هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قضاة كبار
في مصر أزمات وإشكالات كبرى داخل المؤسسة القضائية، وذلك قبل رحيلهم عنها لدى بلوغهم
سن التقاعد.
ورصدت
"عربي21" أربع وقائع، الأولى هي خطاب لرئيس نادي قضاة النيابة
الإدارية السابق المستشار عبد الله قنديل، والذي حرره قبل رحيله من رئاسة نادي قضاة
النيابة الإدارية بساعات، قبل انتخابات النادي الأخيرة قبل نحو شهر، والذي حصلت
"عربي21" على نسخة منه، وكشف خلاله العديد من وقائع الفساد التي ارتكبها
أعضاء بمجلس إدارة النادي.
وتناول الخطاب
عدة وقائع أبرزها "مشروع المدينة السكنية الخاصة بأعضاء نادي قضاة مجلس
الدولة وأسباب الفشل في عدم تحقيق المشروع والمؤامرات التي حيكت عليه، ومحاولة أحد
أعضاء مجلس إدارة النادي التربح من ورائه".
وتابع، "تم
تخصيص قطعة أرض للنادي لبناء مدينة سكنية عليها في مكان يتطلع إليه الجميع، وبعد
النشر والعرض على السادة الزملاء، تم تجميع مبلغ يقترب من عشرة ملايين جنيه فقط،
وكان المبلغ المطلوب هو ثلاثون مليونا، وحتى يمكن تجميع هذا المبلغ الأخير، تم إعادة
النشر بإمكان حجز العضو لأكثر من وحدة، أو الحجز لأولاده، أو أقاربه، ومع ذلك لم
نتمكن من تجميع المبلغ المطلوب، واتجه الرأي من الجميع لاختيار إحدى الشركات
للقيام بالبناء، وذلك مقابل الحصول على جزء من هذه الوحدات".
وأضاف،
"كانت نقطة البداية للعب من وراء ظهر المجلس، وبدأ البعض ممن يعشقون ممارسة
هذه الألعاب في التواصل مع الشركات بمعرفته، وبدون إعلام أحد من المجلس، أو تفويض
مني في هذا التواصل، وذات مساء، وأنا في مكتبي بالنادي، حضر زميل بمجلس الإدارة حي
يرزق ولم يتقدم للترشيح في هذه الدورة الجارية وأسمعني تسجيلا صوتيا، بين اثنين يرددان
في الحوار الدائر بينهما، أن فلان بك ..... أفهمهما أنه ذو حيثية كبيرة في المجلس،
ويستطيع تنفيذ وعده معهما، بإرساء عملية التنفيذ بالكيفية الأخيرة على الشركة
خاصتهما، وأن طلباته رفع النسبة المطلوبة شوية هكذا قيلت الكلمة".
وتابع،
"ومعنى رفع النسبة أن هناك نسبة كان متفقا عليها ويطلب رفعها ــ وتبادلا رقم
التليفون لهذا البيه الكبير، وبتتبع هذا الرقم وقفنا على الشخصية المحترمة ـ التي
تدعي العفة، والكرامة وتولول ليل نهار، إظهارا أنها كانت الضحية التي لم تقل حظها
في إظهار الإمكانيات، والبطولات بسبب التضييق عليها في المجلس، والإنفراد بالقرار
التي كانت تنوي التربح من وراء هذه العملية".
وأضاف،
"وعلى الفور تم استدعاء المدير المالي وهو حي يرزق أيضا ـ وأمرته بتحرير
شيكات بقيمة المبالغ السابق تحصيلها من الزملاء لحساب هذا المشروع، لردها إليهم،
مع الاتصال بكل زميل لاستلام الشيك الخاص به".
كما كشف المستشار
عبد الله قنديل في خطابه عن وجود "لوبي" يقوده أحد أعضاء مجلس إدارة
النادي هدفه الهدم والتحطيم لكل ما يقوم به مجلس إدارة النادي، وكانوا يقوموا
بالتجسس وتسجيل اجتماعات المجلس السرية والتسجيل لأعضاء المجلس.
