عندما استهول أصدقاء أميركا كلام وزير خارجيتها جون
كيري في مقابلته مع شبكة "سي بي اس" الاميركية على هامش المؤتمر الاقتصادي في مصر، عن "الاضطرار في نهاية المطاف" الى التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد على الانتقال السياسي في سوريا، اضطرت الادارة الاميركية الى اصدار سيل من التصريحات التي توضح لهؤلاء الاصدقاء والحلفاء، ولا سيما منهم فرنسا وبريطانيا وتركيا، ان تصريح كيري لا يعني ان ادارة الرئيس باراك أوباما لم تغيّر موقفها القائم على ان الاسد فقد شرعيته كحاكم وان ما قصده وزير الخارجية كان التفاوض مع النظام في سوريا وليس مع الاسد.
وهنا ينقسم خصوم سوريا حيال هذه النقطة أيضاً. بينهم من يجادل بأنه يجب التخلص من النظام والاسد معاً مثل تركيا وقطر تدعمهم فرنسا وبريطانيا، وبينهم من يفرق بين النظام والاسد، وهناك فئة حتى في
المعارضة السورية الخارجية تقول بذلك بوحي أميركي ودعم من المانيا وايطاليا ودول اوروبية أخرى. وبخلاف قطر وتركيا، فان السعودية تؤيد نظرية التفريق بين النظام والاسد، في حين ان الموقف المصري بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم من هذه المسألة غامض وهي تتجنب
الخوض في هذه المسألة وتركز على ضرورة منع تقسيم سوريا ومحاربة الجماعات الارهابية فيها.
وأصلاً تبدو فكرة التفريق بين النظام والاسد عملية مصطنعة، وفيها الكثير من الالغاز. ولا يرمي القائلون بها إلاّ الى اخفاء موقفهم التراجعي من عملية اسقاط النظام السوري ككل خلال أربعة أعوام ونيف من الحرب المدمرة. ولأن هؤلاء يستهولون القول ان الحل في سوريا يمرّ عبر الاسد على ما قال المبعوث الخاص للامم المتحدة ستيفان دو ميستورا، فانهم يلجأون الى التخفيف قولاً مما يعتقدون فعلاً. ويجد أصحاب نظرية التفريق بين النظام والاسد، مخرجاً لتراجعهم عن مواقف سابقة كانوا يتمسكون بها تقوم على اسقاط النظام السوري برمته. وعندما ظهرت استحالة تحقيق ذلك بظهور الجهاديين، الذين كانت غاية ارسالهم الى سوريا وتمويلهم من تركيا والخليج وغض النظر عنهم أوروبياً وأميركياً، التعجيل في اسقاط النظام، بدأ يبرز الحديث عن "الحل السياسي" في سوريا، ولكن لحفظ ماء الوجه، يضيف اليه البعض عبارة من دون الاسد. في حين أن البعض الآخر الأكثر واقعية والراغب فعلا في وضع حد لنزف الدم، بدأ يقول باستحالة التوصل الى حلّ سياسي من دون
الأسد.
ولكن الى ان تصل المعارضة السورية في الخارج ومعها داعموها الاقليميون والدوليون الى هذا الاقتناع، تستمر الحرب في سوريا على البقية الباقية.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)