إن ثقافة المؤلف
المسرحي المصري محمود دياب، المولود في الإسماعيلية عام ١٩٣٢ والمتوفى في القاهرة
عام ١٩٨٣، كانت ثقافة عريضة ضاربة وبعمق في التراث المسرحي العالمي، من شكسبير إلى
بريخت، فقد جاء إنتاجه المسرحي بصبغة مميزة وبصمة خاصة به وبمسرحه ككل. ومما كتبه
في الفترة من منتصف الستينيات حتى منتصف السبعينيات: الزوبعة، رسول من قرية تميرة،
الهلافيت، ليالي الحصاد، رجال لهم رؤوس، أرض لا تنبت الزهور، وأخيرا مسرحيتنا باب
الفتوح، التي كتبها في نهاية الستينيات.
ودياب لا يطرح في
كل مسرحه قضاياه في أبعادها الواقعية المباشرة، أو الدرامية المتصاعدة، وإنما
يطرحها في أبعادها التجريدية ومساحاتها المحايدة، دون انفصال لحظة واحدة عن الحاضر
الذي ارتبط به كتاب هذه المرحلة.
ومسرحية باب
الفتوح، كانت انعكاسا واضحا للهزيمة العسكرية والسياسية للعرب في حزيران/ يونيو ١٩٦٧،
ولقد ظلت ممنوعة من العرض لمدة خمس سنوات، حتى قدمت على المسرح القومي عام ١٩٧١، بعدها
قدمت عشرات المرات على المسارح، خاصة مسارح الجامعات المصرية، حيث يعتبرها كثير من
شباب المسرحيين أيقونة محمود دياب المسرحية، ذلك لأن أحداثها صالحة لكل زمان
ومكان.
مسرحية باب الفتوح، كانت انعكاسا واضحا للهزيمة العسكرية والسياسية للعرب في حزيران/ يونيو ١٩٦٧، ولقد ظلت ممنوعة من العرض لمدة خمس سنوات، حتى قدمت على المسرح القومي عام ١٩٧١، بعدها قدمت عشرات المرات على المسارح
فلقد تناول دياب
سمات الصراع العربي الإسرائيلي وأهمها: الاغتصاب سواء بالتحاليل أو التآمر أو القوة،
وبيّن أيضا أن الخلاص إما بالقوة، أو بالفكر والقوة معا، أو بالأمل في الجيل
الجديد. وبعد هزيمة ١٩٦٧، تطرق دياب إلى أن فكرة تحرير الإنسان هي السبيل الوحيد
لتحرير الأرض، فهو في باب الفتوح يسترجع التاريخ لأول مرة، ولا يكفيه طرح رؤية
جديدة للواقعة التاريخية، لكنه يعيد قراءة التاريخ.
فالمسرحية تحكي
عن مجموعة من الشباب المعاصر، يعيدون صنع التاريخ كما يأملون، ويدفعون بفارس من
وحي خيالهم ليخترق التاريخ ذاهبا إلى صلاح الدين محرر القدس، لتتحد روح الثورة
بقوة الجيش المساندة لصلاح الدين ليحررهم أيضا، عن طريق الفارس العصري الثائر أسامة
بن منصور، صاحب كتاب "باب الفتوح"، والذي يكلف بمهام صعبة من قبل الشباب
المعاصر بإرسال مطالبهم إلى القائد صلاح الدين، والتي تتمثل في
الحرية والكرامة
الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
والمسرحية تعتمد
فكرة التاريخ الموازي، فالتاريخ يكتبه دائما الملوك والقادة والمنتصرون، ويتجاهلون
العامة والفرسان والثوار، الذين صنعوا المجد والانتصارات التي خلدت كل هؤلاء.
إذن من الممكن
تلخيص مضمون مسرحية باب الفتوح، المُحكمة البناء، في أنها تعيد تشكيل العالم، ليس
بفضح آثامه وخلل معتقداته، وإنما بمقاومة ما ينطوي عليه من أكاذيب، وقعت في القرن
الخامس عشر على أيدي الصليبيين في فلسطين وبلاد الشام، وأنه بدون المقاومة هذه لا جدوى
من إصلاح الخلل، أو الإجهاز على الآثام، إنه يعيد تشكيل ما يرفضه في الواقع
والتاريخ والأساطير، على النحو الذي تتحقق به صورة الدولة الفاضلة الطموحة، التي
تدرك أن آنيتها القديمة ليست الآنية المثلى للنظم المعاصرة التي يخضع فيها الحكم لإرادة
الشعب.
فلا يوجد بلد حر..
إلا بشعب حر..!! كما جاء ضمن عبارات كتاب باب الفتوح.