وصف مقال وزعته منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان، بشار
الأسد بأنه كاذب، مشيرة إلى أن رده بطريقة فكاهية حين سؤاله عن مسألة
البراميل المتفجرة يعود إلى أنه أفلت من العقاب على الجرائم التي ارتكبها خلال السنوات الماضية.
وجاء المقال تعليقا على ما أدلى به الأسد خلال مقابلته مع محطة "بي بي سي"، حينما سأله المراسل جيرمي بوين عن البراميل المتفجرة التي تُقصف بها المدن السورية بلا تمييز، حيث قال الأسد ضاحكا: هذه قصة طفولية.. أنا أعرف الجيش، والجيش يستخدم الرصاص والصواريخ والقنابل. لم أسمع عن جيش يستخدم البراميل أو أواني الطبخ".
ويقول كاتب المقال فيليب بولوبيون: "بالطبع، لا يتعلق السؤال بما إذا كان الأسد يكذب، فهو يكذب دون مجال للتشكيك. بل إن السؤال هو لماذا يجد لنفسه الحق في استعراض روح الدعابة بهذا الشكل الفاحش؟" ويتابع بولوبيون مجيبا: "السبب بسيط: فقد أفلت الأسد من العقاب على جرائم مهولة طوال عدة أعوام. فالمعركة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضاً باسم داعش)، المعركة التي تشغل القوى الغربية، قد وفرت له تلهية مناسبة تماماً، إذ أتاحت له مواصلة القتل بغير مضايقات".
وفيما يلي نص المقال الذي كتبه بولبيون ووزعته هيومن رايتس ووتش باللغتين العربية والانكليزية الثلاثاء:
ما أحفل الأمر بالمغزى، حين يتجرأ زعيم أمة من الأمم على تقديم رد فكاهي عند سؤاله على التلفاز عن سلاح مميت، مسؤول عن قتل وتشويه الآلاف من مواطنيه.
في مقابلة للبي بي سي تم بثها اليوم، سُؤل بشّار الأسد، رئيس
سوريا الذي كان يبدو واثقاً من نفسه، عن استخدام قواته للقنابل البرميلية، أو براميل النفط المحشوة بالمتفجرات والشظايا المعدنية، التي تُلقى من المروحيات الحائمة على ارتفاعات كبيرة لتجنب النيران المضادة للطائرات. إنها أسلحة عديمة التوجيه، ورخيصة وفتاكة.
ورد الأسد بابتسامة عريضة: "هذه قصة طفولية"، عندما سأله محرر البي بي سي لشؤون الشرق الأوسط، جيريمي براون، عن استخدام تلك الأسلحة.
فسأل براون: "ألا تنكر أن قواتك تستخدمها؟".
فرد الأسد، ببديهة حاضرة فيما يتخيل: "أنا أعرف الجيش، والجيش يستخدم الرصاص والصواريخ والقنابل. لم أسمع عن جيش يستخدم البراميل أو قدور الطهي".
على مدار السنوات الأخيرة انهمرت البراميل المتفجرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، على طوابير المخابز، وعلى المنازل، وعلى المدارس، وعلى المستشفيات. وقتلت وجرحت المئات من الرجال والنساء والأطفال بأعداد أكبر من الأسلحة الكيماوية التي وجدت دعاية أكبر، والتي اضطر الأسد للتخلص منها.
في تموز/ يوليو من العام الماضي، في تل رفعت، حكت شابة لباحثي
هيومن رايتس ووتش عن شعور الطرف المتلقي للبراميل المتفجرة: "كنت أنام بجوار زوجي حين استيقظت ورأيت حجارة فوقي... توفي ابني الذي يبلغ من العمر عامين، وجرح زوجي جراء الشظايا... أذكر رؤية جثمان ابني على مسافة بعيدة عن فراشه".
وبالطبع، لا يتعلق السؤال بما إذا كان الأسد يكذب، فهو يكذب دون مجال للتشكيك. بل إن السؤال هو: لماذا يجد لنفسه الحق في استعراض روح الدعابة بهذا الشكل الفاحش؟
السبب بسيط: فقد أفلت الأسد من العقاب على جرائم مهولة طوال عدة أعوام. فالمعركة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضاً باسم داعش)، المعركة التي تشغل القوى الغربية، قد وفرت له تلهية مناسبة تماماً؛ إذ أتاحت له مواصلة القتل بغير مضايقات.
ومنذ عام تقريباً، كان قرار مجلس الأمن الأممي رقم 2139 يطالبه بوقف "الاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف والقصف الجوي، من قبيل استخدام البراميل المتفجرة".
لكن بفضل الدعم الروسي والصيني الراسخ لدمشق، لم يفعل مجلس الأمن الأممي شيئاً لتنفيذ القرار، ولا حتى حظر توريد السلاح الذي من شأنه حرمان المروحيات السورية من عمليات الصيانة.
وهكذا تسنى للأسد أن يلهو بالقنابل البرميلية، بينما يموت السوريون.