قرر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس تأجيل الاستماع لوزير العدل السابق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين
البحيري، إلى منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، في ما يعرف بملف "جوازات السفر ومنح جنسيات"، بحسب المحامية منية بوعلي.
وحضر البحيري برفقة فريق الدفاع لجلسة التحقيق، الأربعاء، وسط تجمع عدد من أنصار حزب حركة "النهضة" وقيادات بارزة أمام القطب القضائي.
وأكد البحيري في تصريح لـ"
عربي21" بعد مغادرته مكتب التحقيق: "تم قبول طلب التأجيل للاطلاع جيدا على الملف، رسالتي لقيس سعيد أن محاولات الهرسلة والتنكيل لن تخيفني ولن نتراجع للوراء إلى حين إسقاط الانقلاب".
وتابع: "لن نتخلى عن إنقاذ البلاد من شرور الانقلاب، المقاومة السلمية والمدنية لن تتوقف حتى إسقاط الانقلاب لأنه خطر جاثم على البلاد".
قضية البحيري
وكانت فرقة أمنية خاصة قد اعتقلت النائب البحيري من أمام منزله في 31 كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، واقتادته إلى مكان غير معلوم، قبل أن يقع الكشف عن مكان احتجازه من قبل هيئة الدفاع عنه، ليتم إثر ذلك نقله إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية.
ولاحقا، تم إطلاق سراح البحيري بعد أن أعلنت وزارة الداخلية
التونسية عن رفع الإقامة الجبرية "لوجود أبحاث عدلية في الموضوع أحيلت للقضاء.. وتبعا لذلك، لا سيما لإرساء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بتاريخ اليوم 07 آذار/ مارس 2022، فقد تقرر في نفس هذا التاريخ إنهاء مفعول قراري الإقامة الجبرية المتخذة ضد الشخصين المعنيين حتى يتولى القضاء إتمام ما يتعين في شأنهما من أبحاث وإجراءات عدلية"، وذلك في إشارة لكل من نور الدين البحيري وفتحي البلدي.
وقالت الوزارة في بلاغ إن "الإقامة الجبرية كانت في احترام تام لحقوق الإنسان من حيث السماح بالزيارة والإقامة والرعاية الطبية، وإن كلا الشخصين المذكورين في حالة صحية عادية طبقا لتقارير طبية في الغرض آخرها بتاريخ إنهاء الإقامة الجبرية"، وهو ما تنفيه هيئة الدفاع عن البحيري.
ويُتهم البحيري في هذه القضية بإسناد الجنسية التونسية للمفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان المسلمين، يوسف ندا، فيما نشرت "
عربي21" وثائق في وقت سابق تثبت أن إسناد الجنسية لندا جاء بطريقة قانونية، وبتصديق رسمي من وزارتي الخارجية والعدل والقنصليات التونسية في العاصمة النمساوية فيينا ومدينة بيرن السويسرية، وأن نائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري، الذي جرت محاكمته أيضا في هذه القضية، لا علاقة له بهذا الأمر.
اقرأ أيضا: وثائق "عربي21": البحيري لم يمنح "ندا" و"همت" جنسية تونسية
وتمثلت تلك الوثائق الرسمية في شهادة الجنسية التي أعطاها السفير التونسي في فيينا ليوسف ندا، وبطاقة ترسيم بتوقيع السفير التونسي بتاريخ نيسان/ أبريل 1981، وشهادة الجنسية التونسية الصادرة من وزارة العدل بتونس بتاريخ 19 شباط/ فبراير 1983، وخطاب رئيس مصلحة الجنسية بتونس نيابة عن وزير الخارجية في 14 آذار/ مارس 1983.
وحصلت "
عربي21" على مستندات رسمية أخرى صادرة عن جهات دولية مختلفة تؤكد براءة "ندا" بشكل واضح من تهم الإرهاب، وبالتالي إغلاق القضايا التي اتهم فيها سابقا، خاصة تلك التي أثيرت عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
اقرأ أيضا: يوسف ندا لـ"عربي21": حمادي الجبالي لم يمنحني الجنسية التونسية
وأكد المحامي سامي الطريقي في تصريح خاص لـ"
عربي21" تأجيل النظر في ملف "اللوبينغ " الذي يُتهم فيه رئيس حركة النهضة راشد
الغنوشي إلى يوم 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، موضحا أنه تمت إحالة الملف على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية.
محاكمات سياسية
إلى ذلك، أصدرت جمعيات وأحزاب تونسية، صباح الأربعاء، بيانات شديدة اللهجة تجاه السلطة بعد إحالة معارضين على التحقيق.
