رغم أن رئيس
الوزراء
الإسرائيلي الجديد يائير
لابيد استهل فترة ولايته الانتقالية بزيارة سريعة إلى فرنسا، لكن أوساطا إسرائيلية قللت من شأن الزيارة، وهناك من حذر منها، واصفا
مصافحة الأخير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون بأنها "عناق الدب"،
لأن وراء الابتسامات المتبادلة بينهما توجد اتجاهات سياسية خفية في باريس يجب أن
تكون مصدر قلق كبير.
ينطلق
المعارضون لزيارة لابيد من فرضية مفادها أنه رئيس وزراء انتقالي لفترة محددة،
وبدون أغلبية في الكنيست، ويواجه أزمة سياسية واقتصادية واسعة النطاق، وهو في خضم
حملة انتخابية؛ وفي المقابل، فإن ماكرون، ورغم فوزه مؤخرا بولاية ثانية، لكنه تعرض
قبل ثلاثة أسابيع لضربة قاسية في الانتخابات البرلمانية عندما خسر الأغلبية في
الجمعية الوطنية، كما يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة، ومحاولاته إعادة
الاستقرار إلى لبنان باءت بالفشل، فضلا عن صداعه الكبير من حرب أوكرانيا.
أمير ليفي،
الكاتب في
موقع ميدا، ذكر في مقال ترجمته "عربي21" أن "السجل
الدبلوماسي للابيد حين كان وزير الخارجية يثبت أنه عمل خلافًا لجميع المصالح
الإسرائيلية، سواء إثارة الخلاف مع طرفي الحرب الروسية الأوكرانية، وخلق أزمة غير
ضرورية مع بولندا، فضلا عن سياسته المتعرجة بشكل حاد مع تركيا، ومنذ بداية ولايته
سارع لطمأنة وزير الخارجية أنطوني بلينكن بسياسة "عدم المفاجآت" تجاه
إيران، التي تركض نحو ساحة المعركة من خلال حيازتها الوشيكة للقنبلة".
وأضاف أن
"لابيد اكتفى خلال قيادته لوزارة الخارجية قبل ترؤسه للحكومة الانتقالية
بتنظيم قمة النقب التي حظيت بتغطية إعلامية جيدة مع ممثلين عن الدول العربية
وبلينكن ذاته، مع أنها قمة أظهرت عرضا للضعف الإسرائيلي، لأن الوزراء الذين أخذوا
الصور التذكارية في النقب، قابلهم العاملون الإيرانيون في منشأة بوشهر حيث يواصلون
عملهم كالمعتاد، وتستمر حماس في غزة بالحصول على أسلحتها ومعداتها، وفي الشمال
يقترب السوريون واللبنانيون من الحدود مجددا".
الاستنتاج
الإسرائيلي المبكر من زيارة لابيد إلى فرنسا أنها تتم في ظل وضع سياسي إسرائيلي
ليس مشرقاً بشكل خاص، رغم أن اتفاقيات التطبيع جلبت خطاً جديدًا للشرق الأوسط،
وتقاربًا حقيقيًا بين دولة
الاحتلال والدول العربية المطبّعة، انطلاقا من مصلحتهما
المشتركة المزعومة لكبح جماح النفوذ الإيراني المتزايد، مع دفع القضية الفلسطينية
إلى الهامش، في حين يستعد الرئيس بايدن للوصول هنا وهو يحمل محاولات الترويج
للحلول السياسية القديمة والفاشلة، من وجهة النظر الإسرائيلية.
الخلاصة
الإسرائيلية أن ما وصفته بـ"العناق الدافئ" بين لابيد وماكرون، الزعيمين
المتأرجحين في
تل أبيب وباريس، قد يؤدي إلى احتضان خطير لإسرائيل، وهناك بالتأكيد
مجال للقلق، دون الكشف عن ماهيته، لكن اليمين الإسرائيلي في العموم لا يبدو معنياً
بأن ينجح لابيد في تحقيق أي إنجاز سياسي خارجي يقدمه للإسرائيليين في الداخل خلال
الانتخابات المقبلة، الأمر الذي قد يزيد فرصه في الاستمرار بمنصبه الحالي رئيسا
للحكومة بصورة دائمة.