قال الكاتب البريطاني ديفيد غاردنر في صحيفة "فايننشال تايمز" حول "عبثية الحرب الدائرة في قطاع
غزة" مع ارتفاع عدد الضحايا، إنه "من الصعب تقدير عبثية الحرب الحالية بين
إسرائيل وحماس في غزة، فلم يكن أي منها راغبا في معاودة العداء، ولكنها معاودة للأعمال العدائية ودوامة العنف والإرهاب"، على حد قوله.
ويضيف "من هنا فكل طرف يريد تحقيق أي شيء لكي يقدمه لشعبه، فحماس تريد إنهاء سبعة أعوام من الحصار على قطاع غزة، وبالنسبة لإسرائيل فهي إعادة الردع. ولا أحد على مايبدو لديه خطة طويلة الأمد لسكان غزة الذين يعيشون ظروف البؤس لا أمل لهم ولا مستقبل".
ويذكّر الكاتب بحروب إسرائيل التي شنتها ضد "حزب الله" و"
حماس" في السابق، وأن هذه الحرب لا تتوقف دون حادث شرس يؤدي إلى ردة فعل عالمية ويجبر القوى الدولية على التحرك. "لكن الحرب الحالية تقترح أن عتبة الدم قد ارتفعت".
فبعد أن بدأت إسرائيل بشن الهجوم البري الأسبوع الماضي ارتفع عدد الضحايا، وهم مدنيون فلسطينيون بشكل رئيسي إلى 600 ضحية، فيما خسرت إسرائيل بحلول الثلاثاء 29 منهم 27 من الجنود، بحسب الأرقام المعترف بها رسميا.
وتابع بأن "أسوأ لحظة في مسلسل الرعب، كانت الأولاد الأربعة الذين كانوا يلعبون كرة القدم على شاطيء غزة، والذين ماتوا بسبب القصف الإسرائيلي أو محو عائلات غزية بأكملها، ولم يكن له أي أثر أو أسكت المدافع".
وعلّق بالقول إن وزير الخارجية الأمريكية الذي وصل المنطقة سمع وهو يقول إن العملية الإسرائيلية هي عملية "جهنمية"، ولكنه عاد وأكد أن الرد الإسرائيلي على حماس "مناسب وشرعي" وعمل للدفاع عن النفس.
ويضيف إن تحديد النقطة التي انطلقت منها الشرارة الدموية الحالية مشحونة عادة سياسيا، ولكنها أعقبت عملية الاختطاف والقتل الشهر الماضي، حيث قتل ثلاثة طلاب يهود من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما تبع ذلك من القتل الانتقامي للفتى الفلسطيني "فقد حمّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حماس المسؤولية رغم أن الخاطفين يعتقد أنهم عائلة القواسمة في الخليل، الذين خربوا هدنا سابقة مع إسرائيل".
وهذه المرة يقول غاردنر، فإنهم خربوا حكومة الوحدة الوطنية بين "حماس" و"فتح". فقد حاولت حماس التصالح مع منافستها في الضفة الغربية بعد أن تم إخراجها من غزة عام 2007، بحسب الكاتب.
ويرى أن بحث "حماس" عن المصالحة جاء للخروج من عزلتها بعد أن خسرت دعم إيران بسبب رفضها دعم نظام رئيس النظام السوري بشار الأسد، وخسرت حلفاءها الإخوان المسلمين بعد الانقلاب الذي أطاح بحكم الرئيس محمد مرسي.
وقام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بإغلاق الحدود الجنوبية مع غزة، مثلما فعلت إسرائيل بإغلاق الحدود الشمالية منذ عام 2007.
ويقول الكاتب إن رد فعل نتنياهو على حكومة الوحدة الوطنية بين "حماس" و"فتح" كان من خلال إفشال العملية السلمية التي ترعاها الولايات المتحدة، والتي انهارت لأن تحالفه اليميني المتطرف سرّع من عمليات استعمار الأراضي الفلسطينية التي كان يأمل الفلسطينيون ببناء دولتهم عليها.
ورد نتنياهو على الاختطاف بعملية اعتقالات في الضفة الغربية والتي بدت فيها السلطة الوطنية بصورة المتواطيء مع إسرائيل.
ويضيف لو حاولت "حماس" بناء الجسور كطريقة للخروج من الأزمة، ففتح ستكون المستفيدة، "لكن التآمر لا ينتهي عند هذا الحد".
وأوضح ذلك بأن القادة العرب معروف عنهم بتقديم طقوس التضامن مع الفلسطينيين ظلوا صامتين في هذه المناسبة، وجزء من هذا الصمت له علاقة بموقف السعودية ومصر المعادي للإخوان المسلمين التي نشأت منها حركة "حماس". وهذا أيضا بسبب الحرب السورية وتدفق الجهاديين السنة من سوريا للعراق.
وبناء على ذلك، يقول غاردنر: "تبدو إسرائيل وبطريقة متناقضة حريصة على إضعاف حماس، ولكن ليس الإطاحة بحكمها في غزة، أي من خلال التعبير الساخر "جز العشب"، فالبديل عن حماس تقف جماعات شرسة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (
داعش)، والذي لديه أتباع في غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تعتبر جامعات الجهاد، على حد تعبير الكاتب.
ويقول إن "حصار غزة من قبل إسرائيل والآن من قبل
مصر، حول القطاع إلى سجن مفتوح كبير، حيث تحول فيه حماس الحارس، ومن هنا فالحصار يعزز من قوتها، وشبكة الأنفاق التي تستخدمها لتسليح نفسها ولإدارة الاقتصاد تبدو أكبر مما كان يعتقد، حيث وصف الشبكة المتحدث باسم حماس بغزة الدنيا.
ويختم بالقول: "من السهل على ما يبدو مراقبة حركة النقل لغزة لو فتحت الحدود من فوق. وهذا يعني القبول بحكومة الوحدة الوطنية، ونهاية العنف، حيث تقوم السلطة الوطنية بإدارة الحدود. ولكن هذا الحل يقتضي التفاوض حول الدولة الفلسطينية؟ وبدون هذا سيكون الذئب داعش على أبواب الإسرائيليين والفلسطينين عاجلا أم آجلا، ما سيحول هذه المواجهة العبثية إلى ذكريات حزينة".