وأضاف: "هناك
عضو مجلس إدارة النادي كان يعبئ الزملاء ضد المجلس قبل كل اجتماع يتقرر عقده، وكان
يصل إلى علمي نيته في ذلك، فكان يتقدم بالطلب في أمر من الأمور المعلنة من جانبه
للزملاء أنه أمر مهم ومع ذلك سيرفض من جانب رئيس المجلس".
وأضاف
"قنديل" في خطابه، "للأمانة كان يتضامن معه البعض ممن هم على
شاكلته ومنهم مترشحون وينضمون إليه في مزاعمه، وأوهامه تأييدا له، ولأنفسهم،
وطمعاً في الفوز بعضوية المجلس الذي سيكون خلوا من المستشار عبد الله قنديل الذي
يحفظ سيرتهم تماما".
وأضاف،
"وكان النقل من هؤلاء الصغار يتم في بدايته عن طريق الحكاية، بمعنى أن
الناقل، يحكي للمنقول إليه، ما دار بالجلسات، ولكن الأمر تطور بعد ذلك ليكون النقل
بطريق التسجيل الصوتي لكل ما يدور بالجلسة... ما كيفية ذلك؟... يقوم أحدهم
بالاتصال تليفونيا بالشخصية المحددة له من الطرف الآخر، وتليفونه موضوع أمامه على طاولة الاجتماعات، (دون أن يشعر بذلك أي من الحاضرين) ويظل خط التليفون مفتوحا
طوال الجلسة حتى لو استمرت ساعات، وطبعا هذا الطرف الآخر كان يستمع لكل ما يدور
بالجلسة، وبعض ما كان يدور كان يتعلق بالقيادات، وبأسلوب شديد اللهجة، بل بأسلوب
مستهجن، وغير مطلوب، وينطوي على تجاوز".
وأكد مصدر قضائي
بارز بهيئة النيابة الإدارية، أن المجلس الأعلى للنيابة الإدارية قرر التحقيق في
الخطاب السري وما جاء به، وأحال الواقعة وصاحب الخطاب إلى التفتيش القضائي
بالنيابة الإدارية للبت فيما جاء فيه.
أما الواقعة
الثانية، فتتعلق بخطاب وداع المستشار محمد محمود حسام الدین رئيس مجلس الدولة
المنتهية ولايته قبل نحو شهر أيضا، والذي دونه تحت عنوان "رحلة عطاء"،
والذي حرره ووضعه أمام أعضاء وقضاة مجلس الدولة قبل ساعات أيضا من رحيله من منصبه،
والذي حصل "عربي21" على نسخة منه أيضا.
وكتب المستشار حسام
الدين نصا، "في شهر أيلول/ سبتمبر 2019 صدر القرار الجمهوري رقم 464 لسنة
2019 بتعييني رئيسا لمجلس الدولة، وعندما توليت المسؤولية لـم يكن مجلس الدولة في
أفضل حالاته، فسمعته غير طيبة، وعلاقته بغالبية الوزارات والجهات القضائية وغيرها
سيئة".
وتابع،
"القضايا يتأخر الفصل فيها، والملفات مبعثرة، والحفظ غير منظم، والجهاز
الوظيفي مترهل، والنواحي المالية تدار بعشوائية، وفروع المجلس جزر منعزلة، ولا
توجد قدوة أمام الأعضاء، كما لا توجد قواعد مـوضوعية يخضعون لها، وغابت التقاليد
القضائية".
وأضاف، "لذا
ضعف الإنتماء، وتطاول البعض على سلطات الدولة، ولم تتم المحاسبة، وأصبح المجلس
مهددًا في وجوده... وبفضل الله وتوفيقه، وخلال فترة رئاستي للمجلس، تم القضاء على
جميع السلبيات المشار إليهـا تماما، وأصبح المجلس جهة قضائية نموذجية، فتوطدت
العلاقات مع جميع الوزارات وبخاصة: المالية والعدل والتخطيط ومع جميع أجهزة
الدولة".
وقد أثار الخطاب
حالة من الغضب الكبرى لدى أعضاء مجلس الدولة، لما اعتبروه أنه يتضمن إهانات وتهما غير مدعمة بالوثائق، وإهانة لتاريخ مجلس الدولة العريق على مدار سنوات.
