لم يعد "تشبيح" عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" التابعة للنظام السوري يقتصر على التجوال داخل مدينة
دمشق بسياراتهم مع رفع صوت الأغاني الطائفية، بل تعداه إلى
خطف الفتيات أمام أعين المارة، على حد قول الناشط في المكتب الإعلامي في دمشق "كريم الشامي".
وقال الشامي في حديث خاص لـ"عربي21"، إن "سيارة أمنية فيها رجال مسلحون من الدفاع الوطني، يتجولون متباهين بسلاحهم في الحي وعلى مرأى ومسمع التجار وأهالي شارع الجزماتية في حي الميدان بقلب العاصمة دمشق، اقتربوا من سيدة تمشي في الشارع وحاولوا التحرش بها وإجبارها على الصعود معهم إلى السيارة".
يتابع: "لم يستطع أحد من المتفرجين أن يقترب خطوة واحدة، إلا أن السيدة ركضت مسرعة بكل ما فيها من طاقة تحاول الهرب منهم، تفلت السيدة منهم وتعلو أصوات الضحك من سيارة المسلحين ويكملون تمخترهم في الشارع، وكأن شيئاً لم يحدث".
ويؤكد كريم الشامي عن تفشي هذه الظاهرة بشكل ملحوظ في شوارع دمشق، خاصة في الميدان ونهر عيشة والتضامن والمزة، الأمر الذي سبب حالة هلع كبيرة بين سكان العاصمة دمشق، لا سيما أن مصير المخطوفين لا يعرف، بينما من المؤكد أنه يتم نقلهم إلى المناطق المؤيدة للنظام، كالمزة 86 وعش الورور وجرمانا ضاحية الأسد وحارة الجورة في الميدان، حسب تقديره.
ويضيف الشامي أن الأمر لم يعد يقتصر على اختطاف الفتيات، بل صار يمتد إلى اختطاف الشباب من ذووي الأسر الميسورة مادياً ورجال الأعمال، ثم الاتصال بأهاليهم ومطالبتهم بمالغ مالية هائلة، كما حدث في البرامكة والمزة.
وتقوم حواجز النظام المنتشرة في شوارع العاصمة دمشق بتسهيل هذه العمليات، "ولولا ذلك لرأينا على الأقل مراقبة في ظل الانتشار الأمني الكبير لها"، كما يتحدث الشامي.
في الجهة الأخرى من دمشق، وإلى الشمال قليلاً حيث حي برزة الدمشقي الخارج لتوه من هدنة مع النظام، استفاق السكان الأسبوع الماضي على خبر اختفاء إحدى فتياته وسط ازدحام مروري في الحي.
الشابة "رؤى" (اسم مستعار)، كانت تخرج كل يوم إلى عملها في الحي منذ الصباح الباكر وتعود مساء، إلا أنه فقد الاتصال بها منذ ظهيرة ذلك اليوم، الأمر الذي سبب حالة من الهلع في الحي.
ويذكر سامر، أحد نشطاء الحي، أن الحرب خلقت حالة من الفوضى في البلد وباتت بيئة خصبة لتجار الأزمات، إذ إنه وفي بعض الأحيان يقوم بعمليات الخطف أو الاغتصاب رجال استغلوا حالة الفوضى لتحقيق مطامعهم الشخصية، بينما يحاول البعض خلق حالة من التوتر وإثارة الفتنة بين الأحياء المجاورة لبعضها، كما حدث مع اختطاف فتاة من حي برزة رداً على اختطاف فتاة أخرى من حي القابون.
ولا يتم التعرف في كثير من الأحيان على الجهة الخاطفة نتيجة انتشار عصابات الفاسدين في دمشق والمستفيدين من الأزمة المنتشرة هناك، إذ من المتوقع ألا يكون غرض الاختطاف في كثير من الأحيان سياسياً، حيث يكون الدافع أحيانا تصفية حسابات بين أشخاص، أو محاولة لبث الرعب في منطقة ما، لكن بعض الحالات التي عاد المختطفون فيها إلى أهليهم تبين أن النظام يقف وراءها، بينما كان لتجاور الأحياء المؤيدة والمعارضة إلى جانب بعضها دور كبير في حالات الاختطاف والانتقام.
من جهة أخرى، يحذر الكثير من الأهالي من ركوب سيارات التكسي بشكل منفرد، ويحثون على الحذر أشد الحذر، حيث يقوم الكثير من سائقي التكسي المأجورين من قوات النظام باستدراج الفتيات إلى أماكن بعيدة واغتصابهن أو أخذهن للحصول على فدية.
هذا الأمر سبب تخوفاً كبيراً لدى الدمشقيين، بل ودفع الكثيرين منهم إلى الامتناع عن إرسال بناتهن إلى المدارس أو الجامعات إلا برفقة أحد أفراد العائلة من الذكور، بينما قامت السيدة "أم سعيد" بالامتناع عن إرسال ابنتها في المرحلة الثانوية إلى المدرسة بشكل نهائي خشية تعرضها للخطف أو التحرش.