قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن اتفاقا أردنيا - إسرائيليا قيمته 15 مليار دولار أميركي، يقوم الأردن بموجبه بشراء
الغاز الطبيعي
الإسرائيلي، يواجه عقبات بسبب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، والذي يقول المسؤولون من كلا البلدين إنه قد يعمل على تأخير وربما إلغاء الصفقة.
وتشير الصحيفة إلى أن الأردن اتخذ هذا الشهر خطوة غير مسبوقة عندما استدعى سفيره من تل أبيب، بعد قرار قوات الأمن الإسرائيلية إغلاق المسجد
الأقصى، في محاولة لقمع التظاهرات التي اندلعت حول خطط إسرائيلية لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، والذي يعتبر والمقدسات الإسلامية تحت الوصاية الأردنية.
وهذه هي أول مرة يستدعي فيها الأردن سفيره منذ توقيع اتفاقية وادي عربة بين البلدين قبل 20 عاما.
وتذكر الصحيفة أن الجدل الذي يثار حول صفقة الغاز الإسرائيلية - الأردنية يظهر المخاطر الكبيرة التي تحيط بالعلاقات الثنائية الحساسة، حيث تتعاون الحكومة الأردنية مع إسرائيل في مجال الطاقة والمياه والغاز والأمن وقضايا أخرى، رغم النفور الشعبي الواسع من الدولة اليهودية وسياساتها تجاه الفلسطينيين.
ويبين التقرير أنه بعد قمة ثلاثية عُقدت في عمان الأسبوع الماضي بين الملك عبدالله الثاني، عاهل الأردن، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتفقوا فيها على سلسلة من الإجراءات، التي لم يعلن عنها، لتخفيف حدة التوتر في الأقصى.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أردنيين تأكيدهم أن صفقة الغاز التي وقعها الأردن، وتقوم بموجبها إسرائيل بنقل الغاز من حقولها في البحر المتوسط ولمدة 15 عاما، لا تزال قائمة، ولم تتأثر بالأحداث الجارية بعد.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم ذلك فالمسؤولون حذروا من أن أي تجدد في التوتر في المسجد الأقصى قد يعرض كل مجالات التعاون الاقتصادي للخطر، بما فيها صفقة الغاز، التي تنتظر مصادقة الحكومة عليها.
وينقل التقرير عن محمد المومني، وزير الإعلام الأردني، قوله إن "معاهدة السلام بيننا وبين الإسرائيليين تنظم كل مجالات العلاقات الثنائية، ومع استمرار التصعيد، فللأسف فإن كل أنواع التعاون والتنسيق ستتأثر".
وتلفت الصحيفة إلى أن شركة نوبل إنيرجي الأميركية وديليك دريلنيغ الإسرائيلية قد وقعتا على العقد، كأساس لمشروعهما، الذي تصل قيمته إلى 6.5 مليار دولار من حقل ليفياثان، مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية في أيلول/ سبتمبر.
ويبين التقرير أن وزير الطاقة الأردني أعلن قبل اندلاع المواجهات في المسجد الأقصى الشهر الماضي أن بلاده تسير باتجاه توقيع عقد الغاز بحلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. وسينهي العقد اعتماد الأردن على الغاز المصري المتقطع، ويخفف من فاتورته السنوية للطاقة، والتي تقدر بحوالي 1.4 مليار دولار أميركي.
وترى الصحيفة أن المعارضة للاتفاق تتزايد بين جماعات العمل المدني والسياسيين. فقد قال النائب يحيى محمد السعود، وهو رئيس اللجنة البرلمانية لفلسطين في مجلس النواب الأردني، "الأردنيون ليسوا مستعدين لقبول هذه الاتفاقية، وأفضل العودة لركوب الحمار، وتدفئة بيتي بالحطب قبل أن أفكر بقبول الغاز من إسرائيل".
وتفيد الصحيفة أن المتظاهرين رفعوا لافتات أمام شركة الكهرباء الوطنية الأردنية كُتب عليها "عقد الغاز الصهيوني". وقالت ريما عباد، واحدة من المتظاهرين، "لا يمكن الاعتماد على الإسرائيليين، فقد خرقوا كل العهود، وتعرف ما يجري في القدس والمسجد الأقصى". وأضافت "لا يمكننا تقديم المال لهم لدعم الاستيطان والاحتلال".
ويورد التقرير رأي المتظاهر المهندس فادي النشاشيبي، الذي قال: "نقوم ببناء محطة جيدة في العقبة بشكل يمكننا شراء الغاز المسال من أي مكان في العالم". ويقوم الأردن ببناء محطة في ميناء العقبة بشكل يسمح له بشراء الغاز المسال من قطر أو مكان آخر. لكن المسؤولين والمحللين يقولون إن الغاز الطبيعي الإسرائيلي يظل أرخص مصدر للطاقة بالنسبة للأردن.
وراقب الأردنيون بقلق صعود اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود الحاكم، الداعي لضم أراضي الفلسطينيين، وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
وتذكر الصحيفة أن الملك عبدالله الثاني استنكر في خطابه الشهر الماضي "السياسة الإسرائيلية من طرف واحد والإجراءات في القدس".
وتجد "فايننشال تايمز" أن ما يعقّد الموقف هو أن المملكة الأردنية الهاشمية هي الأمينة على الأماكن المقدسة، وهو بند في اتفاقية وادي عربة، حيث تؤثر الأحداث على الاتفاقية. ويقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في عمان إن الخلاف يسبب ضررا خطيرا للمعاهدة. مضيفا "إنها تؤثر على الأمن الأردني واستقراره ومصداقية الملك وشرعيته".
وتذهب الصحيفة إلى أن صفقة الغاز مهمة لإسرائيل، وتعلم المخاطر التي تواجه اقتصادها؛ بسبب الاضطرابات الحاصلة في القدس. فإسرائيل تريد الاستفادة من مخزون الغاز الطبيعي الذي اكتشف حديثا؛ لدعم النمو والاستثمار. ولكن المستثمرين عبروا عن مخاوفهم من المخاطر الإجرائية والسياسية.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى محاولة الشركاء في مشروع ليفياثان تقديم الصفقة الأردنية، بالإضافة إلى مشروع آخر مقترح مع مصر قيمته 30 مليار دولار لنقل الغاز إلى محطات تديرها مجموعة "بي جي" البريطانية لإقناع المستثمرين. ويقدم حقل تامار الأصغر، والذي بدأ عملية الإنتاج العام الماضي، نصف الدخل المحلي الإسرائيلي. وقال مصدر إن الإنتاج يسير بطريقة جيدة، ولكنه اعترف بالشكوك التي تخيم على الإنتاج بسبب القدس.