هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يبدو أن العلاقات المصرية التركية تقترب من إنهاء شتائها الطويل الذي يربو على 10 سنوات سادتها القطيعة والجمود والصراع، وذلك بزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة المصرية القاهرة، ولقاء رئيس النظام عبدالفتاح السيسي. إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة إظهار أخبار متعلقة
والأربعاء، نقلا عن مصادرها، كشفت وكالة
"بلومبرغ" الأمريكية عن زيارة أردوغان إلى مصر 14 شباط/ فبراير الجاري،
لتعزيز التعاون بمنطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالطاقة، وذلك في ظل أجواء مغبرة، وصراعات تعصف بإقليم الشرق الأوسط.
وتعتقد الوكالة الإخبارية أن لقاء أردوغان
والسيسي، الذي لم تؤكده لا أنقرة أو القاهرة بشكل رسمي، من المتوقع أن تركز
على المساعدات الإنسانية لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني، يتعرضون للإبادة الجماعية من الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي.
وفي السياق، أكد مسؤول تركي، الأربعاء أن
الرئيس أردوغان سيسافر مصر 14 شباط/ فبراير الجاري، بعدما تطورت العلاقات
الدبلوماسية بين البلدين، وجرى تبادل السفراء العام الماضي، فيما تداولت مواقع
إخبارية مصرية وتركية وعربية الخبر نقلا عن "بلومبيرغ"، و"رويترز".
"المصافحة الثالثة"
ويرى مراقبون، أنه إذا تم لقاء القاهرة، فإنها
ستكون المصافحة الثالثة بين السيسي وأردوغان، بعد أن التقيا بافتتاح نهائيات كأس
العالم لكرة القدم (قطر 2022)، ثم في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، بقمة "مجموعة
العشرين" بالهند، وجرى حينها طرح مسألة تبادل الزيارات بينهما.
كما أنها ستكون الزيارة الأولى لأردوغان إلى
القاهرة منذ نحو 12 عاما، والزيارة الأولى له إلى مصر كرئيس لتركيا، حيث إن آخر
زياراته لها كانت وهو رئيس لوزراء بلاده، حيث استقبله الرئيس الراحل محمد مرسي في
17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.
ومع انقلاب السيسي، على الرئيس مرسي، 3 تموز/
يوليو 2013، أعلن أردوغان، أنه انقلاب عسكري على رئيس شرعي، وانتقد مجزرة
"رابعة العدوية" في 14 آب/ أغسطس من العام نفسه، وفتح أراضيه لاستقبال
المعارضة المصرية، وسمح لها بتدشين فضائيات معارضة.
وبعد سنوات من القطيعة والخلاف في ملفات
إقليمية بين البلدين منها ليبيا وسوريا، وفي ملفات اقتصادية بينها ترسيم الحدود
البحرية بالبحر المتوسط والمنطقة الاقتصادية بشرق المتوسط، تكللت لقاءات رجال
مخابرات الدولتين ومسؤولي الخارجية فيهما، التي استمرت نحو 3 سنوات في تموز/
يوليو الماضي، حين أعلن الجانبان رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتمد أردوغان أوراق
السفير المصري عمرو الحمامي، ما فتح الباب
للقاءات على مستوى دبلوماسي أوسع بل ولقيادة البلدين.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن
أردوغان، عزمه زيارة مصر في أقرب وقت ممكن، دون أن يحدد موعدا للزيارة، وهو ما
أكده السفير التركي بالقاهرة، صالح موطلو شن، بقوله في كانون الأول/ ديسمبر
الماضي؛ إن زيارة الرئيس التركي لمصر، مدرجة على جدول الأعمال.
"الملف الاقتصادي"
وإذا جرى اللقاء بالفعل، فإن السيسي يلتقي
أردوغان، بعد حصوله على الولاية الثالثة لحكم مصر مدة 6 سنوات جديدة وحتى 2030،
تضاف إلى 10 سنوات سابقة، وذلك في الوقت الذي يقضي أردوغان ولايته الثانية مدة 5
سنوات جديدة تنتهي عام 2028.
وإلى جانب ملفات ليبيا، وغزة، وغاز شرق
المتوسط، يأتي الملف الاقتصادي على أولوية أي تفاهمات مصرية تركية.
ويواجه كلاهما أزمات اقتصادية خانقة، حيث تعيش
القاهرة على وقع أزمات مالية واقتصادية ومعاناة المصريين من التضخم، في ظل تراجع
قيمة الجنيه وتغول أزمة الديون الخارجية على موازنة الدولة، بينما يحاول أردوغان
بحكومة جديدة وطاقم اقتصادي جديد، التخلص من أزمة التضخم وتراجع قيمة الليرة، ما
يجعل الملف الاقتصادي مهما للجانبين.
