صعّد أهالي العسكريين
اللبنانيين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة في عرسال من خطواتهم على الأرض؛ احتجاجاً على استمرار الأزمة، وما يقولون إنه فشل حكومي في إدارة ملف دخل شهره الثالث دون وجود لأي بوادر بانفراجة قريبة.
تصعيد جديد
وأحرق أهالي العسكريين المعتصمين في ساحة رياض الصلح وسط بيروت الإطارات في الساحة الواقعة أمام السراي الحكومي (رئاسة الوزراء)، وقطعوا طريقي الصيفي والمرفأ الحيويين لدفع الدولة اللبنانية للتراجع عن الاحكام بحق الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية.
وكان تنظيم الدولة الاسلامية الذي يختطف تسعة عسكريين لبنانيين إضافة لجثتين، اتصل بعائلات عدد من العسكريين المختطفين مهدداً بذبح أبنائهم رداً على أحكام المجلس العدلي في لبنان، الذي أصدر الجمعة الماضية حكما بالسجن المؤبد بحق خمسة سعوديين شاركوا في أحداث مخيم نهر البارد قبل سبع سنوات.
التحرك الذي لجأ اليه الأهالي سرعان ما خفف من وتيرته وزير الصحة والقيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي توجّه إلى الأهالي طالباً منهم فتح الطرقات التي قطعت، مؤكداً لهم أمام الصحفيين أن عملية إعدام العسكريين جُمدت لثلاثة ايام، قبل أن يستدرك ممثلون عن الأهالي بالقول إنهم "بانتظار اشارة من الحكومة مهددين بأنهم متجهون الى تصعيد اكبر اذا لم يستجد شيء".
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام من على متن الطائرة التي أقلته الى دبي أن "المفاوضات مستمرة للإفراج عن العسكريين المخطوفين، الا أن المعطيات هي نفسها والوسيط القطري تحرك"، مضيفاً أن "الحكومة لن ترتاح قبل الافراج عن العسكريين، وان المفاوضات معقدة".
لا ضمانات
ونفت أوساط متابعة للملف ما تحدث به رئيس الحكومة اللبنانية بشأن استمرار المفاوضات مع المسلحين بوساطة قطرية، حيث تحدث مصدر مطلع لــ"عربي21" مطولاً عن المستجدات التي ربما كانت سبباً في تصعيد الهالي لخطواتهم الاحتجاجية.
ويقول المصدر الذي تحدث لـ"عربي21" إنه "لا يوجد مؤشرات حقيقية بتحريك الملف"، فــ"الحكومة اللبنانية منقسمة انقساما حادا في متابعة هذا الملف".
ويكشف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن "الوسيط القطري لم يقم بزيارة الخاطفين منذ 12 يوما ، بعد أن أرسل الخاطفون شروطهم الى الحكومة التي ما تزال تماطل في هذا الملف"، وهو ما يتناقض مع الرواية الحكومية.
المماطلة الحكومية يرجعها المصدر لـ"سببين، الأول هو رفض
حزب الله للحل على اعتبار أن استمرار اعتقال العسكريين سيجعل من الثوار عصابات مسلحة عند معظم اللبنانيين الذين ينظرون للجيش اللبناني نظرة محبة، وخصوصا المسيحيين منهم، والسبب الثاني والأهم هو رفض الإدارة الأمريكية اطلاق سراح موقوفي جماعة فتح الإسلام (من سجن رومية)، على اعتبار أن تبعيتهم لتنظيم القاعدة ثبتت حيث إن من استطاع منهم الهرب من السجن، توجه الى العراق مباشرة لقتال الجيش الامريكي".
هل سيعُدم العسكريون؟!
وعن نجاعة الخطوات التي يقوم بها الأهالي، يقول المصدر إن طريقة تعاطي الاهالي مع التهديدات بالذبح هي ردة فعل طبيعية، كون العسكريين أبناءهم، ومن حقهم أن يخافوا عليهم، وقد عرف الخاطفون كيف يستغلون هذه العواطف ويسخرونها لخدمة مشروعهم"، كاشفا أن الحراك "سيستمر ما دام ابناؤهم في خطر" إضافة إلى أن "المسلحين هم من يحددون الطرقات التي ينبغي ان تُقطع، والاهالي ينفذون".
وبخصوص جدّية الخاطفين بإعدام العسكريين، يؤكد المصدر أن ثمة تباين في هذه النقطة لدى الجهات الخاطفة وطريقة تعاملها مع الملف، فتنظيم الدولة "سبق وقتل عسكريين لبنانين، إضافة إلى عدد كبير من الكتائب بايعت مؤخرا ابا بكر البغدادي في القلمون، وهم يريدون ان يقدموا أوراق اعتمادهم للخليفة عبر قتل العسكريين".
وفيما يتعلق بجبهة النصرة التي تختطف 17 عسكرياً إضافة الى جثة، فـ"الأمر مختلف تماما"، فأبو مالك التلّي (أمير
جبهة النصرة في القلمون) حسب المصدر "رجل رصين ويعرف كيف تساق الإبل، ولن يقدم التنظيم على قتل أحد العسكريين؛ لأنه يعتبر أن قتلهم لن يقدّم ولن يؤخر، وهم يعرفون أن مصلحة حزب الله هي في قتل الجنود ليكون أمام الرأي العام المسيحي والسني انه يقاتل مجموعات ارهابية".
الجدير بالذكر أن مطالبات آخذة بالتصاعد في أوسط سياسية وشعبية تطالب الحكومة اللبنانية بالكشف عن المعيقات الحقيقية لانتهاء ملف العسكريين المخطوفين، لا سيما بعد اتهامات وجهها المسلحون عبر أهالي العسكريين بوقوف مسؤولين وحزبيين لبنانيين أمام إنهاء الملف بهدف استثماره سياسياً.