بورتريه

سيرة الجولاني من التدريس إلى عالم الغموض والأسرار

الجولاني من القادة الأكثر غموضًا والأكثر إثارة للجدل - تعبيرية
الجولاني من القادة الأكثر غموضًا والأكثر إثارة للجدل - تعبيرية

تشاء الصدف أو ربما ترتيبات السياسة أن يلتقي قائد "جبهة النصرة لأهل الشام" أبو محمد الجولاني الملقب بالفاتح، وقائد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو بكر البغدادي في معتقل "بوكا" قرب الكويت.

الاثنان اعتقلتهما القوات الأميركية في هذا المعسكر، وأطلقت سراحهما من السجن عام 2008 في ظروف غامضة، ليتابعا نشاطهما "الجهادي" في العراق ثم إلى سوريا

وتقول رواية سوريا (غير محققة) بأن أغلب "الجهاديين في النصرة" كانوا في سجون سوريا وأطلقهم النظام كي يعطي للثورة طابعًا دينيًا، ويثبت نظريته أن الثورة السورية هي عبارة عن مجموعات تكفيرية.

وتظل هوية أبو محمد الجولاني، الذي برز بعد اندلاع المواجهات المسلحة في سوريا، سرا خافيا لا يعرفه حتى أكبر قادة الجماعات الإسلامية المسلحة، وهو من القادة الأكثر غموضًا والأكثر إثارة للجدل، إذ طالما حرص على أن يبقى في الظل بعيدا عن الأضواء، وإن منح مقابلة لتيسير علوني من قناة الجزيرة، تحدث خلالها دون أن يكشف عن وجهه.

 ووفقا لمجلة "التايم" الأميركية، ففي إحدى الاجتماعات التي ضمت الجماعات المسلحة البارزة وحضره قادة كتائب "أحرار الشام" و"لواء صقور الشام" و"لواء الإسلام" وغيرها من الكتائب، فإن الجولاني جلس متلثما رافضا الكشف عن هويته، وجرى تقديمه إلى الحضور بمعرفة أمراء الجبهة في حلب وإدلب.

و"جبهة النصرة" مصبوغة بمثل هذا التكتم والسرية، وترفض التصوير والتصريح لأحد إلا بإذن مسبق من"الأمير"، كما ترفض بتاتا الإدلاء بأي معلومة تخص أسماء القيادات أو أعداد المقاتلين أو مصادر التمويل. 

ونشرت وكالة "أسوشيتيد برس" صورة الجولاني، وذكرت الوكالة أن الصورة وصلتها مؤخرًا من المخابرات العراقية بعد أن تم إيقاف عدة أشخاص من تنظيم آخر من "القاعدة"، كانوا يخططون لاختطاف عاملين في الأمم المتحدة حيث حصلوا منهم على هذه الصورة، إضافة إلى رسائل من القادة العسكريين.

ويُعتقد أن الجولاني كان مدرساً للغة العربية قبل حمله السلاح في الثورة السورية، وأن عمره 39 سنة، ولا يُعرف الكثير عنه ولا اسمه الحقيقي، لكنّ لقبه "الجولاني" يعني أنه ولد في مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها "إسرائيل".

 ويقول تشارلز ليستر، المحلل في مركز "آي إتش إس جينز" للتمرد والإرهاب: "لا تزال هويته سرا". فهو ليس أميرا أجنبيا، كذلك أغلب أعضاء جبهة النصرة ". على عكس أعضاء تنظيم "داعش".

ويُرجح أنه توجه إلى العراق للقتال، وهناك، تقدّم في صفوف "القاعدة" وتعرّف إلى أبو مصعب الزرقاوي. وعاد إلى سوريا بعد اندلاع الثورة وأنشأ "جبهة النصرة" التي سُمع بها للمرة الأولى في كانون الثاني/ يناير عام 2012.

