علق الكاتب والمعلق ديفيد اغناتيوس في "واشنطن بوست" على الإتفاق الذي تم التوصل إليه في الساعات الأولى من صباح الأحد بين الولايات المتحدة وإيران بأنه تاريخي بالفعل وإنجاز كبير للرئيس باراك أوباما، لكن يجب أن لا تمنعنا نشوة الإنتصار من التفكير في المخاطر التي رأى فيها تدخلاً أمريكيا في التوتر السني- الشيعي وفتح " عش الدبابير" وتخلي واشنطن عن حلفائها السنة واستبدالهم بشركاء
إيرانيين – شيعة.
وقال إن نجاح الإتفاق مرهون بدعم واشنطن لمصر وحلفاء من دول الخليج، واتخاذ موقف أكثر شدة من سورية من خلال العمل على فتح معابرآمنة للمدنيين تمنع من كارثة إنسانية هذا الشتاء. وجاء في المقال أن هناك خلافات حادة بين المراقبين حول المخاطر والمنافع التي سيجلبها هذا الإنجاز التاريخي بين إيران والغرب.
ويعود الكاتب إلى المفاوضات التي حددت مسار الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الأولى بين سير مارك سايكس البريطاني ونظيره الفرنسي فرانسوا جورج- بيكو. فخلف غمامة السلام بين الطرفين هناك خلاف يتطور مع إسرائيل والسعودية، وهما الدولتان اللتان تأثرتا بشكل كبير من هذا الإتفاق. مشيراً للهجوم الذي قام به نتنياهو على الإتفاق والتي تعبر عن عدم ثقة بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي.
ويقول الكاتب إن الموقف السعودي وإسرائيل ضد الإتفاق قد يكون واحداً من الدوافع لهذه المفاوضات. فإذا اصبحت إسرائيل بالتأكيد الحامية للدول السنية المسلمة فإن هذا سيؤثر على المفاوضات مع الفلسطينيين بدون الوساطة الأمريكية المعروفة ويعطي إسرائيل منافع أمنية. وقال اغناتيوس أن واحداً من الأسباب التي دفعت أنور السادات ومناحيم بيغن للإتفاق عام 1977 كانت مخاوفهما المشتركة من فرض أمريكا عليهما سلاماً. ويقول أن الإتفاق سيترك آثاره على الصراع السني- الشيعي ولكن من الصعب في الوقت الحالي التكهن بأثره.
ويكتفي بالإشارة إلى
السعودية وحلفائها الذين يقومون بحرب بالوكالة ضد إيران في سورية والعراق والبحرين ولبنان. والخطر هو عدم تنبه أمريكا للطريقة التي تدير فيه الإتفاق مع إيران حيث إنها قد تؤدي إلى تقوية تيار من أسماهم الجهاديين والمتطرفين من حزب الله الذين أصبحوا جزءاً مهما في الحرب السورية. ومن المخاطر الأخرى هي تأكد حلفاء
امريكا من السنة من أنها تقوم باستبدالهم بشركاء من إيران الشيعية. ويرى الكاتب أن مشكلة الإتفاق تكمن في كونه اتفاقاً مرحلياً وهو خطوة أولى ، والتاريخ مليء بالإتفاقات المرحلية التي لم تصل أبداً إلى المرحلة الثانية. وفي معظم الأحيان تكون بداية لمرحلة دموية.
وختم بالقول إن المفاوضات هذه محكومة بتعامل الولايات المتحدة وتعاونها مع القوى المعتدلة في العالم العربي وهذا يعني ضرورة تعاون واشنطن مع مصر والقوى الداعمة لها اقتصادياً مثل السعودية والإمارات، لتحقيق الإستقرار السياسي والإقتصادي وعودة الديمقراطية. وتعني موقفاً أكثر تشدداً من سورية، ودعوة لاقامة مناطق أمنة للمدنيين لمنع استمرار الكارثة الإنسانية. حيث يقول أن أهم ما تخشاه إسرائيل ودول الخليج هو أن يؤدي التحاور مع إيران إلى فك ارتباط امريكي مع المنطقة. وبدلا من ذلك فعلى أوباما إظهار أن الاتفاق مع إيران ما هو إلا جسر للأمن الأقليمي تلعب فيه أمريكا دور الضامن.