وعد النظام السوري سابقا أهالي مدينة
المعضمية بفتح طريق الإمدادات الغذائية أمامهم وإعادة الخدمات الأساسية للمدينة، مقابل رفع علمه داخل مدينتهم. وافق الأهالي، لكن النظام نكث بوعوده بعد فترة قصيرة. ثم عاد الأسبوع الماضي ليساومهم على غذائهم مقابل السماح لتلفزيونه بتصوير مشاهد من داخل المدينة، لكن الفريق التلفزيوني واجهته مظاهرات ترفع علم الثورة السورية وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين.
وكان اتفاق "
هدنة" قد تم التوصل إليه في المعضمية في كانون الأول/ ديسمبر 2013، بعد نحو سنة من
الحصار الخانق، وبعد نحو أربعة أشهر من تعرض المدينة مع مناطق أخرى في الغوطتين الشرقية والغربية لهجوم بالأسلحة الكيماوية من قِبل النظام السوري.
وبموجب الاتفاق، تم رفع علم النظام السوري على خزان المياه في المدينة، وهو أعلى نقطة فيها، مقابل وعود من النظام بالسماح بإدخال المواد التموينية وإطلاق المعتقلين، لكن دون دخول قوات النظام إليها، حيث بقيت تحت سيطرة الجيش الحر.
ورغم توقف القتال، إلا أن الأهالي يقولون إنه سُمح بإدخال كميات محدودة من الاحتياجات الأساسية، كما لم يف النظام السوري بوعوده بشأن المعتقلين من أبناء المدينة. ويقول نشطاء إن النظام عاد وفرض الحصار بعد نحو شهر من "الهدنة"، كما استهدف قناصته المدنيين في المدينة، فيما سعى لاحقا إلى فصل المعضمية عن شقيقتها داريا التي لم يستطع النظام عقد اتفاق مماثل فيها وما زالت تشهد معارك مع استمرار محاولات النظام لاقتحامها.
وفي 16 شباط/ فبراير الجاري، دخل فريق من تلفزيون النظام إلى المدينة في
الغوطة الغربية للتصوير، بعد اتفاق مع المجلس المحلي للمدينة عبر ما يسمى بـ"لجنة المصالحة"، يُسمح بموجبه إدخال بعض المواد الأساسية مثل الغذاء والغاز وإعادة التيار الكهربائي. لكن كاميرات التلفزيون خرجت دون أن تتمكن من تصوير أي شيء يخدم النظام السوري، حيث واجهتها مظاهرات ترفع علم الثورة السورية، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين. ورفع المتظاهرون لافتات بينها "حريتكم من هدنتنا".
وتأتي محاولة التصوير هذه ضمن محاولات النظام لإظهار سيطرته على المدينة، لكنه لم يحصل على ما أراد، حسب نشطاء من المعضمية أكدوا أيضا أن من وافق من السكان التحدث للتلفزيون عبّر عن مطالب المدينة التي أطلقها المتظاهرون.
ونشرت "تنسيقية معضمية الشام" على صفحتها على الفيسبوك صورا لتحرك الأهالي بالتزامن مع دخول فريق التلفزيون، مع تعليقات بينها أن "المشهد في الصورة يُخبر الجميع عن الهزيمة التي مني بها أبواق الإعلام وخرجوا من المدينة كما دخلوها أذلاء". وقالت في تعليق آخر: "هذا ما وجده الطاقم الإعلامي التابع لنظام الإجرام.. وجدوا وسمعموا في المدينة أصواتا تصدح بالمعتقلين تطالب بحريتهم وكرامتهم التي من أجلها أدخلوا السجون".
وردا على على فشل النظام في تصوير مشاهد تخدمه، قامت قواته بإعادة إغلاق مدخل المدينة، ومنعت الدخول والخروج إلا لمن يحملون تصريحا خاصا، مثل الطلاب والموظفين، شرط عدم إحضار أي مواد تموينية أو خبز أو أدوية أو أي مواد أخرى معهم حين الدخول. وبالتزامن مع ذلك، تعرضت المدينة للقصف بعدد من قذائف المدفعية، وتبع ذلك محاولات لاغتيال ثلاثة من قيادات الجيش الحر في المدينة.
والأحد، ذكرت "تنسيقية معضمية الشام" أن المدينة التي يتجاوز عدد سكانها 40 ألفا لا تزال مغلقة تماما، وحذرت من نفاد مخزون المواد الغذائية والمحروقات وغاز الطهي، مع ارتفاع أسعار المواد بشكل عام. وقالت إن المدينة تحوي 5 محلات فقط لبيع المواد التموينية، واضطر بعضها لإغلاق أبوابه.
وكانت مظاهرات قد خرجت في المدينة نهاية الشهر الماضي للتعبير عن غضب الأهالي إزاء عدم التزام النظام السوري بوعوده ضمن اتفاق "الهدنة"، لا سيما بالنسبة لقضية مئات "الرهائن"، في إشارة إلى المعتقلين في سجون النظام.
ولادات مشوهة بسبب الكيماوي:
من جهة أخرى، ارتفع عدد الولادات المشوهة في المدينة بسبب الأسلحة الكيماوية إلى ثماني حالات، مع ولادة طفل مشوه يوم الاثنين الماضي في المركز الطبي في المدينة، لكنه توفي بعد نحو ساعتين، بحسب ما أورده اتحاد تنسيقيات الثورة السورية. إضافة إلى ذلك، تم توثيق عشرات حالات الإجهاض للسبب ذاته.
وتأتي هذه الحالات بسبب تعرض الأمهات للغازات الكيماوية التي قصفت بها المدينة في آب/ أغسطس 2013، ضمن هجوم كبير استهدف مناطق الغوطتين الشرقية والغربية، وأدى إلى مقتل مئات المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء.