قام الكيان الصهيوني مساء الثلاثاء الثاني من يناير، بعملية
اغتيال
لبعض قيادات في حركة المقاومة الإسلامية في مقر إقامتها بلبنان، على رأسهم: الشيخ
صالح
العاروري نائب رئيس الحركة، وذلك عن طريق استهداف مبنى مكتب العاروري في
الضاحية الجنوبية في بيروت، ولا شك أن لحادث بهذا الحجم، له دلالات ومآلات، يمكن الوقوف على
بعضها.
أولا ـ هذه الجريمة قام بها الكيان الصهيوني، كموقف نصر شكلي يحفظ
بها ماء وجهه، ويشكل دفعة معنوية للشارع الإسرائيلي، الذي بدأ منذ فترة في
التظاهر، نتيجة تباطؤ نتنياهو في السعي لإبرام صفقة تقضي بعودة الأسرى إلى
أهاليهم، ولأن كل أهدافه التي أعلنها لحربه على غزة، لم تحقق، سوى خسران الكيان
التعاطف الشعبي العالمي، وبدا ذلك واضحا في المسيرات والمظاهرات العالمية التي
تنظم أسبوعيا ضد عدوانهم على غزة.
ثانيا ـ جاءت هذه العملية بقدر الله لتكون ردا على الصهاينة العرب،
الذين ملأوا الإعلام العربي، ومواقع التواصل الاجتماعي، بالتشكيك في المقاومة
أفرادا وقادة، زاعمين أن الضحايا يسقطون فقط من الشعب الغزاوي الأعزل، وهو ما كذبه
الواقع، فإن هناك حالات لا حصر لها لأهالي القيادات في غزة، بل إن العدوان كثيرا
ما كان يستهدف الحاضنة الشعبية للمقاومة سواء عند الاعتقال، أو عند التدمير
للبيوت، فرأينا أبناء وأحفاد وأصهار لجل قيادات المقاومة ينالون شرف الشهادة.
من استقرأ أسماء الشهداء في قادة المقاومة بكل فصائلها، سيجد عددا كبيرا بين من استشهد في فلسطين، أو خارجها، ومع ذلك لم تكسر المقاومة، ومن يقرأ تاريخ المقاومة بعد استشهاد قادة كبار يجدها تتعافى سريعا، وتواصل المسيرة.
ثالثا ـ منذ بدء عملية طوفان الأقصى، والجرائم الصهيونية تطال قادة
المقاومة داخليا وخارجيا، فرأينا استشهاد أحمد الغندور وآخرين من القيادات داخل
غزة، وأسماء يعلن عنها كل فترة، ومؤخرا استشهاد العاروري وإخوانه، وهو ما يعد كل
مقاوم نفسه له، فلا يوجد شخص يسلك هذا الطريق وإلا وهدفه أمران: إما النصر، أو
الشهادة.
رابعا ـ في ظل هذه العمليات، يطرح السؤال الطبيعي: هل ستكسر المقاومة
بذلك؟ والإجابة: لا، وهناك حوار للعاروري قبل استشهاده، يعلن أن المقاومة لا تقف
عند حياة أو وفاة قائد أو فرد، وهو كلام رسخته الأيام، وأكدته، فمن استقرأ أسماء
الشهداء في قادة المقاومة بكل فصائلها، سيجد عددا كبيرا بين من استشهد في
فلسطين،
أو خارجها، ومع ذلك لم تكسر المقاومة، ومن يقرأ تاريخ المقاومة بعد استشهاد قادة
كبار يجدها تتعافى سريعا، وتواصل المسيرة.
ومن البديهيات لدى المسلم، صحيح الإيمان والإسلام، أن الارتباط في
ديننا يكون بالمبادئ، مع تقدير الأشخاص، وتقدير أدوارهم وتضحياتهم، ولو كانت رسالة
المسلم تقف عند وفاة الأشخاص لوقفت عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما عبر
عنه القرآن الكريم بكل وضوح: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن
قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ
أَعۡقَٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ
شَيۡـٔٗاۚ وَسَيَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ) آل عمران: 144، ولو كان انتشار
ووجود الإسلام مرهونا ببقاء النبي صلى الله عليه وسلم، لأبقاه الله تعالى، ولكن
الارتباط الأهم بالقيم والمبادئ، أما الأجساد فمصيرها الفناء والموت.
خامسا ـ بدأ يطرح بعد استشهاد العاروري وإخوانه، سؤال: هل بهذا
الإجرام الصهيوني يتوسع مجال الحرب؟
والحقيقة السؤال رغم مشروعيته، إلا أنه يأتي في ظل نسيان طبيعة
المعركة، وهي متوسعة منذ بدايتها، فمنذ السابع من أكتوبر، والناظر للقوى التي تقف
مع الكيان الصهيوني سيجدها تبدأ بأمريكا، ودول غربية كبرى، فضلا عن دول عربية،
توقحت بعضها وأعلنت ذلك، وخبث البعض الآخر ولم يعلن.
ولم يقف الدعم عند الكلام المعلن، أو المواقف السلبية تجاه العدوان،
بل أعلن عن إجراءات ودعم عسكري وسياسي، بدأ بالمال والسلاح، مرورا بالفيتو،
وانتهاء بمحاولة خنق الشعوب في التعبير عن تضامنها مع غزة ضد العدوان، بل وصل
التوسع في إجراءات الوقوف بجانب الكيان، إلى التهديد بسحب جنسية من يثبت أنه دعم
المقاومة، أو منع الجنسية في دول أوروبية، بدعوى مقاطعة إسرائيل.
ألم تشعرنا كل هذه الإجراءات والتواطؤ بأن الحرب توسعت منذ أول يوم
لها، فالسؤال يصدر عن عدم تبصر بالواقع الذي تعيشه المقاومة الفلسطينية داخل
فلسطين وخارجها، فالعدوان من أول لحظة توسع، لأن القائم به
احتلال من أبرز خصائصه
أنه: احتلال توسعي، فلا يقف عند حدود، ولا يؤمن بها، سواء على أرض الواقع، أو من
حيث التأثير والإخضاع.