ونشرت حركة النهضة بياناً "مساندة لضحايا سلطة التعليمات، على خلفية التصعيد الممنهج والخطير الذي قامت به سلطة الانقلاب بإحالة زعيم جبهة الخلاص الوطني الأستاذ نجيب الشابي على التحقيق مع عدد من قيادات جبهة الخلاص والرموز السياسيين المعارضين لقيس سعيد".
وأشارت "النهضة" إلى أن من ضمن من تمت إحالتهم للتحقيق "الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي والأستاذ جوهر بن مبارك والسيدة شيماء عيسى ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية الأستاذ العياشي الهمامي، ومن قبلهم العميد عبد الرزاق الكيلاني والناشط السياسي الأزهر العكرمي والأستاذ غازي الشواشي وعدد من الصحفيين والمدونين".
جاء ذلك على خلفية إحالة الشابي ومعارضين آخرين على التحقيق على خلفية شكاية تقدمت بها رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بتهمة "التستر على الإرهاب" طبق القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
وشملت الشكوى التي تقدمت بها موسي أسماء معارضة بارزة شملت رئيس "جبهة الخلاص" الشابي، والقياديين في الجبهة، رضا بالحاج وجوهر بن مبارك، والرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي.
وأحالت النيابة العامة المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين العياشي الهمامي على التحقيق بناء على طلب من وزيرة العدل ليلى جفال، "بتهمة استعمال أنظمة الاتصال لنشر إشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على الأمن العام"، طبق الفصل 24 من المرسوم عدد 54، وهي التهمة التي يصل عقابها إلى عشر سنوات سجنا.
وأصدرت أحزاب العمال والجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل من أجل العمل والحريات والقطب، بياناً، اليوم الأربعاء، أكدت فيه أن "المرسوم 54 جاء وسيلة لتكميم الأفواه والتصفية السياسية، وكان منذ إصداره عنواناً لعدد متصاعد من الإحالات على أساس تهم لا خلفية لها غير التصفية السياسية وضرب حرية التعبير".
وقالت الأحزاب إن "الرأي العام التونسي فوجئ بقرار إحالة الأستاذ العياشي الهمامي منسق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيّين على التحقيق بتهمة استعمال أنظمة الاتصال لنشر إشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على الأمن العام طبق الفصل 24 من المرسوم 54. كذلك إحالة الأستاذين أحمد نجيب الشابي ورضا بلحاج على التحقيق، إثر شكوى من رئيسة الحزب الدستوري الحر، وهو ما يؤكد سعي السلطة المتواصل إلى توريط القضاء وتوظيفه في التصفيات السياسية".
وأكدت الأحزاب الخمسة أنّ "حرية التعبير هي من أهم المكاسب التي افتكّها الشعب التونسي ولا مجال للمساس منها بالتتبعات العدلية العشوائية والكيدية ومحاصرة المعارضة السياسية بالقضاء تارة وبالبوليس تارة أخرى".
وفي السياق، عبرت منظمات وجمعيات تونسية عن "قلق بالغ بعد إحالة الأستاذ العياشي الهمامي، منسّق هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية على التحقيق استنادا للمرسوم سيئ الذكر عدد 54 لسنة 2022 الخاص بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال".
وقالت المنظمات الموقعة على بيان لها اليوم الأربعاء، إن "العياشي الهمامي قد يواجه عقوبة السجن لعشر سنوات بموجب الفصل 24 من القانون 54، على خلفية تصريحه لإذاعة شمس إف إم حول القضايا المتعلقة بالقضاة المعزولين".
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان: المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، والجمعية التونسية للعدالة والمساواة، وجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، وجمعية القضاة التونسيين، وغيرها.
وعبّرت الجمعيات المذكورة عن "تضامنها المطلق مع الأستاذ العياشي الهمامي في مواجهة هذه التهمة التي تم تلفيقها على خلفية مواقفه من المسار السياسي الحالي، وتجدد الدعوة إلى إلغاء المنشور عدد 54 لما يمثّله من خطر على حريّة التّعبير وعلى الحرياّت العامّة والفرديّة".
واعتبرت أن إصرار السلطة الحالية على استعمال المرسوم 54 سيئ الذكر هو ضرب ممنهج لحرية التعبير وترهيب للنشطاء والصحافيين ومحاولة مشبوهة لضرب النقاش العام حول سياسات السلطة الحالية في إدارة الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.