قال الكاتب الأمريكي جيسي روزنفيلد إن
المصريين يجهزون للتصويت في انتخابات الأسبوع القادم في وقت يتم فيه سجن كل المعارضين من مختلف ألوان الطيف السياسي أو منعهم من التظاهر أو قتلهم في الشوارع.
وأوضح رونفيلد في مقالته على موقع "ديلي بيست" أنه ما من شك في أن وزير الدفاع السابق عبد الفتاح
السيسي الذي قاد انقلاب 3 تموز/ يوليو العام الماضي سيكسب
الانتخابات وهو ما يشير إلى أن الانتخابات تهدف إلى شرعنة الاستبداد أكثر منها عملية ديمقراطية.
وقال "شوارع القاهرة مليئة بصور السيسي بزية العسكري و مع أنه استقال من الجيش كمستشار وحاول أن يظهر تغييرا شكليا بظهوره في مقابلات تلفزيونية بالزي المدني فإنه لا يزال يتحدث بأسلوب الجنرال واستخدم الحملة الانتخابية لتضخيم شخصية "القوي".
وأشار إلى وعد السيسي بالقضاء على الإخوان المسلمين "الذين ربحوا الانتخابات الماضية وطالب الإعلام بعدم التركيز على قضايا حرية التعبير كما طالب بإنهاء الاحتجاجات على الانقلاب".
وأضاف "يجد بعض المصريين توجه القبضة الحديدية هذا جذابا، فمثلا رمزي سيزار الذي يعمل جرسونا في محل قهوة وشيشة يقول: "أرى في وجه السيسي صورة السادات"، ويضيف الجرسون الذي ينحدر من أسرة عاملة من إمبابه "أنه مقتنع بأن قوة السيسي كقائد جيش ستساعد في دفع البلاد على طريق الاستقرار".
وعلق قائلا "يشترك الناس المستعدون للتصويت يومي 26-27 أيار/ مايو بتأييدهم لهيمنة الجيش على الحياة السياسية. وتظهر بوسترات تبين السيسي بزية العسكري في أمام الصورة بينما تحتوي الخلفية على صور رئيسا الجيش السابقين جمال عبد الناصر والسادات وكأن السيسي أخذ مكان حسني مبارك في الصورة الثلاثية للرؤساء الجنرالات.
ولفت الكاتب إلى الحكم الصادر على "العسكري مبارك لمدة 30 عاما قبل خلعه في 2011 وقد حكم عليه يوم الأربعاء بالسجن لمدة ثلاثة سنوات بتهمة الفساد".
ووصف الكاتب خطاب السيسي حول الحرب على الإرهاب بأنه استباح مصر لما يقارب العام حيث برر سجن أكثر من 16000 معارض وقتل أكثر من 1400 منذ أن قام الجيش بالانقلاب على حكومة محمد مرسي التي يدعمها الإخوان.
ورأي الكاتب إلى أن السيسي ومع قمعه الذي أحدث استقطابا في الشارع المصري إلا أن مؤيديه يعتقدون أن قمعه الذي طال الإسلاميين أولا ثم توسع ليشمل المعارضين الليبراليين واليساريين هو علامة قائد قوي سيجلب الاستقرار للاقتصاد ويحسن حياة المصريين وبرأي رمزي سيزار فإن السيسي سيبدأ بالفقراء أولا (مع أن السيسي عارض إضرابات العمال المطالبين بالأجور الدنيا).
وتركت هذه الشعبية للسيسي مجالا قليلا لحمدين صباحي المرشح الآخر الوحيد وهو أيضا حاول أن يربط اسمه باسم عبدالناصر ويستفيد من حنين المصريين لأيام الستينات حيث تم إعادة توزيع الثروة والتطوير وحقوق العمال ولكن مع عدم وجود أي خلافات مع السيسي حول القمع أو اختلاف عن السيسي في السياسات الاقتصادية بالإضافة إلى غياب الخلفية العسكرية فالنظرة العامة له أنه ضعيف وليس بديلا جادا للسيسي بحسب الكاتب.
