استعرض
مقال في صحيفة "واشنطن بوست" للصحفي إيشان ثارور العدوان على غزة والمأساة الفلسطينية المستمرة منذ سبعة عقود.
وقال ثارور، إنه بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن هناك كلمة واحدة تطارد مخيلتهم التاريخية وهي "النكبة" التي تستدعي الكوارث التي حلت بمئات الآلاف من الفلسطينيين خلال عام 1948 عندما تم طردهم من منازلهم ومدنهم الأصلية في أعقاب تأسيس "إسرائيل".
ونقل ثارور عن زميلته لويزا لوفلوك قولها: "لقد تم تدمير قراهم، أو إعادة استيطانها وتغيير أسمائها، ومحو تاريخها. إنها صدمة عميقة ومستمرة أثرت على كل أسرة فلسطينية تقريبا وهي صدمة يخشى الكثيرون أن تتكرر".
وفي حين تتواصل الحملة الإسرائيلية المدمرة في غزة، فإنه يلوح في الأفق شبح نكبة جديدة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف ثارور، أن حجم ونطاق
القصف الجوي الإسرائيلي لهذه المنطقة الصغيرة لم يسبق له مثيل حيث قالت منظمة حقوقية مقرها جنيف إن حجم الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر يعادل بالفعل قنبلتين نوويتين نشرتهما الولايات المتحدة فوق اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.
لقد أدى الدمار والهجوم البري المتصاعد إلى استشهاد أكثر من 11,000 فلسطيني في غزة، العديد منهم من الأطفال، وأدى إلى أزمة إنسانية مذهلة، كما أنه أجبر حوالي 1.7 مليون من
سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على الفرار من منازلهم، وهو النزوح الذي قد يعيد شكل المنطقة لسنوات قادمة.
وتابع، بالقسم الأعظم من سكان غزة هم لاجئون مسجلون فر أجدادهم مما يعرف الآن بـ"إسرائيل" في عام 1948والآن يواجهون مأساة جديدة.
وقالت امرأة عرفت أن اسمها أم حسن لـ "رويترز" أثناء عبورها إلى جنوب غزة من الشمال: "كيف تبدو الأشياء خلفنا؟ الدمار والموت، لقد غادرنا في خوف، نحن الشعب الفلسطيني الفقير الذي دمرت بيوته".
وأردف ثارور: "بالنسبة لإسرائيل، فإن الهجوم كله يأتي في أعقاب الرعب الذي ألحقته حماس يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث أثارت رغبة واسعة النطاق بين الجمهور الإسرائيلي في الانتقام. خلال مقابلة يوم الأحد مع شبكة CNN، ألقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين على حماس لأنها أثارت غضب إسرائيل".
وقال باسم نعيم، المتحدث باسم حماس، لزملائي: "لقد حذرنا، وقلنا إن هناك شيئا قادما، وقلنا لا تراهنوا على صمت الفلسطينيين، لم يستمع أحد. هذه العملية نعتبرها عملا دفاعيا. أنا محاصر في سجن، حاولت الهروب من السجن".
اظهار أخبار متعلقة
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في تغريدة على "تويتر"، إن "إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر القانونية والأخلاقية والإنسانية في حربها الوحشية على سكان غزة"، في إشارة إلى المعايير الأخلاقية المزدوجة للغرب، مضيفا أنه "مع ذلك فقد فشل المجتمع الدولي ومنظماته الرئيسية في المطالبة بوقف إطلاق النار".
يرى الكاتب، أن "بعض المسؤولين الإسرائيليين متفائلون، وإن لم يعتذروا، بشأن ما تفعله عمليتهم بالفلسطينيين. وفي حديثه لإحدى القنوات التلفزيونية الإخبارية الرئيسية في البلاد يوم السبت، قال آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي والمدير السابق لجهاز الشاباك، وكالة المخابرات الداخلية الإسرائيلية، إن طبيعة القتال في شمال غزة تتطلب الإخلاء الجماعي والطرد المحتمل للفلسطينيين المقيمين في مدينة غزة.
ورد على أحد المحاورين الذي استخدم مصطلح النكبة: "هذا سيؤدي إلى نوع من النكبة، هذه نكبة غزة 2023، هكذا ستنتهي".
إن الأزمة التي يواجهها الفلسطينيون لا تقتصر على غزة فحسب، ففي الضفة الغربية، حيث تقوم المستوطنات والسلطات القضائية الإسرائيلية بتقسيم الأراضي التي تم تصورها ذات يوم كموقع لدولة فلسطينية قابلة للحياة، وقد صعدت جماعات المستوطنين هجماتها على الفلسطينيين في أعقاب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي تقارير للصحيفة نقل مراسلوها أن "الأمم المتحدة سجلت 222 هجوما ضد الفلسطينيين خلال الشهر الماضي، راح ضحيتها ثمانية أشخاص، بينهم طفل. وأصيب 64 فلسطينيا آخرين، أكثر من ربعهم بالذخيرة الحية في تلك الهجمات".
وقد أجبر العنف بالفعل عشرات العائلات على الفرار من منازلهم والتخلي عن بساتين أشجار الزيتون التي كانت تعتني بها أسرهم منذ أجيال.
اظهار أخبار متعلقة
وزارت مراسلة الصحيفة لويزا لافلاك خربة زنوتا بالضفة الغربية، التي كان سكانها الفلسطينيون البالغ عددهم 150 أو نحو ذلك يغادرون خوفا على حياتهم.
وقال آسر التل، وهو راعي أغنام يبلغ من العمر 59 عاما: "هؤلاء المستوطنون فوق القانون إنهم الحكومة الآن".
وأضاف وقد بدأ بالبكاء: "يمكن لهؤلاء المستوطنين أن يذبحونا ولن يهتم أحد. ماذا تريدني أن أقول.. لا توجد كلمات تصف بؤس هذه الحياة".
بالنسبة لقطاعات من اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي يشكل جزءا كبيرا من حكومة نتنياهو، فإن تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم هو الشرط المسبق غير المعلن لتحقيق أهدافهم.
وفي مقابلة معبرة مع مجلة "نيويوركر"، أظهرت دانييلا فايس، الزعيمة المخضرمة لحركة الاستيطان الإسرائيلية، في أحسن الأحوال، عدم مبالاة بمحنة الفلسطينيين في غزة، قائلة إنه يجب توزيعهم على دول مثل مصر وتركيا، وإنه يجب على الإسرائيليين العودة إلى الاستيطان في غزة (وقد قاوم نتنياهو وبعض حلفائه في الحكومة حتى الآن مثل هذه الدعوات).
عندما يتعلق الأمر بتصرفات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما في ذلك الهجمات والترهيب التي أدت في نهاية المطاف إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، كانت فايس صريحة بشأن أهدافهم ولم تتأثر بالإدانة التي تلقوها من إدارة بايدن.
وقالت لإسحاق شوتينر من مجلة نيويوركر: "إن العالم، وخاصة الولايات المتحدة، يعتقد أن هناك خيارا لقيام دولة فلسطينية، وإذا واصلنا بناء المجتمعات، فإننا نمنع خيار الدولة الفلسطينية، نريد إغلاق خيار الدولة الفلسطينية، والعالم يريد ترك الخيار مفتوحا، إنه أمر بسيط للغاية يجب فهمه".