أوضح الكاتب والصحفي التركي عبد الرحمن
ديليباك، أن التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية والاقتصادية التركية، لا علاقة لها بجماعة
فتح الله غولن فحسب، بل أن قوى عالمية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وتضم بريطانيا وإسرائيل وفرنسا وألمانيا وحتى الفاتيكان، تقف بشكل مباشر وراء تلك الأحداث التي تستهدف زعزعة الاستقرار السياسي، الذي أفرز نمواً اقتصادياً في
تركيا.
جاء ذلك في خضم تعليقه على مزاعم قضايا فساد أثيرت في تركيا، عقب عملية قامت بها مجموعة من قوات الأمن التركي، في السابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2013، أسفرت عن قيام رجال الأمن بولاية اسطنبول، باعتقال عدد من المشتبهين، بينهم أبناء وزراء ورجال أعمال مشهورين، ومدير مصرف حكومي، ورئيس إحدى بلديات اسطنبول الهامة، بحجة الضلوع في "عمليات فساد"، في ولايتي اسطنبول وأنقرة.
واتهمت الحكومة بشكل غير مباشر جماعة فتح الله جولن بالوقوف وراء تلك العملية "في إطار مؤامرة لها بعد خارجي وذلك عن طريق مريديها ممن يتولون مناصب في جهاز الأمن والنيابة العامة" بحسب الإتهامات.
وأضاف ديليباك الذي يشغل أيضاً منصب المتحدث باسم منبر رابعة في مؤتمر نظمه عدد من رؤساء المجتمع المدني وقادة الرأي الأتراك، بمدينة إسطنبول، أن تصريحاته، وتصريحات المشاركين الآخرين في المؤتمر، تعبر عن أرائهم الشخصية، وليست لها علاقة بالمنظمات التي ينشطون بها، مشيراً أنه "لا يوجد داع للقلق، إذ يجب علينا أن نبحث عن الحقائق، ونقف إلى جانب المظلوم ضد الظالم، أيا كان الظالم وأيا كان المظلوم، فالفاسدون موجودون في كل مكان وزمان، ومنذ آلاف السنين، وهم موجودون اليوم، وسيبقون في المستقبل"، معبراً عن اعتقاده بأن ما يحدث لا بد أن يمثل فرصة لحزب العدالة والتنمية، للتخلص من أصحاب النزوات والمصالح الموجودين بداخله، وهي فرصة أيضاً أمام جماعة فتح الله غولن، لفعل ذات الشيء، إذ أنها لن تنعم بالراحة مالم تتخلص من أصحاب النزعات السرية بداخلها، كما أن على أعضاء تلك الجماعة، أن لا يشعروا بالقلق من حكومة العدالة والتنمية، بل عليهم أن يعرفوا حقيقة من يعمل على استغلالهم وأي هدف يخدمون، وأن يدركوا حقيقة أن أولئك المستغلين لن يتوانوا قيد أنملة، عن التضحية بهم، إذا ما شعروا أن فترة صلاحيتهم قد انتهت وأن خدماتهم قد نفذت، وقتها سيخسر أعضاء الجماعة دنياهم وآخرتهم لمساهمتهم في تحقيق أهداف أولئك المستغلين".
وتابع ديليباك، أن "بريطانيا شهدت الأسبوع الماضي عملية أمنية استهدفت سبعة بنوك رائدة، اتضح أنها تقوم بعمليات تلاعب في الأسواق العالمية والتعاملات المصرفية، وبالرغم من ذلك، فإن الملفات تحولت قبل كل شيء إلى المحكمة، ثم قامت صناديق التأمين في الاتحاد الأوروبي، والمجموعة التي تضم تلك المصارف السبعة، بدفع عقوبة وقدرها 2.2 مليار دولار طواعية، بهدف عدم التأثير على عامل الاستقرار الاقتصادي، لكن عندما يكون موضوع البحث تركيا، فإننا نجد أن تلك الجهات سرعان ما قامت بإعاقة عمليات التحويل المالية إلى تركيا، وشجعت المستثمرين ورؤوس الأموال على سحب أرصدتهم وودائعهم المالية منها، أي أن مزاعم قضية فساد ورشوة لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات، استغلت بحرفية عالية، من أجل تقويض اقتصاد البلاد بأسرها، فيما نجد أن بريطانيا التي شهدت عملية أمنية على خلفية فساد وصلت إلى مليارين و200 مليون دولار أميركي، لم تقم بمناقشة ذلك الموضوع حتى على المستوى السياسي معتبرة أن الموضوع موضوع أمني محض".
من جهته، قال بولند يلدرم رئيس هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية: "للأسف، إننا نرى جماعة فتح الله جولن، التي طالما أسدت خدمات مميزة للمجتمع التركي، وأعلت مفهوم الخدمة بالبلاد، تعمل على جر تركيا إلى مستنقع الفوضى، علماً أننا لطالما سمعنا الداعية جولن ولسنوات طويلة، يؤكّد على ضرورة انتهاج درب الحوار ورجاحة العقل والتروي بغية إيجاد حلول للأزمات"، لافتاً أن "من المحزن قيام عدد من المسؤولين داخل ذلك الجماعة، بتقديم شكاو بحق هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية إلى حكومة الولايات المتحدة الأميركية، واتهام مسؤولي الجماعة للهيئة، بالتبعية للقاعدة ودعمها للإرهاب، وذلك أثناء عمل الهيئة في الصومال، وبالرغم من كل ذلك اعتبرت الهيئة تلك التصرفات أنها لا تعدو تصرفات فردية صدرت من بضعة أشخاص.
وأضاف يلدرم، أن إعلان
إسرائيل قبل عدة أيام هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية بأنها تمثل خطرا وتهديداً على دولة إسرائيل، يعد خطوة سابقة، لكن قيام عناصر يتبعون لجماعة غولن، في الفترة نفسها، بجمع ملفات لتشويه سمعة الهيئة وربطها بتنظيم القاعدة، أمر يدعو إلى ما هو أكثر من التساؤل، مطالباً فتح الله غولن بالعودة إلى طريق الصواب، مرضاةً لله عز وجل، واصفاً الأعضاء في الجماعة، بأنهم أخوة بذلوا جهوداً جمة لخدمة الوطن، من انشاء للمدارس في عدد كبير من دول العالم، وقاموا بتعليم عدد كبير من طلاب العلم، مشدداً أن ما من إنسان لا يخطئ لكن خير الخطائين التوابون، والتوبة والاعتذار فضيلة، يثمنها الشعب التركي وبقية الشعوب.