وثمة رواية تقول إنه أحد الأتباع المقربين لأبي مصعب السوري؛ مصطفى بن عبد القادر بن مصطفى الذي أفرج عنه النظام في حزيران/ يونيو عام 2011 من "صيدنايا" أو أنه نفس الشخص بسبب تشابه إن لم يكن تطابق فكر ومنهج الشخصيتين، لكن هذه النظرية مستبعدة نظرا لفارق العمر بينهما فعمر أبو مصعب السوري حوالي 55 عاما، ولكن قد يكون أحد أتباعه والمقربين منه كما أسلفنا هنا.

شارك الجولاني في "الجهاد" في العراق وعاد إلى سوريا ومنها إلى لبنان بعيد مقتل الزرقاوي عام 2006 حيث وصل إلى لبنان؛ ليقدم دعما لوجستيا لجماعة "جند الشام" والتي كانت متمركزة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وما لبث أن عاد إلى العراق وأعتقل في معسكر" بوكا"، ومن ثم أفرج عنه ليواصل القتال ضمن تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، وعينه أبو بكر البغدادي رئيسا للعمليات في الموصل، ومن ثم عاد إلى سوريا بعد بدء الثورة، إلى أن أعلن عن تشكيل "جبهة النصرة" رسميا في أيار/ مايو عام 2012، رغم أن التنظيم بدأ بالعمل بصورة محدودة في كانون ثاني/ يناير من نفس العام.

وهناك رواية أخرى تقول إن الجولاني اعتقل عام 2008 من قبل المخابرات السورية بعد التعاون الأمني السوري الأميركي المشترك في العراق، بعد رفع العزلة عن سوريا لتجفيف منابع الجهاديين في العراق، ولم يفرج عنه إلا عام 2011 في حزيران/ يونيو بالعفو الرئاسي الذي أصدره بشار الأسد، ليخرج هو والعديد من قادة الكتائب والكوادر الإسلامية من المعتقل، ويشكلوا مجموعات ذات نفس جهادي.

الجولاني ابن تنظيم القاعدة "ينتقد المغالاة من قبل بعض الجماعات المتشددة"، يقول إنهم "لا يمثلون الجبهة".

كما أشار إلى أن عدوه هو "المراكز الأمنية وقيادة النظام" وأن "الجبهة مستمرّة في قتال النظام"، وأن هدفه هو "نشر الدعوة وتطبيق الشريعة الإسلامية".

و في ظل قيادة الجولاني، سيطرت "جبهة النصرة" على مناطق واسعة في جنوب سوريا وقاتلت بضراوة في محيط دمشق وشمال البلاد.

وتعد "جبهة النصرة" من أقوى الكتائب الموجودة على الأرض وأشدها تسليحا، رغم أن أعداد المقاتلين فيها حسب التقديرات لا يتجاوز الـ10 آلاف؛ جلهم من السوريين ومعظم تمويل الجبهة حسب الخبراء هو من الغنائم التي تكسبها بعد المعارك، حيث لها حصة الأسد من أغلب العمليات، مما مكنها من السيطرة على مساحات شاسعة عام 2012 خصوصا في شمال سوريا.

واكتسب الجولاني مكانة بارزة في نيسان/ إبريل عام 2013، عندما رفض محاولة البغدادي السيطرة على "النصرة"، مما يكشف عن اتساع هوة الخلاف داخل شبكة "القاعدة" العالمية. 

ونأى الجولاني بنفسه عن المزاعم بأن المجموعتين قد اندمجتا في مجموعة تسمى "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" كما تعرف إعلاميا بـ"داعش"، كما أعلن البغدادي. بدلا من ذلك، تعهد بالولاء مباشرة إلى زعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، الذي قيل إنه ضد محاولة البغدادي لدمج المجموعتين.

العديد من الاحتمالات التي لا تنتهي تدور حول هذه الشخصية الغامضة، لكنها تتوقف عند الدور الذي تلعبه الجبهة في المنطقة، بخاصة بعد تقدم "الدولة الإسلامية" نحو معاقلها في سوريا.
التعليقات (1)
ل
السبت، 07-03-2015 11:00 ص
يكفيكم افتراء وكذب على الشيخ المجاهد الجولاني