وصفت مجلة "
إيكونوميست"، أمس السبت، الانتخابات المصرية بأنها "كارثة التتويج" حيث فشل المشير السابق عبد الفتاح
السيسي في دفع المصريين لصناديق الاقتراع والتصويت له بشكل ساحق كما كان يعتقد.
وأشارت المجلة إلى الخلاف في داخل حملة السيسي حول النتائج الكارثية خاصة من الذين يتطلعون للوزارات.
وقال تقرير المجلة إن البعض ألقى باللائمة على حزب النور السلفي الذي وعد بدعم السيسي وفشل في تقديم الصوت الإسلامي له. ورأت الصحيفة أن الإخوان المسلمين سيشعرون بالنشاط والحيوية وأن كل ما قالوه ثبتت صحته. وسيتجرأ غير الإسلاميين من الذين سحقتهم الثورة المضادة على الخروج والتحدث علانية.
وفي عددها الأخير قالت إن "كل شخص شارك، أغلقت الحكومة المدارس اسبوعين مبكرا، وأرسلت دائرة التعبئة المعنوية والتوجيه في الجيش المصري شاحنات تصدح بالأغاني الوطنية، قادة الكنائس، ومكبرات الصوت في المساجد، فيما حث وتلطف وخطب مذيعي التلفزة مذكرين المواطنين المصريين بواجبهم الوطني. ومع كل هذا ورغم القرار الذي اتخذ في اللحظات الأخيرة لتمديد الإنتخابات ليوم ثالث، كانت المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأول التي تشهدها مصر منذ الانقلاب العسكري في تموز/يوليو أقل مما توقعها وأمل بها المنظمون".
وتضيف المجلة " على أي حال كانت النتيجة متوقعة، فالجنرال عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي قاد إنقلابا عسكريا لتخليص مصر من رئيسها المنتخب محمد مرسي أن يكون الرئيس المقبل لمصر. لكن مؤيدي السيسي توقعوا وبثقة مشاركة جماهيرية حاشدة وتصديقا ساحقا لرئاسة السيسي. فقد توقع المرشح نفسه عشية الانتخابات مشاركة 40 مليون ناخب من 54 مليون يحق لهم التصويت".
وتعلق "بعد ثلاثة أعوام من التصويت، قالت الصحف الرئيسية إن نسبة المشاركة كانت 48% وهي نسبة أعلى من التقارير الأولية عن حجم المشاركة، ولكنها تظل غير مثيرة للدهشة. وتقترح النتائج الأولية أن السيسي قد حصل على نسبة 97% من الأصوات ضد 3% للمرشح والمنافس الوحيد حمدين صباحي، اليساري القديم. ويقول بعض المحللين أن 5% من الأصوات كانت مخالفة. وكان صباحي قد سحب المراقبين في حملته من مراكز الاقتراع احتجاجا على المخالفات وعلى قرار تمديد ساعات الاقتراع".
وتحدثت المجلة عن موقف المنظمة الأمريكية "ديمقراسي إنترناشونال"، والتي قامت بمراقبة عدد قليل من مراكز الاقتراع حيث وصفت التمديد على أنه جزء من سلسلة من الخطوات غير العادية والتي أَضرت بمصداقية العملية الإنتخابية.
وترى المجلة أن "شكوكا كهذه تلقي بظلال من الشك حول رئاسة السيسسي. وسارعت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي للإعلان عن أن المشاركة الضئيلة هي دليل على نجاح دعوتها لمقاطعة الانتخابات. وبعيدا عن مؤيدي الجماعة فهناك عدد قليل يبدو يوافق الجماعة الرأي. ويعيدون الأمر لشدة الحرارة وحالة عدم الاكتراث بسبب الإعلام المطبل حول السيسي والذي توقع حتمية فوزه، وكذا حالة الإجهاد من التصويت بعد سنوات من الذهاب لصناديق الإقتراع والتي لم تكن ذات معنى، والشعور بالتهميش وخيبة الأمل الذي بدا بين الجيل الشاب الذي عاش الأمل بعد الثورة التي شهدتها البلاد في يناير 2011".
وتتهم المجلة حملة السيسي بأنها أحد أسباب نسبة التصويت المتدنية "ولم تساعد حملة السيسي نفسها، فلم يظهر السيسي إلا نادرا في الحملات الانتخابية، حيث نسبت الحملة الأمر لأسباب أمنية، وهي مفهومة، إن أخذنا بعين الاعتبار مقتل أكثر من 1000 من مؤيدي الإخوان المسلمين، واعتقال حسب تقدير مستقل أكثر من 40.000 شخص منذ الانقلاب".
وأشارت المجلة إلى موقف السيسي نفسه " ففي واحد من اللقاءات الصحفية رفع يده ليعبر عن عدم رضاه من سؤال صحفي متملق، ولم يكن لدى السيسي القدرة على التنظيم بسبب غياب التنظيم الحزبي، وقدم أرقاما تعود للعهد السابق من الحكم العسكري والذي ينظر إليه بنفور".
وتمضي المجلة للقول "ستقوم آلة مصر الإعلامية والدولة الضخمة بتزويق الانتخابات والخيبة حولها، في الوقت الذي يقوم فيه السيسي بتشكيل حكومته تحضيرا للانتخابات العامة في الخريف المقبل".
وعن أثر الانتخابات على الإخوان المسلمين، تقول المجلة "يشعر الإخوان المسلمين الذين تراجعت حظوظهم بالنشاط، وبأن مواقفهم ثبتت صحتها، فيما سيتجرأ نقاد السيسي من غير الإسلاميين الذين سحقوا تحت أرجل الثورة المضادة بالتحدث بصوت عال".
ولاحظت المجلة أن مؤيدي الرئيس الجديد "اختلفوا فيما بينهم، ويلقي المتطلعون للوزارات منافسيهم من مستشاري السيسي ويحملونهم هذه النتائج المثيرة للتساؤل. واتهم البعض في حملة السيسي حزب النور السلفي الذي وعد بدعم السيسي وفشل في دفع قواعده للتصويت".
و"مع أخذ الرئيس الجديد القيادة وتحت أضواء الإعلام وليس من خلف الستار فسيواجه مهمة صعبة"، فقد ولى زمن الكولسات واللعب على الخيوط" تختم المجلة.