اعتبر طيف
واسع من السياسيين بتونس، أن نتائج
الانتخابات وما أظهرته من نسبة إقبال ضعيفة تعد
"صفعة قوية" لنظام الرئيس قيس
سعيد.
ويرى
السياسيون أن الشعب
التونسي بمقاطعته ورفضه المشاركة في الانتخابات أراد توجيه رسالة قوية وهي أنهم لا يقبلون بمسار 25
تموز/ يوليو ويرفضون "الشعبوية"، ونظام الحكم المستبد.
وجرت الأحد الماضي
دورة ثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة، ووفق هيئة الانتخابات فقد بلغت النسبة النهائية للتصويت في الدور
الثاني 11.40 بالمئة، وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر إن 895 ألفا و2 ناخب
قاموا بالاقتراع من أصل 7 ملايين و 853 ألفا و447 ناخبا، ، فيما جرى الدور الأول في 17 كانون الأول/ ديسمبر
الماضي وبلغت نسبة التصويت 11.22 بالمئة.
اظهار أخبار متعلقة
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن
النتائج النهائية رسميا في الرابع من آذار / مارس المقبل بعد انقضاء الطعون .
وقال رئيس هيئة الانتخابات، فاروق
بوعسكر، لـ"عربي21" بأن البرلمان بعد النتائج، يضم 129 رجلا، و25 امرأة،
فيما سيرحل أمر المقاعد الشاغرة في الخارج إلى المجلس بعد انعقاده.
وأشار إلى أن المجلس الجديد هو المنوط
بتعديل القانون الانتخابي، ومراجعة الشروط التي كانت تعيق الترشحات، ومن أولوياته سد
الشغور في مقاعد الخارج.
وأكد أن موعد انعقاد البرلمان الجديد
سيكون رهن قرار من الرئيس قيس سعيد.
واستنكرت
المنظمات الرقابية للانتخابات من جهتها بشدة حجب رؤساء مكاتب الاقتراع نسب
المشاركة وحصرها اختصاصا لهيئة الانتخابات.
وانتقدت المنظمات
المسار الانتخابي ووصفت النتائج "بالأكثر تدني والضعيفة جدا".
رقم قياسي
وصف رئيس
جمعية "عتيد" بسام معطر، نتائج المشاركة في الانتخابات "بالضعيفة
جدا والأكثر تدنيا منذ 2011".
واعتبر معطر
في تصريح خاص لـ"عربي21" أن الانتخابات الحالية تعد الأضعف عالميا
وستضعف الديمقراطية التمثيلية والقيمة المعنوية للبرلمان القادم وتجعله منذ
انطلاقه محل تشكيك وتجاذب.
وأكد معطر
أن "المسار الانتخابي منذ بدايته لم
يحترم المعايير الدولية وهو ما أدى إلى الضبابية وبالتالي جعل الناخب يعزف عن
المشاركة، إلى جانب ضعف حضور المرأة".
اظهار أخبار متعلقة
بدورها اعتبرت
رئيسة مرصد "شاهد"، علا بن نجمة، أن اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد
ساهم في عزوف الناخبين عن المشاركة.
وقالت بن نجمة
خلال ندوة صحفية الاثنين، إن الحملة الانتخابية كانت "فاترة وباهتة" ولم
تقدر على تعبئة الشارع وتحفيزه للذهاب للانتخاب.
رسالة النهاية
من جانبه، قال
الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، إنه "للمرة الثانية في غضون شهر، 90
بالمئة من الشعب أكدوا حكمهم بأنهم لا ينخرطون وغير معنيين بهذا المسار الذي حاول
فرضه قيس سعيد".
واعتبر الشابي
في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "الرسالة اليوم واضحة وهي أن تونس في
أزمة شرعية دستورية وسياسية وأزمة مؤسسات، إلى جانب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الشابي:
"سعيد حاول إنكار هذا الواقع منذ الدور الأول وقال حينها ننتظر الشوط الثاني
إلا أن رد التونسيين كان نفسه وتم تحطيم رقم عالمي قياسي في الإحجام عن هذه
الانتخابات".
وعن الخطوة
السياسية المطلوبة لخروج البلاد من أزمتها رأى "أن على سعيد إن كانت له
القدرة على الاستخلاص أن يفهم الرسالة وهو أنه فقد الشرعية والمشروعية، والبرلمان
الجديد سيكون عنصر أزمة جديدا".
وطالب الشابي
الرئيس بالتنحي معتبرا أنه لم يبق أمامه غير التخلي، وعدم دفع البلاد إلى الهاوية
وفسح المجال أمام التونسيين لترميم بيتهم بانتخابات نزيهة وحوار وطني.
وختم قائلا:
"سعيد دمر البلاد وخلاص تونس بالتخلص من هذا المسار".
من جهته قال
القيادي في حزب العمال التونسي، عمار عمروسية إنه دون أدنى شك، فإن نسبة المشاركة
تؤكد أن الشعب غير مهتم أصلا بها وأنه
أدار ظهره لمشروع الرئيس.
وانتقد عمروسية
في تصريح خاص لـ"عربي21" عمل هيئة الانتخابات قائلا: "شبهات
التزوير قائمة خاصة في سابقة حجب النسب عن المنظمات والصحفيين داخل مكاتب ومراكز
الاقتراع".
وأكد القيادي في
الحزب أن البلاد تعيش مأزقا كبيرا وكل بنود خارطة طريق سعيد كانت لأجل تعفين الوضع،
إن مؤيدي سعيد أنفسهم فشلوا في الانتخابات، بحسب تعبيره.
اظهار أخبار متعلقة
وعن الحل رد
عمروسية بأنه "لن يكون لا بالحوار ولا بالانتخابات، فالبلاد دخلت إلى منطقة
زوابع واضطرابات اجتماعية كبرى وبالتالي الحل وقوف الشعب لنفسه عبر تجديد مساره
الثوري بعيدا عن كل فوضى وعنف، وطي صفحة سعيد".
وفي قراءة
تحليلية لنتائج الانتخابات قال السياسي عبد الحميد الجلاصي، إنه "ليس عسيرا
على العقل السياسي الطبيعي معاينة فشل كل الاستشارات التي عرض فيها سعيد مكونات
مشروعة، فالأرقام بليغة، ولم تكن يوما في
المنطقة الرمادية التي تسمح بجرها إلى منطقة التأويل".
وتابع الجلاصي
في حديث خاص لـ"عربي21" بأن النتيجة المنطقية لهذه المعاينة هي إقرار
المعني بالأمر بوجود فجوة بين عالمه والناس، ولم تنجح الجهود المضنية للمفسرين في
ردمها وحينها لا يكون أمامه سوى إما القيام بخطوة إلى الوراء للاستماع لصوت الشعب
الحقيقي، أو المغادرة، لأن الشعب غير قادر على الصعود إلى مقاربته".
ونبه الباحث
الجلاصي إلى أن ما لا ينتبه له سعيد جيدا هو أن نسبة العزوف المرتفعة جدا تمثل "خزان
غضب قابل للانفجار"، وما لا ينتبه له أيضا هو أن هذا البرلمان الذي حاول
بناءه على مقاسه "سيُصبِح عبئا عليه" مؤكدا أنه "سيبحث عن أدوار، وخاصة الكتل المنظمة أو القابلة للتنظم من اليساريين والقوميين والصفوف الخلفية من
منخرطي التجمع الدستوري سابقا".