بالتزامن
مع ما شهدته الأيام الأخيرة من تزايد التقارير في وسائل الإعلام عن محادثات تجري بالفعل
بين دولة الاحتلال والسعودية، حتى قبل تشكيل الحكومة الجديدة، بشأن إمكانية تطوير علاقاتهما،
فإن القناعة
الإسرائيلية السائدة أن الاتجاه الرئيسي للعمل سيكمن في تعزيز التحرك على
غرار اتفاقيات
التطبيع السابقة نحو المملكة، لأن مثل هذا الاتفاق قد يعزز الموقف ضد
إيران، ويساهم في استقرار المنطقة، وحتى المساعدة في دفع عجلة حل النزاع الفلسطيني
الإسرائيلي.
مع العلم
أن المقابلة التلفزيونية التي منحها رئيس الحكومة المكلف بنيامين
نتنياهو، يمكن اعتبارها
جزءا من محاولاته لتهدئة الرأي العام الإقليمي والدولي حول تشكيل حكومته الجديدة. صحيح
أن حملة التهدئة لم تكن ناجحة إلى هذا الحد، لكن السؤال الرئيسي والأكثر إثارة للاهتمام
بين الإسرائيليين هو: هل يمكن توقع أن مثل هذه الخطوة المتمثلة في تطبيع العلاقات مع
السعودية ستنجح بالفعل على غرار اتفاقيات التطبيع التي سبقتها مع دول أخرى؟
السفير
والدبلوماسي مايكل هراري كتب في موقع "
زمن إسرائيل" أن "التذكير يبدو
مهماً وهو أن الإمارات والبحرين وقعتا على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل عقب تلقيهما
"الضوء الأخضر" من الرياض، بجانب خطوات إضافية من جانبها مثل إعطاء الإذن
للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق مجالها الجوي، ما يجعلنا نفهم جيداً التغيير الذي
حدث في المنطقة في العقد الماضي، ومن أهمها تعزيز صورة التهديد الإيراني تجاه دول الخليج،
وانخفاض ترتيب أولويات القضية الفلسطينية، والشعور بتآكل التزام أمريكا بالوقوف
بجانب حلفائها في المنطقة".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "ما يعزز إمكانية توقيع اتفاقية تطبيع مع
السعودية نتائج آخر استطلاع أجراه معهد واشنطن قبل أيام، وأظهر أن 43% من مواطنيها
يؤيدون الاتصالات الجارية مع إسرائيل، دون تقديم تفاصيل، بالتزامن مع استضافتها مؤتمرًا
مصرفيًا رفيع المستوى بمشاركة ممثل من إسرائيل، وفريق إسرائيلي في حدث رياضي دولي،
وعبر 21٪ فقط من السعوديين أن اتفاقيات التطبيع جلبت في أجنحتها نتائج إيجابية للمنطقة،
كما أن 90٪ يعتقدون أن نتائج الانتخابات في إسرائيل ستسبب نتائج سلبية في المنطقة".
وأشار
إلى أن "الحديث الإسرائيلي عن التطبيع مع السعودية يتزامن مع ما تشهده علاقات
الأخيرة مع الولايات المتحدة، وهي لا تعيش أفضل حالاتها في السنوات الأخيرة، ما يضع
علامات استفهام حول تطوير علاقة إسرائيل والسعودية، ودورها في تحسين العلاقة مع واشنطن،
بغض النظر عن التقدم في القناة الإسرائيلية الفلسطينية، بعد أن أثبتت الاتفاقيات السابقة
أن هذا ممكن، وأن الاتفاق الإسرائيلي السعودي سيوفر الضمان النهائي لذلك".
ووضع
الكاتب جملة تساؤلات قد تسبق أي تطبيع للعلاقات الإسرائيلية السعودية، ومنها:
"هل ستنظر الرياض لمثل هذه الخطوة على أنها خدمة لمصالحها في مقاومة التحدي الإيراني
المتنامي، وهل يستطيع نتنياهو تحسين علاقات الإدارة الأمريكية مع السعودية، وهل تعتقد
الأخيرة أن لديها القدرة على "تجاوز" القضية الفلسطينية مرة أخرى دون
المس بمكانتها الإقليمية، لا سيما الاستقرار على ساحتها الداخلية، وكلها أسئلة لا توجد
عليها إجابات موثوقة، على الأقل في هذه المرحلة".
الخلاصة
الإسرائيلية من الحديث المتزايد عن التطبيع مع السعودية تتركز في أن الأمر يتعلق بمحمد
بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، ويمكن الافتراض أنه رغم التقدم الملحوظ
الذي حدث في السنوات الأخيرة بين الجانبين، وازدياد حدة التهديد من إيران، فإن أي ترجمة
لها على صعيد التطبيع بينهما متوقعة في الأشهر المقبلة، حيث ستعمل إسرائيل، بقيادة نتنياهو،
بقوة وبصورة مكثفة في هذا الاتجاه، رغم أنه لا تزال هناك تحديات وعلامات استفهام ضخمة، وأن الحكومة الجديدة، باختلاف مكوناتها، لا تساعد على تهدئة القلق على الساحتين
الإقليمية والدولية، فضلا عن المضي في مسار التطبيع مع السعودية.