هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتعرض
الاقتصاد السوري لصدمات نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وارتفاعات قياسية في أسعار
السلع المستوردة والمنتجة محلياً، وسط تآكل القدرة الشرائية لغالبية السوريين.
وأثرت
الإجراءات التي أعلن عنها النظام السوري مؤخراً لتقليل الطلب على الدولار من خلال وقف
استيراد العديد من المواد، سلباً على الأسواق التي يسيطر عليها التضخم الجامح، نتيجة
قلة المعروض من السلع والمواد الغذائية.
ويضع
ذلك النظام بين خيارين، الأول مواصلة منع الاستيراد، وبالتالي زيادة ارتفاع الأسعار،
أو السماح للتجار بالاستيراد وهو ما سيخلق زيادة في الطلب على الدولار لتمويل المستوردات، ما يعني مزيداً من نزيف الليرة السورية التي تتأرجح قيمتها عند حاجز الأربعة آلاف ليرة للدولار
الأمريكي الواحد.
وفي
هذا الجانب، طالب رئيس اتحاد غرف التجارة السورية أبو الهدى اللحام بفتح باب الاستيراد
لجميع السلع والمواد الاستراتيجية، معتبرا أن السماح بالاستيراد "هو الحل الأفضل
لضبط الأسواق".
وأضاف
في تصريح لوسائل إعلام رسمية أن "على الحكومة أن تنتهج سياسية فتح باب الاستيراد
كما فعلت غيرها من الدول مع تسهيل الإجراءات وإلغاء الضرائب والرسوم على المواد الاستراتيجية
المستوردة".
وكانت
حكومة النظام، قد أعلنت وقف استيراد بعض السلع حتى نهاية العام 2022، بسبب نفاد السيولة
النقدية.
ويؤكد
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حاج بكري أن النظام غير قادر على تمويل المستوردات بسبب
عدم توفر السيولة (العملات الأجنبية) في خزينة مصرف سوريا المركزي، ما يعني أن السماح
بالاستيراد سيكون عن طريق القطاع الخاص.
ويوضح
في حديثه لـ"عربي21" أن النظام يقوم بتمويل شريحة التجار والمستوردين بالدولار
بسعر مخفض عن سعر السوق لتمويل الاستيراد، مستدركاً بأنه "لم يعد للنظام القدرة
على ذلك، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الاقتصاد اللبناني".
ويضيف
حاج بكري أن النظام يواجه معضلة سببها خروج طبقة الأثرياء (الطبقة التقليدية) من سوريا،
واستخلافها بطبقة "أمراء الحرب" الذين لا يمتلكون علاقات خارجية تمكنهم من
مزاولة عمليات الاستيراد.
اقرأ أيضا: كيف سيؤثر الغزو الروسي لأوكرانيا على سوريا؟
وبحسب
الخبير الاقتصادي، فإن السماح للقطاع الخاص بالاستيراد سيؤدي حكماً إلى تفلت السوق
من القبضة الأمنية، حيث يزداد الطلب على الدولار، وتنخفض قيمة العملة المحلية، موضحاً أنه
"ليس أمام النظام إلا طباعة العملة نتيجة انعدام المصادر المالية".
بدوره،
يشير الخبير الاقتصادي سمير طويل، إلى شح المواد الأساسية في السوق السورية، وفي مقدمتها
الزيوت النباتية والسمن والأرز والسكر والمحروقات، مبيناً أن "النظام تحول
من منتج لغالبية السلع الاستراتيجية إلى مستورد".
ويقول
طويل في حديثه لـ"عربي21"، إن النظام في ظل أزمته الاقتصادية لا يستطيع فتح
خطوط ائتمانية للصادرات، نتيجة توقف المصارف اللبنانية عن تمويل المستوردات، وكذلك
بسبب العقوبات الغربية التي فرضت على المصارف الروسية التي كانت تلعب في بعض الأحيان
هذا الدور، من خلال تقديم قروض للنظام السوري.
وبحسب
الخبير الاقتصادي، فإن الحل الوحيد المتوفر أمام النظام هو فتح باب الاستيراد للقطاع
الخاص، منوهاً إلى أن "التاجر سيتولى بنفسه تسديد قيمة المستوردات بالدولار، وهو
ما سيؤدي إلى تحكم القطاع الخاص بالأسعار، أي المزيد من ارتفاع الأسعار".
ومن
شأن ذلك زيادة الضغوط الشعبية على النظام، وفق الطويل، الذي لفت إلى أن "دولاً
مستقرة تعاني من ارتفاع الأسعار بعد الحرب في أوكرانيا، في حين أن اقتصاد النظام يعاني
أساساً قبل ذلك".
ووفق
تقديرات اقتصادية، فقد تراجع احتياطي العملات الأجنبية في مصرف سوريا المركزي من 20 مليار
دولار قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011 إلى أقل من مليار دولار حالياً.