جاء تأجيل جلسة
محاكمة الرئيس المصري المنتخب د. محمد
مرسي، لتكشف عن مدى فشل خطة الاغتيال المعنوي للرجل، بل يمكن القول إن هذا التأجيل والطريقة التي جرى بها والأحداث التي شهدتها البلاد خلال يوم المحاكمة، كانت الإعلان بالفشل النهائي لتلك الخطة، حتى أن الكثيرين باتوا يتحدثون عن سيناريو آخر ما بعد فشلها أو عن الخطة "بى"، التي يجرى خلالها اغتيال الرئيس وإنهاء حياته – لا سمعته - للخلاص من مأزق صموده والانتقال إلى محطة ومرحلة مختلفة من الصراع الجاري في مصر منذ إطاحة الرئيس وعزله.
لقد جرت وقائع خطة إعلامية وسياسية لاغتيال د. مرسي معنويا منذ الأيام الأولى لترشحه للرئاسة، إذ جرى إطلاق أوصاف متعددة تسم الرجل بالضعف وبعدم امتلاكه المؤهلات والقدرة على أداء مهام الحكم، وبأنه مرشح بالصدفة. وإذ لم تنجح تلك الخطط بوصول د. مرسي إلى موقع الرئاسة عبر صناديق الانتخاب – رغم انحياز الكثير من القوى التي دعمت الانقلاب من بعد إلى صف منافسه في المرحلة الثانية للانتخابات - جرت خطة شرسة لاغتيال الرجل معنويا – بالصعق على كرسي الحكم - وكان سر شراستها، أنها باتت تجرى ضد رئيس أصبح يتمتع بشرعية انتخابية وأن الرجل بات عنوانا للحدث في إدارة الحكم وأنه بدأ يحقق نجاحات ولو كان فاشلا لتركوه يسقط بالتقادم.
لقد وجهت كل الاتهامات للرجل واستخدمت ضده أسوأ وأقذر أنواع الدعاية السوداء وإلى درجة لم تبلغها مثل تلك الدعاية قط. وهي خطة جرى تصميمها للاستفادة من اهتزاز ثقة المواطنين في موقع الرئيس الذي أهانه مبارك، ومن أجواء وظروف وارتباكات المرحلة الانتقالية – التي يفتقد فيها اليقين عند المواطنين - ومن أجواء وحالة فوضى الديمقراطية المستجدة على المجتمع.. الخ. وكان الأهم أن جرى الاستفادة من الدائرة المغلقة للإفشال التي نصبت للرئيس ووزرائه والأجهزة المنتخبة للدولة لتسعير الهجوم والاغتيال المعنوي للرئيس، تحت اتهامات بالفشل في تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.
غير أن الوصول إلى ذروة الحدث بإقصاء الرئيس، كان كاشفا لكثير من الدعايات السوداء التي أثيرت ضد الرئيس. لقد أصبح الحكم الجديد في مواجهة ذات المشكلات الضخمة التي كانت تواجه حكم مرسي، بما جعل المواطنين يقارنون بين ما كان يقال لهم في الدعاية السوداء وما لا ينجز فعلا على الأرض، كما أن صمود الرئيس قد أنهى جانبا كبيرا من الدعايات التي أثيرت ضد شخصه فطهر الرجل قويا صامدا ومحتسبا، بما غير انطباعات بعض المتأثرين بالدعاية ضده حين أدركوا أن الرجل حاول بكل الطرق والأساليب تحاشي انفجار صراع يضر بمصالح المجتمع والدولة.
وكان لصمود المؤيدين للرئيس والديمقراطية وتراجع بعض القوى والتيارات والجماعات السياسية عن مواقفها ضد مرسي، أثره هو الآخر في اهتزاز قناعات من تأثروا بتلك الدعاية السوداء، بل إن الرئيس بدا لمؤيديه ولكثير من الذين عارضوه خلال حكمه بطلا قوميا وإنسانيا وحاكما عادلا وصابرا بعد ما رأوا سلوك الحكم الانقلابي في مواجهة المتظاهرين من كل التيارات والفئات.حتى جاءت المحاكمات لتظهر انقلاب الصورة ومدى الخوف من الرئيس المحبوس، إذ حيل بينه والإعلام والمحاكمة العلنية في الجلسة الأولى، وجاءت الجلسة الثانية لتشهد إلغاء وتأجيلا بطريقة مرتبكة، بما حول دفة الحالة وقلب الصورة لتهتز صورة خصومه.
تلك الحالة في وضعيتها الأخيرة وبعد انقلاب الصورة دفعت الكثيرين للتحذير من مؤامرة على حياة الرئيس. هناك من يرى أن من أطاح بالرئيس وحاول اغتياله معنويا ويحاكمه بتهم ملفقة وقتل كل هذا العدد من داعميه،ليس مستبعدا أن يقتل الرئيس. لكن هناك من يقول إن ارتكاب هذا الجرم سيكون قد اتخذ قرارا بتفجير البلاد وفتح الصراع فيها على المجهول.ولله الأمر من قبل ومن بعد.
(عن صحيفة الشرق القطرية)