هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بموقفه الرافض للحوار الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد، حيث عزت الهيئة الإدارية للمنظمة قرارها لرفضها القطعي للمشاركة في أي حوار "صوري شكلي" يقصي الأحزاب السياسية.
وقرار الاتحاد برفض المشاركة في حوار نتائجه جاهزة مسبقا اعتبره عدد كبير من السياسيين خطوة "وطنية" على غاية من الأهمية من منظمة نقابية عريقة، فيما اعتبرها آخرون ضربة قاسمة للرئيس قيس سعيد ومساره، غير أن البعض وصفها بـ "المناورة" لأجل تحسين شروط التفاوض.
دور وطني
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة "النهضة" نور الدين العرباوي في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "للاتحاد دورا وطنيا وكان لا بد من القيام به".
وأضاف العرباوي: "هو قرار في اتجاه المصلحة الوطنية لإيقاف مسار تفكيك الدولة ووضع حد للاستهانة بالمكاسب الديمقراطية وضربها".
وعن أهمية قرار الاتحاد بالنسبة للمعارضة لإجراءات الرئيس سعيد أوضح العرباوي أنه "التقاء موضوعي.. الاتحاد له موقف فيه تفاصيل أخرى، فهو لا يرفض كامل مسار 25 تموز/يوليو، لكن رفضه الحوار هو التقاء مع المصلحة الوطنية".
وعن فرضية أن يكون موقف الاتحاد مناورة لتحسين شروط التفاوض استبعد نور الدين العرباوي ذلك بالقول: "لا أعتقد لأنه في الأخير هناك مصلحة وطنية تبقى أهم من كل الاعتبارات الأخرى".
من جانبه، اعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح خاص لـ"عربي21" أن قرار الاتحاد كان منتظرا ويتماهى مع مواقفه السابقة فهو دائما كان يطالب بحوار تشاركي لا يقصي الأحزاب السياسية والقوى المدنية.
وأكد الشواشي أن "اتحاد الشغل منظمة وطنية لا يمكن أبدا أن تكون ضد إرادة الشعب ومع نظام يريد تكريس دكتاتورية ونظام الحكم الواحد".
كما طالب الشواشي بأن يتطور موقف الاتحاد ويلعب دوره التاريخي في مبادرة وطنية لتجميع كل القوى لإعداد خارطة طريق للإنقاذ بالنظر لأن الدولة مهددة بانفجار اجتماعي وحالة إفلاس، على حد تعبيره.
وحول تداعيات موقف الاتحاد، رأى أمين عام حزب التيار الديمقراطي أن "الاستفتاء المقرر في تموز/ يوليو القادم فشل بنسبة 80 بالمائة، لم يعد هناك من يساند الرئيس باستثناء قلة قليلة لها طموحات سياسية".
عزلة.. مواصلة الدعم
ومن جهته، قال الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "قرار الاتحاد يتماشى والمصلحة العليا للبلاد، الاتحاد هو أول من دعا لحوار وطني شامل ولكن الرئيس رفض، القرار يؤكد حقيقة يتجاهلها الرئيس وأنصاره وهي أن انقلاب 25 تموز/يوليو قد وصل إلى نهايته".
كما ثمن الشابي قرار اتحاد الشغل معتبرا أنه سيزيد من عزلة الرئيس سعيد الداخلية والخارجية، مضيفا: "سنزيد من تواصلنا مع الاتحاد لأجل فرض البديل عبر اتفاق مشترك من كل القوى والاتفاق على حكومة إنقاذ وطني".
وفي رده على سؤال "عربي21" حول إمكانية تراجع الرئيس خطوة للوراء قلل الشابي من ذلك مشددا على أن "الرئيس لن يتراجع إلا بضغط قوي واحتجاجات واسعة".
وفي المقابل، قال عضو المكتب السياسي لحركة "الشعب" أسامة عويدات في تصريح خاص لـ"عربي21": "نحن ما زالنا نساند الرئيس وإجراءاته رغم البطء في الإصلاحات والمحاسبة، الاتحاد ضروري أن يكون في حوار وطني، الكل يتفهم قراره لأنه يرفض أن يكون في حوار صوري".
وحذر عويدات من "تفتت وانقسام داعمي مسار 25 تموز/ يوليو مطالبا الجميع بالتنازل لأجل الحفاظ على اللحظة التاريخية بما فيهم الرئيس سعيد، المرحلة دقيقة تتطلب الصبر".
كما طالب السياسي التونسي الرئيس بإجراء خطوات فعلية معتبرا أن "مسار 25 يوليو يقبع في منطقة زوابع ورمال متحركة وهو ما يستوجب من الرئيس التحرك".
وفي رده على سؤال بخصوص إمكانية تغيير موقف حزبه بعد رفض الاتحاد الحوار، أكد عويدات أن ذلك سابق لأوانه.
اقرأ أيضا: أكاديميون بتونس يرفضون توريطهم بمشاريع سعيّد السياسية
الاتحاد لا يدعم مشروع الرئيس
وقال المحلل السياسي قاسم الغربي لـ"عربي21" إن "الاتحاد لم يكن من داعمي مشروع الرئيس، بل من داعمي إجراءاته".
ولفت الغربي إلى أن "الخلاف بين الاتحاد والرئيس كان موجودا قبل 25 تموز/يوليو عندما رفض الرئيس الحوار الذي دعا إليه الاتحاد، هو فقط قبل بالإجراءات الاستثنائية على أمل أنها ستنقذ الوضع السياسي".
وبين الأستاذ الغربي أن الاتحاد ومنذ مرسوم 22 آيلول/سبتمبر، بدأ يتوجس من أن الرئيس سيذهب بالبلاد إلى حكم فردي، كذلك هناك خلاف كبير في ما يتعلق بالخيارات الاقتصادية والاجتماعية والاتحاد أبدا لن يقبل بشروط صندوق النقد الدولي.
وتابع المحلل السياسي: "الاتحاد كان يعلم أن نتائج الحوار جاهزة وبالتالي باتت نقاط الخلاف مع الرئيس متعددة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. خرجنا من إجراءات تصحيحية إلى ممارسات لتبديل مؤسسات الدولة وطبيعة الحكم دون أي تشاور وفرض أمر واقع".
وأوضح المحلل التونسي أن إقرار الاتحاد مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية هو رسالة سياسية مفادها أنه سيعود لمربع الإضرابات.
وعن تداعيات ذلك أقر الغربي بأن الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية ستلتقي مع المنظمة الشغيلة ضد الرئيس، على حد تعبيره.