ووصل مستوى التبادل التجاري بين البلدين نحو
مليار دولار، في 2022، فيما يسعى الجانبان لزيادة حجم التجارة البينية حتى 15
مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي العام 2022، بلغ حجم الاستثمار التركي في
مصر 103.5 ملايين دولار، حيث تعمل 790 شركة تركية بمصر باستثمارات تبلغ حوالي 2.5
مليار دولار، ما جعل أنقرة بالمرتبة السادسة كأكبر وجهة للصادرات المصرية بـ3.2
مليارات دولار، وجعل تركيا ثالث أكبر دولة مصدرة لمصر بـ3 مليارات دولار.
"من يبدأ الزيارة؟"
وفي تعليقه على الأنباء المتداولة حول زيارة
أردوغان لمصر، قال الباحث والأكاديمي المصري الدكتور محمد الزواوي،
لـ"عربي21": "حتى الآن لم تصدر عن أي جهات رسمية مصرية أو تركية
تأكيدات عن الزيارة وموعدها".
المحاضر في معهد الشرق بجامعة سكاريا التركية،
أوضح أن "ما يتم تداوله فقط هو تسريبات نقلا عن موقع (بلومبيرغ) حتى الآن،
ومن ثم فلستُ متأكدا من عقد القمة، أو زيارة أردوغان لمصر حتى نرى تأكيدات رسمية
من الطرفين أو أحدهما على الأقل".
وأكد أنه "بالفعل كانت هناك وعود بإجراء
زيارات، ونذكر أن السيسي، كان مقررا له أن يزور تركيا، لكنه ذهب إلى روسيا لحضور
القمة الروسية الأفريقية 27 تموز/ يوليو الماضي، وكان يمكنه المرور بتركيا ولكنه
لم يمر".
وأضاف: "إذن، المشكلة هي من يبدأ الزيارة، التي تحيط بها عدة حساسيات؛ لأن أردوغان إذا جاء لمصر يريد ضمانات من الصحافة
المصرية بألا تقوم باتهامه بدعم جماعة الإخوان في تركيا، أو القول بأنه تجرأ سابقا
على القاهرة، وغيرها من الأمور التي تأخذ طابع الحساسية".
وذكر أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن، عندما
تحدث عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأكد أنه سيظل منبوذا، وبعدها زار بايدن
السعودية وجهت له الصحافة أسئلة محرجة، مثل: هل لا تزال السعودية منبوذة؟".
ويعتقد الأكاديمي المصري، أن "هذه الأشياء
تمثل حساسيات، إلا إذا اتفق الطرفان على قصر الأسئلة الصحفية على بعض الجوانب
وتحجيم الصحفيين من الجانبين، خاصة مع استمرار الحساسيات فيما يتعلق بانحيازات
الدولة التركية وانحيازات الدولة المصرية، وما وقع من أحداث في 2013 والموقف
التركي منها".
وأضاف: "ربما كلا الزعيمين يخشى الإحراج،
لاسيما إذا بدأ أردوغان الزيارة لمصر، ربما يُحرج إذا لم يقم السيسي برد الزيارة، لذا مازال هناك حساسيات في هذا الملف".
وفي تقديره لأهمية توقيت الزيارة المتوقعة في
ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية
الدكتور السيد أبوالخير، أن "تركيا دخلت على خط مفاوضات الوساطة بين فصائل
المقاومة الفلسطينية والكيان المحتل".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن
"أنقرة صارت طرفا بالمباحثات، وأصبح لها بها موقعا أقوى من مصر، لذلك سيتم
التطرق لهذا الموضوع بمباحثات السيسي، وأردوغان، خاصة ملفي المساعدات الإنسانية
وإعادة إعمار القطاع".
وحول هدف الزيارة المحتملة، وفق قراءة
الأكاديمي المصري للأحداث الحالية، أكد أنه "يكمن في مراجعة مواقف البلدين من
الوضع الحالي في ليبيا، ومن ملف غاز شرق البحر المتوسط، خاصة بعد أن اتفقت قبرص
واليونان والكيان الإسرائيلي على تقسيم الغاز بينها وإخراج مصر من الاتفاق".
وبين أنه يمكن قراءة الزيارة المرتقبة في هذا
الإطار أيضا، حيث "لجأت مصر لتركيا لتقف معها، خاصة أن الموقف التركي واضح
منذ البداية بمنح مصر مساحة كبيرة في شرق المتوسط، تصل إلى نحو 45 ألف كم".
وتابع: "ثم الموضوع الليبي الجارة الغربية
لمصر، وخطوات إحلال السلام والاستقرار الذي يهم الطرفين، خاصة أن تركيا طرف فعال
ومؤثر في الشأن الليبي"، مضيفا: "وأخيرا الموقف من سوريا الذي يهم
الجانبين، فضلا عن أزمة قطاع غزة".
