تلويح الوزير جبران
باسيل "الأقرب" الى العماد ميشال
عون باعادة النظر في "التفاهم" مع "
حزب الله" اذا لم يسانده في الاحتفاظ بحقيبة الطاقة وفي استحقاقات أخرى، وكان ذلك يوم الأحد الماضي، ليس الأول. لكنه يختلف عن التلويحات السابقة لاقتناع صاحبه بأن "تياره" أعطى كثيراً "للحزب" الذي صار حليفه عام 2006، ولاقتناعه أيضاً بأن حليفه الجديد استفاد من تشدّده وتصلّبه في مواجهاته كلها، لكنه لم يؤمِّن له المقابل الذي كان يريد.
وتلويح الوزير جبران باسيل بالانفتاح على أخصامه وأهمهم "تيار المستقبل" لم يكن الأول أيضاً. اذ أشار اليه أكثر من مرة، وخصوصاً منذ اتفاق الدوحة لعام 2008. كما أشار هو وتياره الى احتمال الانفتاح على المملكة العربية السعودية حليفة "المستقبل وخصم "حزب الله" وراعيته ايران.
الا أن الجديد في مواقف الوزير باسيل الأخيرة كان الاشارة الى أن أحد اهداف الانفتاح المشار اليه هو مدّ الجسور بين السنّة والشيعة في لبنان بعد العداء المزمن المتنامي بينهما بعد استيقاظه.
ما مدى جدية التلويحات المذكورة؟ وما هي قدرة باسيل بل تياره على تحويلها مواقف عملية وخطوات تنفيذية؟
تتيح المتابعة الدقيقة للأوضاع اللبنانية بعض الأجوبة وان غير مكتملة عن هذه الأسئلة. فأولاً يتفهّم البعض مرارة زعيم "التيار" عون من حليفه "حزب الله". فهو ساعده في دوائر انتخابية عدة على الفوز بكتلة نيابية مسيحية كبيرة. كما رفض التخلي عنه في كلِّ "بازار" سياسي أو انتخابي أو حكومي "فُتِح" في مواسم معينة. لكنه في المقابل أخذ منه تغطية واسعة حالت دون بقائه وحيدا. كما أنه لم يتجاوب مع كثير من مطالبه وفي أكثر من مرحلة وخصوصاً التي تحضّ على التخلص من الأخصام أو الأعداء أو المنافسين بالقوة المتنوعة التي يمتلك. فضلاً عن أنه اضطره وأكثر من مرة الى قبول أمور لم تكن "على ذوقه". لكنه "بلعها" لأسباب عدة، وهو الآن يخشى أن يتكرر الأمر نفسه في مرحلة مصيرية، ليس للبنان فقط بل له أيضاً جراء طموحاته الرئاسية.
وثانياً قد يتساءل عون عن أسباب الموقف السلبي منه لرئيس مجلس النواب نبيه بري وخصوصاً في مواسم الأزمات الحكومية. ويتساءل أكثر عن عدم مبادرة "حزب الله" حليفه وشريكه في الزعامة الشيعية الى "اقناعه" بوقف استهدافه الدائم له، وهو قادر على ذلك، مثلما يفعل معه.
وثالثاً ان الكلام المذكور أعلاه على صحته مبدئياً يصوّر "الجنرال" شهيداً. والحقيقة في رأي كثيرين أنه ليس كذلك. فكلام باسيل عن التقريب بين السنّة والشيعة غير مقنع لأنه و"التيار" حرَّضا وفي استمرر الشيعة على السنّة منذ عام 2006، وعملا بجد لتأسيس حلف أقليات. فما الذي تغيّر؟ وهل مصلحة البلاد فرضت التغيير أو مصالح أخرى؟
ورابعاً أوحى "التيار" طيلة البحث في الحكومة الجامعة أنه موافق على "مبادئها" العامة بما في ذلك المداورة في الحقائب. ولم يعترض بشدة وباصرار الا بعدما كادت "طبختها أن تستوي". وهو كان على اطلاع من حليفه "حزب الله" على كل المفاوضات والمشاورات خلافاً لما يقال. فما الذي جرى؟ هل طلب منه "الحزب" لأسباب مجهولة قد تكون اقليمية عرقلة هذه الحكومة أو نسفها؟ علماً أن لا مؤشرات على ذلك. أو هل اجتمع فعلاً بزعيم "المستقبل" الرئيس سعد الحريري أخيراً كما تؤكد جهات عدة خارج لبنان واتفق معه؟ وهل اتفاق كهذا في حال حصوله يعني تفاهماً مع المملكة العربية السعودية؟ وفي هذه الحال ماذا سيكون موقف ايران؟ وهل صار "الجنرال" مستعداً لتغيير المواقع، علماً أنه يعرف أكثر من غيره أن "الخروج ليس بسهولة الدخول"، وخصوصاً بعد المكاسب المتنوعة التي تحققت؟
طبعاً "حزب الله" لا يرى مبرراً لتصرّف عون علماً انه قد يعتبر أن برّي تجاوز اطار التفاوض الذي تفاهم معه عليه، ولن يتخلى عنه وان نسف بذلك الحكومة "الجامعة". لكن البعض من القريبين منه يتساءل وفي ضوء الانفتاح السعودي المحدود على "الجنرال" اذا كان هناك قرار يسعى كثيرون الى تنفيذه هو نقل "حزب الله" الى موقع دفاعي داخل لبنان رغم قوته الكبيرة بعدما صارت راعيته ايران في موقع الدفاع إقليمياً رغم قوتها.
في النهاية "اذا كان
الخبر اليوم بفلوس فإنه سيكون غداً ببلاش". هكذا يقول المثل فلننتظر كلنا.
(النهار اللبنانية)