"هاد علمنا الرمز المقدس إلنا مارح نسمح لحدا يقرب عليه".. هكذا تصرخ الممثلة السورية سوزان نجم الدين بغضب تجاه من حاول أن يتعرض لعلمها السوري، وهي تصرخ بشعارات الوطنية والممانعة والمقاومة، رافعة علم أمريكا بجانب العلم الذي يعتمده النظام السوري. وتتحدث الممثلة السورية خلال تجمع في أمريكا، عن رفضها من أسمتهم "عملاء الخارج ولصوص الوطن"، في الوقت الذي يصفق لها جمهور من المؤيدين بحرارة، وهم يضمون العلمين بحب كرفيقي نضال، ويبكي الجميع بخشوع في حضرة "ابنة الوطن".
تقول نجم الدين: "حرية شو بدهم! حرية اليمن؟ ولا ليبيا؟ ولا العراق؟".. هذه الجملة التي تعيدنا إلى الجملة المشهورة لعناصر قوات النظام السوري: "هي هي الحرية يلي بدكم ياها؟" كأن صباغات "التشبيح" باتت واحدة مهما اختلف "المُشَبِحُ!
قبل ذلك بأيام، خرج الممثل السوري باسم ياخور على قناة الجديد اللبنانية، مؤكداً تأييده لبشار
الأسد، وقال بنبرة تحدٍ: "أنا مع الدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد".
وتكلم باسم ياخور الذي قدم لوحات مسلسل "بقعة ضوء" الساخر، الذي كان يلقي الضوء على الفساد المحدق بالدولة السورية في أدورا متعددة أتقن ياخور تمثيلها؛ عن واقعه المعجون بدماء الشهداء الصاخب بأصوات الموجوعين المكتظ بآلام اللاجئين والنازحين، ليتحدث عن رفضه "الدخلاء" على بلاده، مشيداً بإنجازات "الجيش الوطني الذي حقق بطولات خارقة في حمص وريف دمشق وحلب"، لكنه تجاهل البراميل المتفجرة التي تنهال على رؤوس أهالي حلب، وحصار الموت والجوع في حمص، ورائحة الكيماوي التي لا تبعد كثيراً عن منزله في دمشق.
وفي هذا السياق، نشرت منذ أيام على صفحات التواصل الاجتماعي صورة للممثلة السورية سلاف فواخرجي، وهي ترتدي الزي العسكري مع أبنائها، في إشارة واضحة منها إلى وقوفها ومساندتها للنظام السوري، بعد أن كانت قد صرحت مراراً في برامج تلفزيونية عن مساندتها قلباً وقالباً للأسد وجيشه، ووقوفها في وجه من أسمتهم "الإرهابيين ومن يدعمهم" من الناس العاديين أو
الفنانين المؤيدين للثورة، كالمطربة السورية أصالة نصري، إذ شنت فواخرجي على نصري عدة حملات وانتقادات كلامية على العلن نتيجة لموقفها المؤيد للحرية.
وأثارت هذه التصريحات والصور غضب الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصف الكثير من المتابعين والمغردين هؤلاء
الممثلين بـ"
الشبيحة"، واتهموهم بـ"الانتهازية" و"استغلال ألم الشعب المكلوم للوصول إلى مصالحهم الشخصية"؛ إذ عقّب "صالح" على موقف الممثل دريد لحام بأن "أعماله الفنية كلها كانت تتحدث عن كرامة مهدورة وحقوق مستباحة، إلا أنه في النهاية كان حقاً ينقصه شوية كرامة"، في إشارة إلى عبارة كان يكررها لحام في مسرحياته التي اشتهر فيها باسم "غوار".
ولم يقتصر "التشبيح" من ممثل على شعب، بل بات ضمن العائلة الفنية نفسها. فعارف الطويل، الممثل السوري الذي شارك في لوحات مسلسل مرايا الساخر، كان أعلن وبشدة تأييده للأسد، ووصف مؤيدي الثورة بـ"الإرهابيين"، بينما كان ابن عمه الفنان جلال الطويل في مقدمة المظاهرات مع انطلاق الثورة، وشارك في نشاطاتها خارج البلاد ليعلن بملء صوته أنه مع الحرية ومع الثورة.
ويعمد النظام السوري في كل فترة إلى إظهار هذه الفئة التي كانت تتمتع بشعبية، لكنها تقلصت بوضوح بعد مرور أربع سنوات من عمر الثورة؛ على أنها داعمة له. ولم يعد الدعم يقتصر عنده على عدة مسيرات تتجول داخل العاصمة دمشق، أو على عروض عسكرية لجيشه في البلدات المحاصرة، أو على برامج تلفزيونية تكشف خيوط المؤامرة الكونية، بل بات يبعث بهؤلاء الممثلين مندوبين وسفراء خارج البلاد، وظهرت هذه الفئة في واد آخر بعيداً عما كانت تجسده من مشاهد تمثيلية، تبين أنها ما كانت سوى مادة تجارية على شاشات التلفاز.