كتب سركيس نعوم:
تحدّثت الباحثة الأميركية، المطَّلعة على الأوضاع
اللبنانية بتشابكاتها الإقليمية، عن لبنان وإسرائيل، قالت: "قد تكون هناك فرصة لإسرائيل كي توجّه ضربة عسكرية قاضية في رأيها إلى "
حزب الله". فهي تريد في النهاية أن تضربه، لكن السؤال هو: كيف؟ البعض يقول بطائرات "الدرون" أي التي لا يقودها طيّارون".
علّقت: هذا النوع من الضربات لا يريحها، إذ إن "حزب الله" سيبقى موجوداً بجيشه وأسلحته وصواريخه. ردَّت: "
إسرائيل تريد بقاء النظام السوري لكنها لا تستطيع مساعدته. الحرب والدمار في
سوريا يجعلان هذه الدولة العدوّة غير خطرة على إسرائيل ولمدة طويلة. لكن في سوريا الآن إسلاميون متشدّدون إلى درجة تكفير كل الناس ومؤمنون بالعنف وسيلة وحيدة لتحقيق الأهداف.
ماذا تفعل إسرائيل إذا وصل هؤلاء، وفي مقدمهم "تنظيم
القاعدة"، إلى الجولان ثم إلى لبنان؟ ساعتها ستضرب إسرائيل وربما تحتل الجولان من جديد. هذا أمر سيحصل وقد يشمل لبنان أو بعضه.
ما يحصل في سوريا وتورّط "حزب الله" في الحرب إلى جانب النظام فيها ضد الثوار وغيرهم واحتمال توريطه في مواجهات واصطدامات، وربما حرب في لبنان رغم رفضه ذلك ونجاحه حتى الآن في تفاديه، كل ذلك يجعله عرضة للضرب.
ماذا يحصل إذا "تحركشت" فيه إسرائيل وخصوصاً بعدما صارت أكثر استقواء بسبب ما يجري في سوريا وانشغال الجميع عن مواجهتها وانتقالها إلى آخر سلّم أولويات العرب؟ هل يردّ؟ علماً أنها ستضربه إذا ردَّ.
في لبنان فلسطينيون لاجئون في معظمهم، وهناك لاجئون سوريون. وهم يشكّلون خطراً اقتصادياً عليه. لكنهم يشكّلون ايضاً خطراً وجودياً عليه وتحديداً على الشيعة. ماذا سيفعلون حيال ذلك، وخصوصاً أنه سيعدّل ميزان القوى وفي غير مصلحتهم؟ هل سيزداد توسُّع المشكلات السورية وامتدادها إلى لبنان؟ وهل سيشهد حرباً داخلية أهلية مذهبية، أم ستكون حربه على الطريقة العراقية؟ هل سيحصل فراغ رئاسي عندكم؟ إذا حصل ماذا سيكون تأثيره على الصيغة اللبنانية (اتفاق الطائف)"؟
علّقت: إسرائيل لن تضرب "حزب الله" بطائرات من دون طيار كما قلت لك في البداية. إذ أن تأثيرها على قوته سيكون محدوداً وكذلك على "شعبه".
يمكن استعمال هذه الطائرات ضد الإسلاميين السنّة المتطرّفين من فلسطينيين وسوريين ولبنانيين وغيرهم. فهم ليسوا جيشاً، حتى الآن على الأقل، بل خلايا صغيرة يمكن ضربها بعد الحصول على معلومات وافية عنها.
ردّت سائلة: "هل تساعد "الانتصارات" التي حقّقها الرئيس الأسد في استعادة سلطته؟ أميركا وإيران عامل أساسي لوقف الحرب في سوريا ولإيجاد حلّ لمشكلتها باتفاقهما. للمملكة العربية السعودية دور أساسي كذلك، لكن لا بد من طمأنتها.
بسبب أزمة اوكرانيا لم تعد روسيا مستعدة لتساهلٍ مع العرب يساعد على حلّ المشكلة السورية رغم عدم تماهيها مع الأسد".
قلتُ: السعودية لن تقبل بقاء الأسد، يبقى في السلطة ولكن غير الحاكمة سوريا كلها. سألَت: "هل هناك ضباط علويون كبار يمكن التعامل معهم لإيجاد حل؟". أجبتُ: لا أعرف. لكن الجميع مع بشار رغم اقتناع عدد مهم منهم بأخطائه لأن الطائفة التي ينتمون إليها في خطر شديد الآن. ربما مستقبلاً الذين منهم عملوا معه مباشرة قد لا يكون لهم مكان في السلطة، أي سلطة.
فأنهت: "محاولات جرّ "حزب الله" إلى الحرب أو إلى "المشكل" مستمرة". وفي لقاء آخر مع مسؤولة أولى في مركز أبحاث أميركي معروف بحياد تعاطفي إذا جاز التعبير مع قضايا العرب والعالم الثالث سمعت الكلام الآتي المعبّر على قلّته: "كنا أو كنت مع قيام الرئيس أوباما بتوجيه ضربة عسكرية جدّية إلى الأسد وقوّاته في بداية الحرب. كان يمكنه استعمال القوة العسكرية من دون إرسال جنود. انه يقود حصانين في وقت واحد وقد يقع عن أحدهما. في دولة الإمارات العربية المتحدة كره كبير لـ"الإخوان المسلمين".
أمير قطر الجديد تميم بن حمد بن خليفة لم يفِ بوعود قطعها للسعودية والإمارات. ولذلك قطعت الدولتان، ومعهما البحرين، العلاقات مع قطر. ماذا يجري في قطر؟".
وفي لقاء ثالث مع أميركي يتعاطى البحث ويتابع شؤون روسيا وتعاطيها مع سوريا وتالياً لبنان سمعت منه "أن الروس سيعذّبون أوباما كثيراً، وأن كثيرين في الغرب يتحدّثون عن حرب باردة مع بلادهم.
عن أي حرب باردة يتحدثون؟ لقد صارت روسيا الآن جزءاً من أوروبا وستبقى كذلك. وهذا سيصعّب الحرب الباردة. كما سمعت أخيراً أن جنيف 2 فشلت وانتهت جنيف".
ماذا في جعبة باحث في مركز أميركي مهم متخصّص في الشؤون العربية وفي جعبة باحث أميركي من أصل عربي؟.
(عن صحيفة النهار اللبنانية 14 نيسان/ إبريل 2014)