ونقل عن لبنى محمد، مسؤولة لجنة السياسة والعلاقات الخارجية في حملة صباحي قولها إن صباحي "يعتقد بعمل القطاع العام والخاص معا.. والتأميم ليس جزءا من البرنامج.. ولدى صباحي برنامج للقطاع الخاص ولجذب الاستثمارات الأجنبية".
ومع غياب الفروق بين المرشحين والنتائج المتوقعة للتصويت يتوقع مقاطعة الكثير من المصريين المحبطين من سير الأمور بعد الانقلاب للانتخابات.
ويقول محمد كيلاني (22 عاما) وهو طالب شريعة في جامعة الأزهر ومتعاطف مع الإسلاميين: "إنها فضيحة أن يكون قائد الانقلاب هو مرشح
الرئاسة"، ويضيف: "بسبب كل اؤلئك الذين اعتقلوا وقتلوا فلا أستطيع أن أحترم نفسي إن أنا شاركت في التصويت".
وكانت المظاهرات المضادة للانقلاب والمضادة للسيسي قوية في الجامعات خلال حملة الانتخابات وتستمر الهجمات الجريئة على قوات الأمن أيضا، حيث قتل صباح الثلاثاء 3 ضباط أمن وجرح 9 في عملية إطلاق نار من سيارة بالقرب من جامعة الأزهر بعد مظاهرات أتت بالشرطة إلى أماكن سكن الطلاب وقتل بعدها ثلاثة طلاب بعد أن هاجمت قوات الأمن المتظاهرين في جامعة القاهرة. كما اصطدمت قوات الأمن مع الطلاب الذين يدعون لمقاطعة الانتخابات في الإسكندرية يوم الأربعاء.
وتميزت فترة الانتخابات بحظر المعارضة العلمانية. فبعد التظاهرات الصاخبة لمئات الليبراليين واليساريين الذين يشجبون حكم العسكر والإخوان خارج قصر الرئاسة الرئيسي قامت محكمة بحظر حركة 6 إبريل التي لعبت دورا رئيسيا في الإطاحة بمبارك خلال ثورة 2011 وهناك قياديان سجنا لمدة 3 سنوات لكل منهما بعد احتجاجهما على قانون يمنع الاحتجاج.
وقال المتحدث باسم 6 أبريل أيمن عبد المجيد إن الحركة الآن حظرت وسط اتهامات بالتآمر وتأييد أنشطة تخريبية يتم دفعها نحو العمل السري كما كانت سابقا وقد تعود إلى أساليبها السرية في التنظيم كما كنت أيام مبارك.
ويضيف عبد المجيد في بار من بارات منطقة الزمالك الراقية "عادت الكتلة الحرجة من المتظاهرين إلى بيوتها لأنهم خائفين"، ويقول إن والده أيضا سيقاطع الانتخابات وهو يختلف مع قرار صباحي الترشح ليعطي العملية شرعية. كما أشار إلى أنه ينظر إلى هذه الانتخابات مجرد طريقة ليقول السيسي إن الشعب المصري اختار الاستبداد وصوت له.
ومع حالة الاستياء المتفشية في الشارع والمجتمع المصري يقول الكاتب، أن رواية السيسي هي التي تسود الإعلام الخاص والحكومي "أما الصحفيون الناقدون فهم خلف القضبان وفي المحاكم وحجم القمع واضح للعيان. واستمرار اعتقال مراسل الجزيرة العربية عبدالله الشامي دون محاكمة هي أكبر دليل على أن السلطات ليس لديها أي استعداد للتهاون مع أي انحراف عن الرواية الرسمية.
وكان الشامي قد اعتقل في آب/ أغسطس بينما كان يغطي عملية فض اعتصام رابعة العدوية التي قتل فيه المئات وقد بدأ إضرابا عن الطعام منذ كانون ثاني/ يناير وخسر 77 باوندا من وزنه لحد الآن".
ورغم أن القليل من الاهتمام من الحملة أعير للصحفيين العرب المسجونين إلا أن الشامي بعلاقاته الخارجية يعطي مثالا لما يحجب عن المصريين من انتهاكات قبيل الانتخابات.