وعن ملف المعارضة المصرية في تركيا وبينها
أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، يرى أبو الخير، أن "تركيا أدركت أن المقيمين
منهم في تركيا فشلوا في الوجود أو التأثير على الوضع الداخلي في مصر".
ويعتقد الأكاديمي المصري، أن استثناء
مصر وتركيا من "مشروع بايدن"، يجمع بين القاهرة وأنقرة ويدفعهما للعمل
على أفكار اقتصادية وتقارب أكثر، مضيفا أنه "خاصة أن المشروع سوف يضر
اقتصاديا وسياسيا بمكانة مصر وتركيا عالميا وإقليميا".
ويعتقد أنها "من الموضوعات المهمة التي
ستكون محل بحث في القمة المحتملة بين الرئيسين".
وفي توقعه للنتائج المرتقبة من الزيارة
المحتملة بحسب قراءته، أكد أبو الخير، أن "المستفيد سياسيا أكثر هي مصر؛ لأنها
أغلقت ملفا كان مزعجا ومؤثرا في الشأن الداخلي المصري"، موضحا أنه
"اقتصاديا ستكون تركيا هي الرابح الأكثر".
"مصالح متشابكة"
وفي تقديره، قال الباحث بالشأن التركي
والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو؛ إن "الزيارة في غاية الأهمية؛ حيث تأتي في
ظروف صعبة تمر بها المنطقة، خاصة الأوضاع في غزة، حيث المجازر التي ترتكبها
إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف:
"والزيارة تتحدث عن الاقتصاد والسياسة، فهما وجهان لعملة واحدة، خاصة بعد
تعقد العلاقات الدولية وتشابك المصالح، فلا توجد علاقات اقتصادية دون مصالح
سياسية، ولا توجد علاقات سياسية دون مصالح اقتصادية".
وتابع: "في تصوري، الزيارة تأتي في سياق
تطوير العلاقات، بالدرجة الأولى الدبلوماسية، كما تأتي لاستمرار تطبيع العلاقات
التي تجري منذ أكثر من عامين، والتي وصلت إلى مرحلة متقدمة، خاصة بعد لقاءات وزيري
خارجية البلدين واللقاءات التي جمعت أردوغان والسيسي".
ويرى أن "الجديد في المشهد، الذي دفع
للتقارب بين البلدين بخطوات جدية وسريعة، أن هناك أزمة كبيرة في المنطقة، كما أشرت
في بداية حديثي عن حرب إبادة في غزة، وسط دعم أمريكي للاحتلال، لذا تحتم على مصر
وتركيا كلاعبين أساسيين في المشهد التقارب أكثر، والوصول إلى خطوات على الأقل لوقف إطلاق النار وإيجاد حل للأزمة".
"ولذا، أعتقد أن أي جهود تبذل من دول كبرى، يمكن بها الضغط بشكل كبير،
كما نجحت جهود المقاومة ومواقف بعض الدول في منع التهجير للفلسطينيين، ومنع أهداف
إسرائيل في هذا الإطار".
ويتصور أوغلو أن "الزيارة سيكون له
تداعيات على المشهد السياسي في المنطقة، على وجه الخصوص فلسطين".
وعن العلاقات الاقتصادية، أكد أنها "تُعطي
دفعة لكلا البلدين، خاصة أن هناك أزمات اقتصادية فيهما تدفع مصر للدخول في
تحالفات جديدة للخروج من الأزمة، لذا تقاربت بشكل كبير مع تركيا الفترة الماضية،
وجرت لقاءات اقتصادية واتفاقيات تجارية عديدة".
وأضاف الباحث التركي: "أيضا
تركيا، تحاول أن تتعافى من أزمتها الاقتصادية، خاصة مع الفريق الاقتصادي الجديد
الذي يحاول قدر الإمكان كبح جماح التضخم، خاصة أنهم مقبلون بعد أقل من شهرين على
انتخابات محلية، تعد حاسمة بالنسبة للرئيس التركي".
ولفت إلى أن "خلاصة الحديث عن تطور
الأحداث، وأي نتائج تتعلق بالقضايا الأساسية والشائكة، وبينها قضية فلسطين خلال
الأشهر القادمة، سيقود لاستعادة العلاقات الكاملة بين البلدين، خاصة لو تحدثنا عن
انتهاء مسببات الخلاف".
وختم بالقول: "وفقا لنظرة استشرافية، فإن
الأوضاع مرشحة بين القاهرة وأنقرة لمزيد من التعاون في المجالين السياسي
والاقتصادي المرحلة القادمة".