لا شيء يشغل بال العدو الصهيوني ويعكر صفوه سوى ما قد يجده
من دعم ومساندة للمقاومة الفلسطينية، أيّا ما كان نوع الدعم والمساندة؛ سياسية كما
فعلتها جنوب أفريقيا بالدعوة التي أقامتها لدى المحكمة الجنائية الدولية، أو إعلامية
كما تفعل بعض وسائل الإعلام في مواجهة طوفان الكذب والتضليل للرأي العام الذي
يمارسه الإعلام المتصهين بالغرب أو في منطقتنا العربية، إضافة إلى ما تقوم به
السوشيال الميديا من دور عظيم في فضح جرائمهم، أو كان الدعم والمساعدة عسكرية كما
كان من حزب الله في
لبنان أو الحوثي في اليمن أو المقاومة الإسلامية في العراق،
وهو ما عرف بوحدة الساحات..
ولقد قيّد الله بتدبيره دخول حزب الله وأذرع المقاومة في
اشتباك مع دولة
الاحتلال في ظل حالة الخذلان الكبيرة على المستوى الرسمي العربي،
وخلفهم جامعة الدول العربية التي باتت عبئا حتى بالمرتبات الفلكية لموظفيها! ودخل الحزب
غمار المواجهة مع العدو الصهيوني وأبلى بلاء حسنا، على الرغم من نجاح الصهاينة في
استهداف أغلب قياداته وأهمها على مدار تاريخه بعد الاختراق الخطير لأجهزة الاتصال (البيجر)،
ومع ذلك استعاد عافيته ونجح قادته الميدانيون في تجاوز خسائرهم الفادحة التي طالت
قيادات الحزب ورموزه..
أما البيت الأبيض فقد قام بجهد كبير ومارست إدارته ضغطا
رهيبا بمؤسساتها الدبلوماسية والاستخباراتية على الدولة اللبنانية ومؤسساتها،
مدعومة بالضعف العربي الرسمي المشين من أجل توهين قوى الممانعة لدى حزب الله لدفعه
إلى إنهاء
وحدة الساحات مع
غزة، واستخدمت لذلك العصا والجزرة مع الحزب وخلفه إيران!
والتي كانت كلمة السر في تقديم حزب الله لتنازلات مؤلمة بعد الذي حققه، ويكفيه أن
قرابة نصف سكان إسرائيل كانوا يهرعون إلى المخابئ بسبب صواريخه ومسيراته! ولا أحد
يعلم لماذا أذعن الحزب لمشورة الملالي وتعليماتهم! -ولست جاهلا بطبيعة العلاقة
بينهما!- بعد الذي أبلاه من بلاء حسن، فيخضع لحسابات الدولة الإيرانية الضيقة التي
تذهب ببراجماتيتها إلى التنازل المهين الذي لا مبرر له! (اجتماع إيلون ماسك مع
السفير الإيراني بواشنطن)!
كان ذلك هو دور الوسيط المنحاز (أمريكا) في تفكيك اللُحمة
بين المقاومة في مختلف الساحات، وثمة أدوار استراتيجية يمارسها الاحتلال بنفسه وأهمها:
1- استهداف الحواضن الشعبية هربا من المواجهة المباشرة مع
المقاومة، لأن الصهاينة أجبن وأخسّ الأمم وأكثرهم حرصا على الحياة وخوفا من الموت،
وقد استفاد الاحتلال في تنفيذ تلك الاستراتيجية من استنساخ ما فعلته أمريكا خلال
حربها مع الفيتناميين من القصف والخسف للحاضنة الشعبية لمقاومي فيتنام لتركيعهم لما
يريده المفاوض الأمريكي (مذكرات هنري كسينجر)، وفعله الأمريكان كذلك مع فلول الجيش
العراقي المنسحبة من الكويت من أجل التطويع المستقبلي للرئيس العراقي "صدام حسين"..
2- استراتيجيتهم كذلك تلك التي عبر عنها أشهر زعمائهم
حين قال: إننا لن نستطيع دوما منع الاعتداء على دولتنا، لكننا سنحيل حياة المعتدين
وشعوبهم إلى جحيم!! وهذا ما يفعلونه في المعارك التي يخوضونها في المواجهات مع غزة
تحديدا ثم لبنان، والقسوة اللامتناهية والتدمير المبالغ فيه لكل مظاهر الحياة من
خلال استخدام أشد أنواع القاذفات والمدمرات، وآخرها القاذفة الأمريكية بي 52 الرهيبة
والتي تحمل أطنانا من المتفجرات وترمي بحممها على المدن والأحياء السكنية بعيدا عن
الدفاعات الجوية.
نجحت أمريكا في ظل الضغط الرهيب مدعوما بالتواطؤ العربي الرسمي والنفعية البغيضة لصانع السياسة الخارجية الإيرانية في حمل حزب الله على تقديم تلك التنازلات التي كانت بمثابة المفاجأة!
ونجحت أمريكا في ظل الضغط الرهيب مدعوما بالتواطؤ العربي
الرسمي والنفعية البغيضة لصانع السياسة الخارجية الإيرانية في حمل حزب الله على
تقديم تلك التنازلات التي كانت بمثابة المفاجأة! وبات العدو الصهيوني في حِلٍ
وبحبوحة للإجهاز على المقاومة الفلسطينية في غزة والتهام الضفة، وإدخال البهجة
والسرور على المتطرفين من أمثال "بن غفير" و"سموتريتش"، وإعادة
ماكينة التطبيع مع بقية الأقطار العربية التواقة إلى أحضان إسرائيل إرضاء للراعي
الأمريكي!
من للمقاومة الأبية حيال تلك المؤامرة الكونية ضدها؟!
كل المعطيات تشير -وللأسف الشديد- إلى نجاح صهاينة البيت
الأبيض ومعهم أذنابهم في تضييق الخناق على المقاومة، وفي غلق كافة المنافذ أمامها
في ظل التردي العربي الرسمي وفي ظل ما تعانيه الشعوب الرافضة لما يجري لإخوانهم في
غزة من قهر واستبداد يحول بينهم وبين مجرد التعبير عن رأيهم! بخلاف انصراف الآخرين
من الغارقين في اللهو والمرح حتى أذنيهم! مع موجات السفه والتبذير في صرف الأموال
الطائلة لاستضافة الغانيات العاريات من أجل إقامة الحفلات الماجنة في بلاد المسلمين
لصرف هؤلاء عن مجرد التفكير فيما يحدث أو يمكن حدوثه -لا قدر الله- لأولى القبلتين
وثالث الحرمين، فالقهر واللهو أداتان خطيرتان في تحقيق ما تصبو إليه الحكومات
التي تهيم حبا بتبعيتها للبيت الأبيض ولمندوبه في المنطقة العربية (إسرائيل)..
ليس للمقاومة وللمسجد الأقصى ولأهل غزة غير الله تعالى، فهو
وحده القادر على إفشال المخططات الصهيونية وعلى فضح العملاء من بني جلدتنا، وعلى
تثوير الشعوب المسلمة للخلاص من حكوماتها التي باعت دينها من أجل دنياها الزائفة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.