبة للدولة العراقية".

وأعرب النائب عن ترحيبه بتحسين العلاقة بين العراق ودول الجوار، لافتا إلى أن "التيار الصدري يتبنى هذه السياسة ولعب دورا كبيرا من خلال زيارات قياداته السياسية والدينية إلى دول الجوار، لما لها من تأثير اقتصادي وأمني على البلد".

وبخصوص توقيت افتتاح المعبر قبل أشهر من الانتخابات التشريعية العراقية، قال النائب: إن "حكومة مصطفى الكاظمي انتقالية ومهمتها التهيئة للانتخابات المبكرة، واشترطنا عدم ترشح رئيس الوزراء فيها، وإذا صح الحديث عن أن فتح المعبر جاء من أجل الانتخابات، فالأمر معيب".

وفي 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، علمت "عربي21" من مصادر سياسية خاصة، أن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، بدأ خطواته في تأسيس حزب سياسي للمشاركة في الانتخابات المقبلة في حزيران/ يونيو 2021، مؤكدة أن "الحزب السياسي الذي يعمل الكاظمي حاليا على تأسيسه سيكون برئاسة أحد المقربين منه".

وفيما إذا كان المعبر سيعود للعمل بالفعل أم أن افتتاحه مجرد استعراض إعلامي، قال المكصوصي: "نتمنى أن يعمل منفذ عرعر الحدودي بكامل طاقته، والأيام المقبلة كفيلة بكشف حقيقة ما يتناقله البعض عن الهدف من افتتاح المعبر".

مكاسب محدودة

وفي الجانب الاقتصادي، رأى الخبير الاقتصادي ميثم لعيبي أن "العراق مستورد صافٍ للسلع، وبالتالي التبادل التجاري هو غير صالح له مع جميع دول الجوار، وذلك لأن العراق طيلة المدة الماضية لم يستطع تطوير قاعدة إنتاجية".

وأضاف لعيبي في حديث لـ"عربي21" أن "سياسات العراق التجارية والنقدية التي تتعلق بسعر الصرف جعلت من سلع دول الجوار تبدو رخيصة في نظر التجار العراقيين، لكن العراق في موقع غير تنافسي لمنتجاته المحلية".

وأوضح أن "إعادة افتتاح المعبر ربما يغطي حاجة العرض الكلي الذي يعتبر قاصرا أمام الطلب الاستهلاكي، وبالتالي يشبع الحاجات الاقتصادية، لكنه يضر الاقتصاد ككل".


اقرأ أيضا :  الكاظمي يشكو "حملات تشكيك" ضد التقارب مع السعودية


وأشار لعيبي إلى أن الشعب العراقي أصبح مستهلكا وغير منتج، خصوصا أن القطاع العام معطل، لذلك نرى أن جميع دول الجوار استفادت من وضع العراق، وأن فتح أي منفذ حدودي مع هذه البلدان يعود بالفائدة أكثر لها.

وهناك مشروع إنشاء وتحسين منفذ (عرعر) من الجانب السعودي ومنفذ (عرعر) من الجانب العراقي على مساحة إجمالية تبلغ مليونا و666 ألفا و772 مترا مربعا.

واتفق العراق والسعودية في تموز/ يوليو 2019، على الآليات الجمركية التي سيتم اعتمادها في منفذ عرعر الحدودي، خلال إجراء التبادل التجاري بين البلدين.

آفاق للتعاون
لكن الخبير الاقتصادي، أكد أنه إذا افتتحت مناطق حرة يمكن أن تكون التعرفة الجمركية معفية بين الطرفين، وبالتالي تصبح السلع أرخص، إضافة إلى أنها يمكن أن توفر فرص عمل للعراقيين.

وتابع: "كما أن إعادة افتتاح المعبر مهم بالنسبة لعبور العراقيين والذهاب إلى الحج والعمرة، وهذه القضايا تشبع الحاجات الروحية للأفراد، لكنها أيضا استنزاف للعملات".

وأكد لعيبي أن "المعبر يفتح آفاقا للتعاون التجاري بين البلدين إذا عقدت اتفاقيات بين الطرفين، إضافة إلى دخول البضائع السعودية بشكل مباشر بدلا من ذهابها إلى الأردن أو دول أخرى ثم تأتي إلى العراق".

وخلص إلى أن "توجهات الكاظمي قريبة من المحور الأمريكي السعودي، لمعادلة الكفة الأخرى مع إيران، وربما تلقى هذه المسألة معارضة من الآخرين لقطع الطريق أمامه، ولكن حكومته تسير بهذا السياق في إعادة التوازن للعراق".

ورفضت قوى سياسية عراقية موالية لإيران، الأسبوع الماضي، منح استثمارات للسعودية في منطقة البادية العراقية الحدودية مع المملكة، والتي تصل إلى نحو 48 مليون دونم، ووصفتها بأنها "استعمار جديد".

واستأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق في كانون الأول/ ديسمبر 2015، بعد 25 عاما من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وبعد عقود من التوتر بدأت العلاقات تتحسن، عقب زيارة لبغداد في 25 شباط/ فبراير 2017، قام بها وزير الخارجية السعودي آنذاك، عادل الجبير.

وكانت هذه أول مرة يصل فيها مسؤول سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة العراقية منذ 1990، وهو ما مهد الطريق لمزيد من الزيارات المتبادلة.

التعليقات (0)