أجمع عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي بتونس الذين صاغوا دستور 2014، ونواب بالبرلمان السابق الذي حلّه رئيس البلاد قيس سعيّد، على تمسكهم بـ"دستور الثورة"، معتبرين أنه المرجع الوحيد للشرعية والوحدة الوطنية.
واعتبر النواب، خلال ندوة سياسية بالتزامن مع الذكرى التاسعة للمصادقة على دستور 2014، أن الأخير ما زال قائما ولا يمكن أن ينتهي بجرة قلم من "رئيس منقلب"، مؤكدين أن ما صاغه وأعلنه الرئيس
قيس سعيد في 25 تموز/ يوليو الماضي مجرد "وثيقة انفرادية" لا ترتقي بالمرة إلى أن تكون دستورا للجمهورية.
ودستور الجمهورية
التونسية 2014 هو دستور صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي التونسي في 26 كانون الثاني/ يناير 2014 والذي تم انتخابه في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 بعد سنتين ونصف من العمل المتواصل، نتيجة للثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي ونظامه.
يعتبر هذا
الدستور الثالث في تاريخ تونس المعاصر بعد دستور تونس 1861، ودستور تونس 1959، حيث تمت المصادقة عليه بموافقة 200 نائب، واعتراض 12، وتحفظ 4، أي 216 نائبا من جملة 217، لشغور مكان محمد البراهمي الذي اغتيل.
وانتهى العمل به رسميا بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2022 بعد الموافقة على إقرار دستور جديد للبلاد في استفتاء دستوري، بعد سنة من الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيّد.
ولفت المشاركون في الندوة السياسية إلى أن الرئيس سعيد هو أبرز طرف في الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد، حيث استغل الوضعية للانقضاض على الدستور والمؤسسات الدستورية وقمع الحريات والعودة بالبلاد إلى مربع ما قبل الثورة.
الدستور لم ينته
وفي تعليق، قالت النائب بالمجلس الوطني التأسيسي يمينة الزغلامي إن "دستور 2014 مختطف وما نشر من مراسيم منذ انقلاب 25 تموز/ يوليو 2021 هو عبث في عبث".
وشددت الزغلامي في تصريح لـ"
عربي21" على أن "دستور الثورة قابل للنقد والمراجعة وهو تجربة إنسانية ولكن إطلاقا لا يمكن إلغاؤه من رئيس منقلب"، مطالبة بضرورة "المقاومة لأجل استرجاع الدستور الأسير بدبابة، لن نستسلم ولن نتوقف حتى استرجاع الديمقراطية ودستورنا".
بدورها، قالت النائب الأول لرئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي إن "دستور 2014 شرعي مهما حاولوا التزييف"، معتبرة أن "يدا عابثة ألغت دستور الشرعية وحولته إلى وثيقة الفردانية والشعبوية من خلال القفز إلى المجهول".
اظهار أخبار متعلقة
وأكدت الشواشي في تصريح لـ"
عربي21" أن "دستور الثورة كتب بوحدة ولحمة وطنية غير مسبوقة، هناك إرادة واضحة تعبر عن التوافق الكبير الذي حصل ليلة المصادقة على الدستور في السابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2014".
واعتبرت الشواشي أن "العبث الذي أقدم عليه قيس سعيد تصدى له مجلس نواب الشعب وعقد جلسة تاريخية في آذار/ مارس 2022 بحضور 122 نائبا وصوتوا ببطلان جميع إجراءات الاستثناء وأبرزها إلغاء الدستور وحل البرلمان".
وختمت الشواشي بالقول إن "البرلمان ما زال شرعيا للحظة، لا مخرج اليوم للخروج من الأزمة إلا بخيمة الديمقراطية والشرعية".
من جهته، قال النائب ورئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي إن "الرئيس منفرد بالقرار ونحن نتوجه للنخب حتى تجمع كلمتها وتوحد عملها من أجل الدفاع عن دستور 2014".
وشدد الشابي في تصريح لـ"
عربي21": "نحن في حكم فردي منذ أكثر من سنة نصف وقد أظهر عجزا كبيرا في إدارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية".
دستوران.. واستفتاء
وفي السياق، قال أستاذ القانون الدستوري شاكر الحوكي إن "قرار الرئيس بإلغاء الدستور ووضع آخر وحل البرلمان غير شرعي وغير دستوري ولا ينطلق من أساس متين وصلب".
وأضاف الحوكي في تصريح خاص لـ"
عربي21": "الرئيس يعتبر دستوره شرعيا ولكن في المقابل هناك شريحة سياسية ومدنية واسعة تتمسك بدستور 2014 وتعتبره ما زال موجودا إذا بهذا نستطيع القول بأننا إزاء دستورين في نفس الوقت".
ولفت الحوكي إلى أن هناك مؤسسات قائمة اليوم بما فيها رئاسة الجمهورية والحكم المحلي وفقا لدستور 2014 (اليمين كان على دستور الثورة )، قائلا: "أحببنا أم كرهنا دستور 2014 ما زال موجودا حتى وإن كان معطلا ومتعثرا بقوة الدبابة".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح المختص في القانون أنه لو تتغير المعادلة السياسية يمكن استعادة روح وشرعية دستور 2014.
وفي رد على سؤال يتعلق بالتعديلات المطلوبة على دستور 2014، قال أستاذ القانون شاكر الحوكي: "هناك فصول قليلة تجاوزتها الأحداث منها المتعلق بالمحكمة الدستورية والآجال".
وطالب الحوكي بضرورة استعادة الثقة في دستور 2014 قبل عودة العمل به وذلك من خلال تحصيل إجماع حوله يكون واسعا مع جملة من التعديلات وعرضه على الاستفتاء الشعبي.