وقد اجتمع المجلس
الخاص لمجلس الدولة - أعلى سلطة بمجلس الدولة - وتم عرض الخطاب في وجود رئيس مجلس
الدولة، وتم الإنتهاء إلى قيام رئيس مجلس الدولة بإصدار بيان يعتذر فيه عما جاء في
الخطاب، وأن يعلن ذلك وأنه جانبه الصواب فيما ذكره ويعلن سحب خطابه.
إلا أن رئيس مجلس
الدولة - المنتهية ولايته - رفض ذلك وأصر على بيانه، مما دفع 3 أعضاء بالمجلس
الخاص إلى الانسحاب من الجلسة والاجتماع الطارئ الذي عقد اعتراضا منهم على إصرار
المستشار محمد حسام الدين على خطابه ورفض اعتذاره.
في حين تتعلق الواقعة
الثالثة بالمستشار عبد الله عمر شوضة رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة النقض
المنتهية ولايته قبل نحو شهر لبلوغه سن التقاعد للقضاة في مصر - 70 سنة - والذي
خالف الأعراف القضائية وسبب أزمة وحرجا في مؤسسة رئاسة الجمهورية المصرية.
ورفض المستشار
"شوضة" حضور مراسم تنصيب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة النقض
الجديد المستشار محمد عيد محجوب، ورفض تلبية دعوة مؤسسة الرئاسة لحضور مراسم
التنصيب.
وجاء الرفض رغم
أن الرئيس الجديد لمجلس القضاء الأعلى جاء باختيار مباشر من رئيس النظام عبد الفتاح
السيسي الذي عدل في قانون السلطة القضائية قبل سنوات ومنح نفسه سلطة اختيار رؤساء
الهيئات والجهات القضائية.
وكشف مصدر قضائي
بارز في تصريحات خاصة لـ"عربي21" عن أن سبب رفض حضور المستشار عبد الله
عمر مراسم التنصيب هو وجود خلاف حاد منذ سنوات بينه وبين خليفته في المنصب
المستشار محمد عيد محجوب.
وأوضح المصدر أن
المستشار محمد عيد محجوب كان يتولى منصب الأمين العام لمحكمة النقض المصرية، في
الوقت الذي كان يعمل فيه المستشار عبد الله عمر، في منصب "نائب رئيس محكمة
النقض".
وأضاف أن
"محجوب" في ذلك التوقيت أعد تقريرين ضد "شوضة" عن أدائه
وتقييمه في العمل القضائي، وجاءت هذه التقارير غير مرضية له وتسببت في بداية
الخلافات بينهما.
وأنه عندما تولى
"شوضة" منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ونائب رئيس محكمة النقض، رد
الأمر على "محجوب" وأعد ضده مذكرة عن ضعف عمله وأدائه في العمل، وهو ما
زاد الأزمة بين الطرفين.
والواقعة الرابعة
تتعلق بالمستشار عصام الدين أحمد فريد رئيس محكمة استئناف القاهرة المنتهية
ولايته، والذي قام قبل بلوغه سن التقاعد القانونية في تموز/ يوليو 2022 بإحالة 6 قضاة
وموظفين إلى التحقيق وأعد مذكرة قانونية ضدهم.
وبحسب مصدر قضائي
بارز بمحكمة استئناف القاهرة، فإن المذكرة تضمنت اتهاما لهم بأنهم تلاعبوا في ملفات
قضايا وأفشوا أسرار المتقاضين، بخلاف تورطهم في مخالفات مرتكبة.
وأوضح المصدر أن
هذه المذكرة تسببت في أزمة وجدل كبير داخل محكمة استئناف القاهرة، خاصة أن رئيس
المحكمة المنتهية ولايته لم يتخذ الطريق القانوني المفترض اتباعه في مثل هذه
الحالات التي يكون متورطا بها قضاة.
وأضاف أنه كان
يفترض أولا إرسال مذكرة وطلب لرفع الحصانة القضائية عن القضاة الواردة أسماؤهم في
المذكرة، لأنه لا يجوز التحقيق أو توجيه اتهام إلى قاض إلا بعد رفع الحصانة
القضائية عنه، خاصة في ظل أن ما تضمنته المذكرة ضدهم يعد جرائم جنائية تستوجب
المساءلة.