طرحت
تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري التي اعتبر فيها أن عودة النظام السوري
إلى جامعة الدول العربية "ليست كافية للتطبيع معه"، تفسيرات عديدة،
وعكست بحسب مصادر تحدثت لـ"عربي21"، ما يبدو "استعجالاً"
عربياً باتخاذ قرار إعادة النظام إلى الجامعة، واستمراراً للخلافات العربية حول
التطبيع الكامل مع دمشق.
وكان
شكري قد أكد في مقابلة له، أن عودة النظام السوري إلى
الجامعة العربية ليست كافية
لتطبيع العلاقات ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي.
وأضاف
لقناة "صدى البلد" المصرية، أن "عودة
سوريا لا تؤهل للتطبيع الكامل
مع حكومتها والارتقاء بمستوى التمثيل لكنها خطوة أولى لخلق رؤية وتفاهم وإجراءات
تزيد من الثقة وأننا على الطريق السليم".
اظهار أخبار متعلقة
مواقف متحفظة
وتعليقاً،
يقول الباحث المصري في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي، إن تصريحات شكري تتناسق
مع الموقف العربي حول سوريا، حيث لا زالت مواقف بعض الدول العربية متحفظة على
القرار العربي.
ويضيف
لـ"عربي21" أن الموقف المصري في الملف السوري منذ بداية الأزمة كان
واضحاً، أي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل على تعزيز الحوار السياسي
والتفاهمات السياسية بين الأشقاء في سوريا لحل الأزمة.
وبحسب
الديهي فإن المواقف المصرية بخصوص سوريا تنطبق مع قواعد القانون الدولي، ومصر
تتطلع من خلال إعادة دمشق إلى الجامعة لدعم الاستقرار والتهدئة في سوريا.
وعلى
النسق ذاته، يصف مدير "المركز العربي للبحوث والدراسات" في القاهرة،
هاني سليمان، في حديث لـ"عربي21" تصريحات شكري بـ"المتزنة"،
ويقول: "تبنت مصر نوعاً ما إعادة سوريا إلى الجامعة العربية قبل القرار
الأخير، لكن ما سبق لا يتعارض مع الاعتبارات المصرية، حيث تريد القاهرة أن يكون
المسار الانتقالي واضحاً في سوريا، بحيث يضمن استقراراً حقيقياً في سوريا، فضلاً
عن الوضوح في مصير المعتقلين والسجناء واللاجئين السوريين والملفات
الإنسانية".
وبالتالي،
تؤكد تصريحات شكري، من وجهة نظر سليمان، أن هناك بعض القضايا العالقة، متعلقة
بالمسار السياسي السوري، ومصير المعارضة، وتواجد القوات الأجنبية من الميليشيات
الإيرانية التي تنتهك سيادة سوريا، إلى الوجود الروسي والقوات الأمريكية وغيرها.
ويستدرك
بقوله: "كل هذه الاعتبارات لا تعكس تدخلاً مصرياً بالشأن السوري، وإنما
للدفاع عن استقلال دولة عربية، وخوفاً على مستقبلها".
ويلفت
إلى ضرورة قراءة القرار العربي بشكل موضوعي، ويقول: "قد يقرأ النظام السوري
القرار على أنه جاء نتيجة "الانتصار" وفرض الأمر الواقع على العرب
(...) هذه القراءة خاطئة، لأن عودة سوريا ضرورة عربية بعيداً عن الاستقطاب
الإيراني".
وكان
شكري، قد قال إن "هناك تحدياً في إطار الحوار السياسي الذي يجب أن يجريه
السوريون، يؤدي إلى ضغوط ومطالبات بخروج القوات الأجنبية"، منتقداً
"إغفال المجتمع الدولي لوجود عناصر أجنبية يقدر عددها بعشرات الآلاف، ومنظمات
إرهابية في مناطق سورية مختلفة تنعم باستقلالية وتتلقى دعماً من جهات
مختلفة"، مشيراً إلى أن "وجود هذه العناصر عامل تهديد للدول العربية
والأوروبية".
اظهار أخبار متعلقة
رسائل
للنظام
من
جانبه، يقول الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور أحمد قربي، إن
الموقف المصري بخصوص الملف السوري يأتي في المنتصف بين الدول العربية الرافضة
للتطبيع مع النظام (قطر، الكويت، المغرب)، وبين الداعمة (الإمارات، العراق، لبنان،
الجزائر وغيرها).
ويضيف
لـ"عربي21"، أن "تصريحات مصر تنص على ضرورة تطبيق القرار 2254،
وبالتالي التصريحات الأخيرة تأتي في إطار تذكير النظام السوري بالالتزامات مقابل
التطبيع معه وإعادته إلى الجامعة العربية، وهي الالتزامات المتعلقة بالخطوات
المتعلقة بالمسار السياسي".
ويؤكد
كل ما سبق، أن مبدأ "الخطوة مقابل خطوة" هو الأساس الذي اعتمد عليه
القرار العربي، أي تشجيع النظام السوري على اتخاذ خطوات في إطار الحل السياسي
مقابل الانفتاح عليه والتطبيع معه.
اظهار أخبار متعلقة
على
عجل
أما
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل المعراوي، فيستدل من تصريحات شكري على حالة
الاستعجال التي سبقت قرار إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.
ويقول
لـ"عربي21": "لم تستجد ظروف أو معطيات تستوجب تلك الاندفاعة
العربية، لم يُقدّم
الأسد أي بادرة توحي باحتمالية قبول المطلوب منه دولياً
وعربياً بل تمادى أكثر بتماهيه أو تبعيته للنظام الإيراني وتهديده للجوار العربي
من خلال مواصلة إنتاج وتسويق المخدرات بأنواعها"، وبالتالي "جاء القرار
على عجل، حيث اعتقدت بعض الدول أن استمرار عزلة النظام عربياً تعني مزيداً من
النفوذ الإيراني، علماً أن هذه المقاربة خاطئة".
يذكر
أن قرار إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية لا يلزم الدول بإقامة علاقات
مع دمشق، وذلك على قاعدة الخصوصية لكل دولة.